All is connected . . . no one thing can change by itself.

Paul Hawken

كل شيء متصل… لا يمكن لشيء واحد أن يتغير بمفرده.   بول هوكين

مهما كانت ظروفنا، سواء كنا نعيش بمفردنا أو مع شخص آخر، سواء كان لدينا أطفال أم لا، سواء كان أولئك الذين نحبهم أحياء أم أموات، في النهاية كل واحد منا لديه أسرة. وعلم النفس الأسري هو فرع جديد نسبيًا في علم النفس يقع ضمن التفاعل بين العلوم الأساسية والعلوم التطبيقية، ويوفر المعرفة حول سيرورة الأسرة التي تساعدنا في اختيار التدخلات المناسبة.

لا يوجد غموض لماذا يغضب الناس من أطفالهم أو يشعرون بالملل من شركائهم، ولماذا يؤذون في بعض الأحيان الأقرب إليهم؛ من السهل نسبيًا شرح المشكلات التي نواجهها في أسرنا، لكن المرونة في مواجهة هذه الصعوبات ليست مفهومة جيدًا، ويكمن الغموض في كيفية تنسيق الأشخاص ذوي الآراء المتنوعة لجهودهم؛ كيف يدعم الناس شركائهم في الأوقات الصعبة؛ كيف يُظهر الناس العاديون صبرًا وكرمًا في رعاية أطفالهم وشركائهم وأولياء أمورهم؛ كيف تواجه الأسر مأساة لا يمكن تصورها وتجد طريقة لمواصلة حياتها؛ كيف يتعلم بعض الأشخاص الذين عانوا من طفولة صعبة رعاية الآخرين بطريقة لم يختبروها بأنفسهم، لذلك فإن علم النفس الأسري هو المفتاح لمساعدتنا على علاج المشاكل المتنوعة(Lee, 2010).

قد يكون من السهل التفكير في علم نفس الأسري على أنه مجرد علم نفس اكلينيكي مع أكثر من شخص واحد، مثل الزوجين أو الأسرة. صحيح أن علم النفس الأسري غالبًا ما يعمل مع مجموعات متنوعة في الأسرة من خلال العلاجات الأسرية والزواجية، ومع ذلك فإن تعريف علم النفس الأسري ببساطة من حيث عدد الأفراد هو تفويت أكثر الجوانب المركزية والفريدة والخاصة في مجال علم النفس الأسري. إنه تخصص يقوم على طريقة فريدة من الفهم والتدخل لتغيير السلوك البشري، فبدلاً من النظر إلى كل فرد ينظر إلى العلاقة بين الأشخاص كوحدة أساسية للتحليل وسبيل للتغيير، كما أن “المساحة بين” الأشخاص هي التي توفر السياق اللازم لفهم كيف ولماذا يشعر الأفراد والأزواج والأسر ويتصرفون. ويرتكز السياق على مبادئ علم نفس النسقي – الذي غالبًا ما يسمى التفكير النسقي، وتمثل الأسس النسقية والسياقية لعلم النفس الأسري ثورة معرفية تطورت كرد فعل على طريقة التفكير في العملاء والمشكلات بطريقة خطية وفردية وموضوعية بشكل جذري(Thoburn & Sexton, 2019).

ويعتبر التحول من المنظور الفردي إلى المنظور النسقي بشكل عام ثوريًا، حيث طور رواد العلاج الأسري وعلم النفس الأسري نماذج وتقنيات فريدة تتوافق مع نظرية الأنساق العامة (Stejskal, 2011)، التي اقترحها فون برتالانفي (1976)، وبالاعتماد على هذه النظرية  يتعامل علم النفس الأسري مع الأسر كنسق مترابط حيث يكون فيه الكل أكبر من مجموع الأجزاء، والتغييرات التي تحدث داخل نسق الأسرة تؤثر على أنماط التفاعل والأدوار الأسرية، ويتردد صداها في جميع أنحاء الأسرة . وبدلاً من تصور المشكلات على أنها محصورة داخل الفرد، يركز معالجو الأسرة على كيفية الحفاظ على المشاكل من خلال أنماط التواصل والتفاعل. وغير بعيد عن نظرية الأنساق العامة، تفحص النظرية السبرانية أنماط الاتصال داخل الأسر، حيث تتكون حلقات التغذية المرتدة الإيجابية من الطاقة التي يتم إضافتها إلى الأسرة والتي يُعتقد أنها تخلق التغيير، بينما لا يتم إضافة معلومات جديدة إلى الاسرة مع حلقات التغذية المرتدة السلبية، ويتم الحفاظ على التوازن(Carlson, 2019).

وعلم النفس الأسري غني بالموضوعات التي يمكن دراستها، وقد اخترنا في هذا الكتاب بعض القراءات في علم النفس الأسري شملت عدة مواضيع مختلفة، تراوحت من الزواج الصحي إلى التنشئة الأسرية والتنظيم العاطفي وكذا الولاء الأسري والتضحية الأسري، بالإضافة الى الدفء والصراع في العلاقات الأخوية والمحبة بين الاخوة، وهذه المواضيع هي قطرة من بحر هذا التخصص الذي يعتبر الخيط الذي يربط كل التخصصات الأخرى.

Carlson, C. (2019). Family Therapy. In J. L. Lebow, A. L. Chambers, & D. C. Breunlin (Eds.), Encyclopedia of Couple and Family Therapy (pp. 1132-1140). Cham: Springer International Publishing.

Lee, C. M. (2010). Families matter: Psychology of the family and the family of psychology. Canadian Psychology/psychologie canadienne, 51(1), 1.

Stejskal, T. M. (2011). Family Therapy. In J. S. Kreutzer, J. DeLuca, & B. Caplan (Eds.), Encyclopedia of Clinical Neuropsychology (pp. 1021-1023). New York, NY: Springer New York.

Thoburn, J. W., & Sexton, T. L. (2019). Family psychology. Praeger.