شهد العالم في العقدين الأخيرين من القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين ثورة تكنولوجية كبيرة في ميدان تكنولوجيا المعلومات والاتصال، أثرت بشكل مباشر على مختلف مناحي الحياة الإنسانية، ولعل من أبرز ملامح هذه الثورة، التطور الكبير الذي عرفه الحاسب الآلي وملحقاته والتكنولوجيات الحديثة للاتصال عن بعد باستعمال الأقمار الاصطناعية، التي سمحت بربط عدة شبكات معلوماتية محلية ودولية، كما كان لشبكة الإنترنت وتطبيقاتها المختلفة الأثر الكبير على مختلف الأنشطة الإنسانية، فقد سمحت هذه الشبكة العالمية المفتوحة بتذليل الكثير من العقبات التي كانت تحول دون أداء بعض الأعمال بكفاءة، كما سمحت بتخطي الحدود الجغرافية وأداء الأعمال على نطاق عالمي، وعرف نشاط التجارة بصفته نشاط إنساني عريق تطورا كبيرا في إطار ما يعرف بالتجارة الإلكترونية التي ساهم في ازدهارها التوسع الكبير لشبكة الإنترنت والازدياد المستمر لعدد مستخدميها.

تحاول الكثير من الدول النامية بذل المزيد من الجهود قصد توفير البنية التحتية اللازمة لتطوير التجارة الالكترونية وتقليص الفجوة الرقمية الكبيرة بينها وبين الدول المتقدمة، كما تحاول الشركات الصناعية والخدمية والتجارية تبني هذا النوع الجديد من التجارة من خلال الاستخدام المتزايد لتكنولوجيا الإنترنت في ممارسة الأعمال، ونظرا لأهمية تأهيل الموارد البشرية اللازمة للتجارة الالكترونية وتحديات الاقتصاد الرقمي، فقد عمدت معظم الجامعات والمعاهد إلى فتح تكوينات وتخصصات مرتبطة بهذا الميدان مثل تدريس الأعمال الالكترونية،التجارة الالكترونية، التسويق الالكتروني، تظم المعلومات الإدارية ..الخ.

بالرجوع إلى الكتابات في هذا الموضوع نلاحظ أن المراجع باللغة العربية قليلة جدا مقارنة باللغات العالمية الأخرى، ولذلك ارتأينا المساهمة بهذا الكتاب الموجه للباحثين والطلبة في الكليات والمعاهد والمدارس ذات الصلة بالعلوم الاقتصادية والتجارية وإدارة الأعمال، بالإضافة إلى جميع المهتمين من مهنيين وممارسين، وقد تم تقسيم الكتاب إلى ثمانية فصول رئيسية، حيث تناولنا في الفصل الأول مدخل إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصال باعتبارها البنية التحتية الأساسية لنمو هذا النوع من التجارة، حيث تطرقنا إلى المفهوم والمكونات والتطور التاريخي لهذه التكنولوجيا، مع التركيز على شبكة الإنترنت وأهم خدماتها لصلتها الكبيرة بعالم التجارة الالكترونية،والفصل الثانيلماهية التجارة الالكترونية، أنواعها، مزاياها لكل من البائع والمشتري، والمقومات الأساسية لتطورها على مستوى الدولة ككل، أما الفصل الثالث فخصصناه للآثار الاقتصادية، التجارية، المالية، الضريبية، والقانونية للتجارة الالكترونية، الفصل الرابعخصصناه لأهمية وطرق قياس حجم التجارة الالكترونية، بالإضافة إلى واقعها العالمي الحالي ومستقبلها المتوقع، الفصل الخامسلوسائل الدفع الالكتروني وهي أخد المتطلبات الرئيسية لتطور التجارة الالكترونية، حيث عرضنا كل أشكال الدفع الالكتروني المعتمدة قي تسديد المشتريات، الفصل السادسأردناه أن يكون على المستوى الجزئي (على مستوى المؤسسة)، حيث تطرقنا فيه إلى أهم الخطوات التي يتوجب على المؤسسة القيام بها من أجل بناء وتصميم وإطلاق وترويج متجرها الالكتروني، الفصل السابععرضنا فيه صياغة وتنفيذ استراتيجية تبني التجارة الالكترونية على مستوى المؤسسة، حيث ناقشنا فيه الخطوات المنهجية الواجب اتباعها للتحول إلى عالم التجارة الالكترونية والأعمال الالكترونية، أما الفصل الثامن والأخير فخصصناه لموضوع التسويق الالكتروني عبر الإنترنت، حيث عرفنا هذا النوع الجديد من التسويق الضروري لمواكبة التجارة الالكترونية وعناصر المزيج التسويقي الالكتروني.