تفصيل
- الصفحات : 82 صفحة،
- سنة الطباعة : 2024،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى ،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-807-3.
إن التفاوض يعتبر الوسيلة المفضلة للتفاهم وحل النزاعات بين الأطراف سواءا الداخلية منها أو الدولية، ولم يعد التفاوض اليوم، سلوك للجدل والنقاش الإرتجالي بل أضحى علما قائما بذاته له أصول وفنون وقواعد ومناهج، كما يعتبر علما إجتماعي له علاقة وثيقة بالعلوم الإجتماعية الأخرى يأخذ منها ويتأثر بها.
ومن ثم تعد عملية التفاوض على العقد أو المرحلة قبل التعاقدية من أهم المراحل وأخطرها على الإطلاق لما تحتويه من تحديد لعناصر العقد المزمع إبرامه وما ينجر عنه من إلتزامات وحقوق الطرفين.
إن المرحلة السابقة على التعاقد تعتبر من أهم وأخطر مراحل العقد بما ينجر عنها من تحديد لأهم ومعظم الإلتزامات وحقوق الطرفين الذين يحضرون للتعاقد وهي مرحلة المفاوضات التي يتبادل فيها الأطراف المناقشات والإقتراحات والمساوامات، الرسالات والتقارير والأوراق والمستندات والدراسات الفنية والمالية والإستشارات القانونية للوصول إلى صيغ قانونية مقبولة تتحقق مصالح الأطراف هذا ما يؤكد أهمية هذه المرحلة بخصوص عقود الدولة الإقتصادية.
فسياسة المفاوضات عرفها العرب خلال البعثة المحمدية عرفوافنونها ومهاراتها بوضع شروط وتحديد الضمانات اللازمة لإبرام معاهدات ناجحة مع غيرهم من الشعوب الأخرى وقد كان سهيل بن عمرو من أقطاب التفاوض مع الرسول صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية المعروف، كما إشتهر كل من معاوية أبن أبي سفيان، عمرو بن العاص عند العرب بالدهاء والفصاحة وبلاغة الكلام ونفاذ الرأي لتحويل الخصوم إلى أصدقاء، وكذا بالمرونة وإستصحاب الرؤية المستقبلية لإستنباط غوامض الأمور وحلولها المناسبة[1].
ويستدل على مشروعية المفاوضات في الإسلام، من قوله تبارك وتعالى “إن أحد من المشركين إستأجرك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه بآياته ذلك بأنهم قوم لا يعقلون”.
فإنه يتبين من الآية الكريمة أن الله عز وجل شرع للمسلمين مفاوضة غيرهم وعقد الصلح معهم، كما أقر الإسلام مبادىء الرفق والتقدير والإقتراح والتحلي بالصبر ومد جسر التواصل لقوله سبحانه وتعالى “﴿١٥٨﴾ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴿١٥٩﴾”[2].
كما حرص على إرساء مفاهم التجاور والمناقشة والإقتناع وفقا للهدف المنشود والإلتزام بالحكمة والمرونة والإعتدال والصدق في التعامل لقوله عز وجل ” ﴿١٢٤﴾ ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدينَ﴿١٢٥﴾”[3].
وتأتي أهمية دراسة موضوع المفاوضات في عقود الدولة الإقتصادية من ناحية عدم إهتمام المشرع الجزائري بها فالقانون المدني الجزائري لم ينظم عملية المفاوضات بنصوص خاصة وركز على الخصوص على المرحلة التالية لإبرام العقد وإنصبت نصوصه على مرحلة تنفيذ العقد وكذا المسؤولية المترتبة على الإخلال بهذه الإلتزامات.
ومن هنا وفي غياب النصوص القانونية فإن هذه الدراسة المتواضعة هي دراسة تحليلية لإبراز أهمية هذه المرحلة ما قبل التعاقدية للوصول إلى عقد صفقة ناجحة ولإبراز المسؤولية الناجمة على قطع المفاوضات والحقوق والإلتزامات المترتبة على الأطراف المتفاوضة، ولدراسة هذا الموضوع إعتمدنا المنهج التحليلي والوصفي.
وعليه فهذه الدراسة ستقسم إلى فصلين وذلك على النحو التالي:
الفصل الأول: المفاوضات وسبل نجاحها.
الفصل الثاني: إلتزامات أطراف التفاوض.
[1] أنظر: الدكتور صلاح عبد الحميد، فن التفاوض والدبلوماسية، مؤسسة طيبة القاهرة، 2012، ص. 118.
[2] أنظر: الآية 159 من سورة آل عمران.
[3] أنظر: الآية 125 من سورة النحل.