مقــــدمة

منذ إعلان الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية على الإرهاب، أو ما يسمى بالحرب الطويلة على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بمشاركة مجموعة من الدول الحليفة لها، وباستخدام مختلف الآليات والوسائل قصد القضاء عليه سعت إلى تطوير وتكييف استراتيجيتها وفقاً للتطورات والتغيرات الحاصلة على أرض الواقع في هذه الحرب، لا سيما مع تطوير الجماعات الإرهابية لنفسها ومحاولتها استحداث وسائل وتكتيكات حربية عديدة، واستخدامها لتقنيات تكنولوجية حديثة، وذلك قصد تحقيق تأثير أكبر على خصومها بعد إدراكها بأن الاعتماد كثيراً على النهج القديم في مواجهة الجيوش المنظمة لن يأتي بنتيجة.

ويبرز هذا التطور بشكل كبير خلال العقد الأخير عند رصد تحركات وأنشطة الجماعات الإرهابية الإجرامية في المناطق المعروفة بانتشارها –المناطق السوداء-  بشكل مكثف كالعراق وسوريا وأفغانستان، وهي الدول التي كثيراً ما تشهد تدخلات وحروب غير محددة المعالم تقودها أمريكا تحت حجة الحرب على الإرهاب من أجل تحقيق أهداف ومصالح معينة، وهي حروب عادة ما تتضح فيها معالم الاستراتيجية الأمريكية في الحرب على الإرهاب.

وعلى هذا الأساس فإن هذا الكتاب يحاول تقديم رؤية دقيقة حول أبرز معالم الاستراتيجية الأمريكية في مواجهة الإرهاب الجديد خلال السنوات الأخيرة، وذلك من خلال إبراز أهم التطورات والتغيرات التي مستها في هذا الجانب، ثم تطبيقات هذه الاستراتيجية عبر التركيز  على دراسة “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا” Organization of the Islamic State in Iraq and Syria والمعروف اختصاراً بــتنظيم “داعش” ISIS  كأنموذج لدراسة حيثيات الحرب الأمريكية عليه  لما حملته  هذه الحرب من آليات ووسائل وتقنيات جديدة استخدمتها الولايات المتحدة بغرض القضاء على تنظيم داعش واحتواءه، خاصة مع فشل بعض الأساليب القتالية التقليدية في كبحه والقضاء عليه في كل من العراق وسوريا من طرف القوات الحكومية خلال المراحل الأولى من النزاع، وهو ما شكل دافعاً لاستخدام الولايات المتحدة الأمريكية لنمط جديد من المواجهة للقضاء على هذا التنظيم الذي تعتبره تهديداً لمصالحها وحلفائها  لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.

ويأتي هذا الكتاب كثالث إنتاج أكاديمي تم تأليفه ضمن سلسلة أطلقت عليها “سلسلة دراسات استراتيجية وأمنية”، وهي سلسلة تسعى لدراسة وترجمة العديد من المواضيع المهمة والجديدة ضمن مجال الأمن والاستراتيجية والدفاع، وذلك من أجل تقديم الإفادة والإضافة العلمية للطلبة والباحثين ومؤسسات الدولة في هذا النوع من الدراسات الذي تعتبر فيه المنطقة العربية متأخرة مقارنةً بالعالم الغربي .

وفي الأخير  نتمنى أن يستفيد الطلبة والقراء من مضامين هذا الكتاب، متمنيين في الوقت ذاته من الله عز وجل كل التوفيق.

د. جارش عادل