غموض ممزوج بالإثارة وشغف قد ينتابك أخي القارئ وأنت تحمل هذا الكتاب وتردد في عنوانه سرعان ما يتبدد هذا الشعور بغوصك شيئا فشيئا في الصفحات ويجعلك أمام وثائق، شهادات أو مهما تنوعت المصطلحات فإنها تستقر في الأخير على ” صكوك الاستثمار”  الاسم المتفق عليه لدى هيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية ” الأيوفي” تمييزا لها عن باقي الأدوات المالية الأخرى ضمن صناعة مالية تراعي الضوابط الشرعية، الأخيرة تقترب شيئا فشيئا من قرنها الأول بعد اكتشاف الباحث الجزائري “عبد الرزاق بلعباس” مقالة سنة 1928م لشيخ “إبراهيم أبو اليقضان بعنوان (حاجة الجزائر إلى مصرف أهلي) قد نشر في صحيفة واد ميزاب بنادي الترقي لجمعية العلماء المسلمين، حيث تطرق بدوره الباحث لهذه الوثيقة التاريخية عبر مقال بمجلة دراسات اقتصادية إسلامية العدد الثاني ضمن المجلد التاسع عشر، تحت عنوان (صفحات من تاريخ المصرفية الإسلامية ).

إن أهم منتج للصناعة المالية أو بالأحرى الهندسة المالية الإسلامية تعرف بــ” صكوك الاستثمار” تستقطب هذه الأوراق المالية شريحة واسعة فقدت الثقة وعزفت على التعامل في أسواق الأوراق المالية، فهي أداة من أدوات حشد الأموال اللازمة للتنمية الاقتصادية وتطوير الاستثمار بأقل الأخطار علاوة على أنها طوق نجاة للخروج من أزمات السيولة وأنها تتيح حرية الاختيار للمدخرين للأداة المالية التي تتلاءم مع احتياجاتهم، كما أنها تحرر المصارف من ضغوط الودائع قصيرة الأجل القابلة للسحب، مما يجبرها على اللجوء إلى التوظيف قصير الأجل سعيا وراء تحقيق عائد سريع، مع الاحتفاظ بأصول شبه سائلة.

وتمثل الصكوك آلية فعالة لربط الموارد بالاستخدامات والادخار بالاستثمار، ويمكن مراقبة الأداء من واقع الشفافية والافصاح للمعلومات مما يساعد على ارتفاع مستوى الأداء.

سيحاول الكتاب تسليط الضوء على مجموعة تجارب دولية مع إمكانية نقل ميكانيزمات التجربة والاستفادة في اصدار هذه الوثائق المالية عبر تحليل اقتصادي من خلال الدراسة القياسية لبيانات البانل حول إشكالية مدى تأثير أسعار إصدارات صكوك الاستثمار على رصيد الموازنات العامة؟

كل التمنيات في أن يساهم هذا الجهد المتواضع في إرساء نموذج اقتصادي واضح يقي شر الأزمات والصدمات المتكررة وأن يكون لبنة مضافة واستجابة لتطلعات الملايين من هذا الشعب الذي خرج عن بكرة أبيه يطالب ببناء دولة الحق، العدل والقانون.