لقد شهد العالم تحولات كبيرة في تكنولوجيات الاعلام والاتصال ومختلف المجالات العلمية والتقنية الأخرى تمخض عنها تغيرات طالت حياة الأفراد والمجتمعات في كل أبعادها، وقد كان لتوسع شبكة الأنترنتInternt  الأمر الباز في تلك التغيرات من خلال الربط تارة والفصل تارة أخرى بين أجزائه، كنتيجة حتمية لاختزال عاملي الزمان والمكان time and space factors مما سمح للأفراد بالتواصل وطرح الأفكار والتعريف بمختلف الثقافات من جهة وإبراز التناقضات والصراعات من جهة أخرى. إن الانفتاح عبر وسائط الاعلام الجديد New Mdia، التي أحدثت ثورة في المحتوى الاعلامي من خلال رفع الضوابط الرقابية وتحرير صيورة إنتاج المضامين الإعلامية، الأمر الذي أدى إلى التعجيل باستنبات جملة من التحولات على مستوى المعايير الاجتماعية Social Norms  والأنماط الحياتية، إضافة إلى تغييرات محسوسة في بنية العلاقات الفردية والاجتماعية، مما جعل تلك الوسائط تبدو محكا مستما لهذا المجتمع المعاصرContemporary Society و أحد أهم فواعيل صياغة الوعي الفردي والجمعي لما تحمله من أفكار وتوجهات ومضامين يصعب فرض رقابة عليها، وهو الأمر الذي أعطى شعورا واضحا بقدرات هذا الأخير على التأثير في القيم بأبعادها الروحية والنفسية والاجتماعية والثقافية والسياسية والجمالية.

هذا وقد أصبحت منظومة القيم Value System راهنا من أهم القضايا التي يتم إثارتها وبحها جرا إفرازات المشهد التكنولوجي Tehnological Landscape الذي نعيشه اليوم، فآثار الاعلام الجديد قد أضحت ظاهرة للعيان Visible على القيم والبنى الاجتماعية وأنساقها المختلفة، وخصوصا النسق القيمي للأفراد والمجتمعات، لما أحدثه الاعلام الجديد من تجاذبات على مستوى القيم بين المحلي والعالمي وبين المادي والروحي وبين الرمزي والواقعي، وبين الأصيل والدخيل…الخ ومن منطلق أن القيم ليست منفصلة عن الواقع وإنما هي ماثلة في الأذهان، ظاهرة في الأعيان تعكس حقائق تبر عن التدافع القام بين الواقع والخيال، على حد تعبير الدكتور عبد الرحمن عزي في طرح نظريته “الحتمية القيمية في الاعلام”.

وبالقدر ذاته فإن التأثير Impact  في المنظومة القيمية لا يحمل دائما الصبغة السلبية، فالإعلام الجديد بما يحمله من تأثيرات يمكن أن يكون وسيلة لتعزيز القيم وترقيتها في الممارسة وعلى مستوى البنى الاجتماعية Social Structure وبالتالي الحفاظ وصون وحدة المجتمع من الصراعات والتفككات، وتظهر قوة القيمة Value في التفاعل مع الآخر، إذ لا يكون هذا التواصل فاعلا إلا من خلال تبني هذا الاعلام الجديد للمنظومة الأخلاقية المتجددة والمسايرة لما يعتمل داخل رحم الثقافة العالمية، فتكون طبيعة الاستخدام the nature of usage هي الفيصل في هذا الأمر، وضمن هذا المنحنى فإنه لا يمكن إنكار الأبعاد التأثيرية للإعلام الجديد على القيم والمنظومة المجتمعية ككل، فما هي طبيعة تأثيرات الإعلام الجديد في المنظومة القيمية للمجتمع؟ وما هي مسلكية حدوثه؟ وما هي انعكاساته على الفرد والمجتمع؟

هذه الأسئلة وأخرى سنحاول مقاربتها والاجابة عنها، حيث جاء هذا المؤلف الموسوم ب: الاعلام الجديد والمنظومة القيمية(التحديات والرهانات المستقبلية)، كاستجابة معرفية ملحة للأسئلة القيمية والمجتمعية في ظل الثورة التكنولوجية التي نعيشها، وما تطرحه هذه الثورة من تحولات وتغييرات على مستوى مجتمعاتنا العربية والاسلامية، وقد سعى هذا القبس العلمي إلى مقاربة جدليات العلاقة بين الإعلام الجديد والمنظومة القيمية بالإتكاء على التراث الابستمولوجي لنظرية الحتمية القيمية.

إذن ومن هذا المنظور نسعى من خلال هذا الكتاب إلى مقاربة النظمالأخلاقية القيمية في المجتمعات بالنظم الاعلامية القامة في المجتمعات المعاصرة، فيقراءة معمقة للبروفسور عبد الحمن عزي، عنونها ب: النظامالأخلاقيوالنظامالإعلامي: قراءةفيالاتجاهاتالمعرفيةالمعاصرةودراسته لمختلف النظريات الاعلامية الكلاسيكية والمعاصرة،يلي ذلك دراسة للدكتورة نجلاء الجمال، عنونتها ب: دورالإعلامالجديدفيتغييرالمنظومةالقيميةلدىالشباب: دراسةتطبيقيةعلىالشبابالمصري، توضح فيها تلك العلاقة بين الاعلام الجديد كمتغير جديد في المجتمع المصري وكيف أثر على المنظومة القيمية لدى شبابه، يطرح الدكتور نور الدين لبجيري قضية هامة في دراسة عنونها ب: تأثير كثافة التعرض لبرامج الجريمة والعنف على المنظومة القيمية:دراسةمنوجهة نظر الطلبة الجامعيين، حيث يربط بين نسبة التعرض المكثف للبرامج العنيفة في وسائل الاعلام وكيف أثرت على المنظومة القيمية لدى المتلقي لهذه المضامين،يتجه البروفسور عبد النبي عبد الله الطيب إلى عنصر الخصوصية في مواقع التواصل الاجتماعي وكيف يتم اختراقها في ظل التطور الراهن لتكنولوجيات الاعلام والاتصال الحديثة من خلال دراسته الموسومة ب:اتجاهات الشباب السودانين حو استغلال وسائل التواصل الاجتماعي في انتهاك خصوصيةالأفراد (دراسةتطبيقيةعلى مجموعة من مستخدمي برامج التواصل الاجتماعي)، يلي ذلك طرح هام بين جدلية القيمي واللاقيمي في مواقع التواصل الاجتماعي في دراسة ثناية للدكتور بدر الدين زواقة و الأستاذة شهرزاد سوفي،عنوناها ب:الاستخدام القيمي واللاّقيميلمواقع التواصل الاجتماعي(الفيسبوكأنموذجا)، بعدها يقدم الدكتور محمد شبري بحثا هاما عنونه ب:الإعلام الجديدفي ظل مفهوم الواجب الأخلاقي، أين يسلط فيه الضوء على المسؤولية الأخلاقية في ضوء الاعلام الجديد، أما الدكتور أحسن خشة فيفسر الاستخدام القيمي لشبكات التواصل الاجتماعي حسب معاني الحكم العطائية من خلال دراسته الموسومة ب: الاستخدام القيمي لشبكات التواصل الاجتماعي في ضوء معاني الحكم العطائية، بينما اختار الدكتوران إيمان متولي ومحمد عرفات نظرية الحتمية القيمية كمقاربة لبحثهما المعنون ب: وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في تعزيز قيمة الثقافة لدى الشباب وفقا للتراث الابستمولوجي لنظرية الحتمية القيمية، ، يقدم الدكتور محمد فتحي خليفة دراسة حول:  القيم في الأفلام الإشهارية الجزائرية: دراسة تحليلية سيميولوجية للفيلم الإشهاري “دجيزي good، من خلال دراسة سميولوجية تحليلية للقيم في الخطابات الاشهارية الجزائرية، أين اختار إشهار Djezzy Good كأنموذج للتحليل والتأويل، أما الدكتور أشرف فاتح الزعبي فقد قدم دراسة بعنوان: دور الإعلام في تغير المنظومة الأخلاقية لفئة الشباب في العولمة الإعلامية الجديدة، حيث فسر فيها كيف أضحت وسائل الاعلام الجديدة تغير من المنظومة الأخلاقية لفئة الشباب خصوصا، بينما تقدم الأستاذة خيرة مكرتار قراءة في تأثير وسائط الميديا الجديدة على البنيات اللغوية للفرد د الجزائري من خلال بحث عنونته ب: المنظومة اللغوية للفرد الجزائري في ظل الإعلامالجديد، ثم يلي ذلك بحث لد العربي بوعمامة و الباحثة

فاطمة دريدي حول: أثر شبكات التواصل الاجتماعي على التغير القيمي للشباب الجامعي ( الفيسبوك أنموذجا)وقد رصدت من خلاله مختلف التغيرات والسلوكات القيمية التي طرأت على طلاب الجامعات بعد استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعي، تقدم بعد ذلك الأستاذة ابتسام حمديني دراسة بعنوان: البعد القيمي لعملية التسويق الإجتماعي عبر مواقع التواصل الإجتماعي، تشرح فيها مراحل عملية التسويق الالكتروني وعلاقتها بالبعد القيمي للمتصفح،، ثم يقدم بعد ذلك الدكتوران سعيداني سلامي و ليلى فقيري بحثا موسوما ب: وسائل الإتصال الجديد وظاهرة انتهاك خصوصية المجتمع التفاعلي: رؤية استشرافية نحو أخلاقيات التفاعل، أين يسلطان الضوء على ظاهرة انتهاك الخصوصية في مواقع التواصل الاجتماعي وبعدها القيمي في إتيكات التفاعل والتواصل، بينما تتطرق الأستاذة خديجة طوبال في دراستها المعنونة ب:دور القنوات الإخبارية في تشكيل مخيال إعلامي حول قضية تعديل قانون الأسرة لدى النخبة الجامعية لولايات الغرب الجزائري: قناة النهار الإخبارية،إلى دور الاعلام الكلاسيكي في تشكيل المخيال الاعلامي لدى النخبة الجزائرية حول قضية تعديل قانون الأسرة،ليقدم لنا الأستاذ يحيى تقي الدين قراءة لدور وسال الاعلام الجديد في تكوين المخيال الاعلامي بالمنطقة العربية من خلال دراسته المعنونة ب: الإعلام الجديد وصناعة المخيال الإعلامي دراسة لدور الإعلام الجديد في التحولات الراهنة بالمنطقة العربية،

د. العربي بوعمامة  الاعلامي

المنسق العلمي لكرسي  عبد الرحمن عزي  للتنظير  الاعلامي