تفصيل
- الصفحات : 285 صفحة،
- سنة الطباعة : 2024،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى ،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-770-0.
سننطلق من مقولة سقراط حينما قال بأنّ الإنسان عالم معقد مثل الوجود الطبيعي الخارجي، في علاقته الطبيعية مع البيئة الطبيعة أو في عالمية التفاعل معه ومع الآخر، حِيكت تفاصيل العديد من المظاهر التي تجلت حقائقها في رحاب حياته الاجتماعية، فترجمت في كل الممارسات منها ما تماشى مع قواعد الضبط والعقل الجمعي، فكان إضافة نوعية ودعامة بنائية تحفظ البناء الاجتماعي ككل، ومنها ما اتخذ سحنة باثولوجية ترجمت في شكل ظواهر ومشكلات اجتماعية صنعت من العجز في مواجهة مختلف المواقف التي اعترت حياته الاجتماعية مشهدا انطولوجيا لها في مسارات مستمرة، وبوتيرة سواء متتابعة أو متباعدة.
التّعبير الوجودي لهذا العالم المعقد –الإنسان- حملت طياته شحنات جعلت فيه الصامت منطوق والمنطوق أحيانا مستتر في ممارسات لم تكن لتعتبر أو لتصنف في خانة المألوف، بل صنفت في دائرة التفكك الاجتماعي أو الممارسة الانحرافية، مادام أنّها زاغت عن المسار الاجتماعي المخطط والمتوقع من المجتمع في فاعليه فهي كذلك، تجسّدت في أوجه حملت الكثير من التساؤلات والعديد من الإشكالات التي تمحور فحواها حول ثنائيات متباينة: الإنسان/الإنسان، الإنسان/الجماعة، الإنسان/ المجتمع، الإنسان/الممارسات الاجتماعية، الإنسان/التفكك الاجتماعي… كلّها صنعت مشهدا واحدا في عالم المجتمع الثابت والمتغير في الآن ذاته.
ليس في إطار ما يعرف بالتقليد الاجتماعي فقط، بل في هندسة استثنائية ومتكررة لكن أوجه متعددة حققت نقلة نوعية في منطق لا منطق المشكلات الاجتماعية من الوجه الكلاسيكي التقليدي إلى الوجه المعاصر الحديث، ليكون فيها المشكل والحدث على قدم مسببات تضافرت متداخلة بعضها البعض في تسلسل وتواصل جعلها في حلقة مكملة لا فارغة، الواحد منها سبب والآخر نتيجة، في حدوث لم يجعل منه مجرد عادة هي بالأصل طاقة تكرارية بل واقعا قائما بذاته في تعبير علني أو غير مصرح به، ليمتثل المشهد الوجودي لهذه المشكلات الاجتماعية أمام محكمة المعاينة لتسمع حكم قاضي التحليل السوسيولوجي أو عابر التخصصات.
فبتعدد الأسباب والقواعد المفسّرة لهذه المشكلات الاجتماعية إعادة رسكلة العديد من المفاهيم المرتبطة بها، متأثرة في ذلك بخصوصية كل مشكلة وبطبيعة كل مجتمع، ناهيك عن التواصل التبادلي بين أفراد هذا المجتمع، يؤدي إلى بناء علاقات اجتماعية سيّدها العديد من المواقف الاجتماعية التي تصنع من جسور التواصل في أحايين كثيرة لا تواصلية، وتصبح كعائق علائقي في فهم هندسة هذه المشكلات الاجتماعية.
إنّ فكرة صياغة أفكار وكتابة تفاصيل هذا الكتاب المتواضع، جاء نتيجة لما أصبحنا نعيشه من انتشار واسع لحالات باثولوجية متنوعة كان وجودها سببا مباشر أو غير مباشر في عرقلة عملية التنمية السّوسيو اقتصادية أمام استهلاك تفاخري للعديد من التخمينات الخاطئة تجاه هذه المشكلات الاجتماعية، التي حاولنا توضيح البعض منها في كتابنا هذا.
ولتوضيح هندسة أفكارنا التي حوتها بضع صفحات اعتمدنا في عرضها خمسة فصول، خصّص الفصل الأول منه حول “المشكلات والظاهرة الاجتماعية“، عالجنا في هذا الفصل مدخل الّنسق المفاهيمي والماهياتي للمشكلات الاجتماعية، من خلال الحديث عن العديد من المرتكزات النظرية في مقدمتها: القواعد الأساسية في تحديد المشكلات الاجتماعية، أسبابها وأهم أنماطها، أهم العوامل المفسرة لحدوثها وأهم خصائصها، إضافة إلى عنصر الاعتبارات الأساسية في دراسة المشكلات الاجتماعية، أما الجزئية الثانية من الفصل خصصناها لماهية “الظاهرة الاجتماعية“.
في حين خصصنا “الفصل الثاني” للمشكلات الاجتماعية من المنظور الباثولوجي، كعينة اخترنا ثلاث مشكلات: المخدرات، التنمر، التحرش الجنسي ضد المرأة.
أما “الفصل الثالث” فتمحور حول “المشكلات الأسرية“، عالجنا فيه مشكلتين: الطلاق، زواج القاصرات. في حين تمركز قوام “الفصل الرابع” حول “المشكلات السكانية“، عالجنا فيه هو الآخر ثلاث مشكلات: الهجرة، الثقافة، الفقر.
أما الفصل الخامس والأخير من الكتاب فدار محتواه حول “متفرقات عن بعض المشكلات الاجتماعية“، منها: مواقع التواصل الاجتماعي: تيك توك أنموذجا، الشباب ومشكلة تغير المنظومة الأخلاقية، مع إدراج قاموس للمصطلحات كما تعودنا على الأمر في مؤلفاتنا السابقة.
في الأخــير هذا المولود العلمي ما هو إلاّ محاولة بسيطة منا لمعالجة موضوع شائك ومعقد اجتمعت فيه كل التخصصات لتنصع مقولة محاولة فهم وتشخيص علمي لواقعية موضوع ليس من نسج خيال بل كحقيقة اجتماعية وواقع رمى بتفاصيل ظلال وجوده في كل زاوية وجزء من أجزاء حياتنا الاجتماعية، ليخبرنا الواقع بتفاصيل ما كان الخيال التّصوري وحده ليكشف عن عورات وجودها ويميط لثام الغموض عنها في تركيبة تحليلية قلّدت مناصب المنظور السوسيولوجي حيزا كبيرا في هذا العمل المتواضع، في منطلق مرئي جسّد لنا مقتطفا حقيقيا شَكّل إحدى اللّبنات الأساسية لما يعانيه المجتمع في حركيته وسكونه على حد سواء، في مكوّناته الأساسية بعالم المحسوس الذي بات يبحث عن مخرج حقيقي ليجعل سير هذا الجسد الاجتماعي نحو أنطولوجية يتم فيها التّحكم ولو بالصّورة النسبية في مختلف الأمراض الاجتماعية والحالات الباثولوجية التي تواجهه.