تعتبر الأسواق المالية في العصر الحديث محور اهتمام الاقتصاديين وشغلهم الشاغل، فمن خلالها يتم تداول رساميل كبرى الشركات في البلد وبالتالي تعتبر (ترمومتر) اقتصاد هذا البلد والمرآة التي تعكس حقيقة وضعه ومدى نشاطه وأداة لتقويمه، وانطلاقاً من هذه الأهمية العظيمة تسعى الدول إلى الرقابة والإشراف على عمل هذه الأسواق منعاً لحدوث التلاعبات من قبل بعض المتعاملين في السوق كما حدث في أزمة نمور آسيا (على سبيل المثال) في نهاية القرن الماضي والتي أدت إلى انهيار أسواق دول جنوب شرق آسيا وأضرت بشكل كبير باقتصادياتها. وفي عصرنا الحالي كشفت الأزمة المالية العالمية سوء عملية إدارة الأسواق المالية بسبب توجهات وأيديولوجيات القائمين عليها خاصة في الولايات المتحدة الذين كانوا يعتقدون أن السوق قادر على أن يحكم نفسه وأن يصحح نفسه بنفسه، إلا أن التجربة أثبت عدم صوابية هذه الأفكار، واعترف أصحابها بخطئهم بعدما حصل الذي حصل.

تعد المشتقات  المالية عملية تطويرية انطلاقا من الدور الذي تؤديه في تنشيط البورصات المالية العالمية، وكذا بوصفها ابتكارات جديدة في المؤسسات الاستثمارية بصورة عامة. فضلاً عن الأثر الذي أحدثته في التفكير الإستراتيجي للمؤسسات المالية والمصرفية وظهور الأسواق المالية الناشئة والمراكز المالية العالمية.

وتعد أدوات الهندسة المالية والتي تعطي المستثمر فيها فرصة مهمة لتقليل  المخاطر التي يتعرض لها من خلال استبدال موجود معين بموجود آخر بسعر محدد وفي موعد أو قبل موعد محدد في المستقبل، حيث تساهم في تيسير عمليات التداول في الأوراق المالية المتنوعة (أسهم، سندات، أسعار الصرف، وغيرها) لغرض الاستثمار، المضاربة والتحوط من تقلبات السوق .

وتنشأ الحاجة للهندسة المالية والمشتقات المالية  إما استجابة لفرص استثمارية وفقا لتطلعات المستثمرين والمؤسسات معاً، أو للتعامل مع قيود المنافسة الدولية، ودرء للمخاطر واللايقين المحيط بالأنشطة الاستثمارية، وهي في ذلك تعتبر من أدوات التحوط المالي Financial Hedging. وتتحدد مقاصد الهندسة المالية وفقا للحالة التي تواجه المؤسسة المعينة(Elbashir,2002:3).

الهندسة المالية ، ذلك المصطلح المشتق من الكلمة الإنجليزية((Engineering والمعروفة عامة بأّنها مجموعة الأنشطة الفكرية التي تساهم في تصميم العمل بطريقة عقلانية وعملية مع ضمان تكامل مختلف التنظيمات التي تساعد على تحقيقه. فظهور الهندسة المالية(Financial Engineering)  كمفهوم جديد في عالم المال، بشقيه العلمي والأكاديمي في السنوات الماضية، أتاح إمكانية استعمال أكثر من عائد من الصفقات اليومية للأدوات المالية. وبذلك فقد أصبحت الهندسة المالية عملية تطويرية، إذْ أنّه لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الذي تؤديه في تنشيط البورصات المالية العالمية، تحقق ابتكارات جديدة تساعد المنشآت الاستثمارية بصفة عامة فضلاً عن الأثر الذي أحدثته في التفكير الإستراتيجي للمنشآت المالية والمصرفية وظهور الأسواق المالية الناشئة والمراكز المالية العالمية.

لذا فالمشتقات المالية (الهندسة المالية) وأدواتها  تمتلك القدرة على تخفيض كلف النشاطات القائمة والتقليل من مخاطرها، وتجعل من الممكن تطوير منتجات وخدمات وأسواق جديدة (236:(Tufano,1998.

والهندسة المالية بذلك تعتبر منهجاً لنظم التمويل المعاصرة يهدف إلى تحقيق الكفاءة في المنتجات المالية المعاصرة وتطويرها في ظل الاحتياجات المالية والتي تتصف بأنها متجددة ومتنوعة.