تفصيل
- الصفحات : 320 صفحة،
- سنة الطباعة : 2019،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ISBN : 978-9931-728-06-1.
ان الحديث عن الإعلام الديني اليوم دون التعريج على علاقة الدين بوسائط الإعلام على إعتبار أن الإثنين يمثلان نسقان اجتماعيتان لكل منهما دور محور يضمن المجالين الإجتماعي و الثقافي، كما لا يمكننا الحديث عن المضامين الدينية وتداولها عبر وسائط الإعلام كموضوع للمعالجة، بدون اهتمام هذه الأخيرة بالمسائل والقضايا الدينية، ولعلَ عملية التداول والمعالجة الإعلامية لمثل هذه القضايا أصبحت محل الاهتمام نظراً لحساسية المجال الديني من جهة وارتباطه بإستقرار المجتمعات و إستدامة تماسكها من جهة أخرى، حيث يعتبر الدين محركا أساسيا للأفراد، كما أنه من المعايير الأساسية التي توجه بوصلة المجتمع و تضبط دينامياته .
و قد بدا واضحًا أن وسائط الإعلام لا سيما في الآونة الأخيرة أصبحت تفسح مجالات أكبر للمسائل الدينية بإختلاف أبعادها، ومع مشاعية الفضاء التقني الذي يرتبط بكل الوسائل التقنية التي يمارس العمل الإعلامي عبرها أو بواسطتها خاصة في المنطقة العربية، أصبح الطلب على الأشكال يفوق الطلب على المضامين، وحتَى على مستوى الخطاب الدينيحيث أصبح المطلوب إعادة إنتاج المادة الدينية في أشكال تقنية وقوالب فنيَة تكون محل طلب المتلقَين لا إعراضهم وتجاهلهم، ولعلَ هذا الطرح يستمد نظرته من نظرية العلمنة السائدة في حقل الدراسات الثقافيةوما تثيره في عملية نقدها للأشكال الثقافية التي تحملها مضامين وسائل الإعلام، ولا يمكن في هذا الاطار إغفال بعض الطروحات التي تمثَل الوجهة النقدية للتقنية سواء من خلال “رأس المال الاحتكاري” التي تفرضه “الصناعات الثقافية” حسب مدرسة فرانكفورت، أو من خلال “العقلانية التقنية”عندما يصبح “العلم والتقنية كأيديولوجية” حسب هابرماس، أو من خلال مفهوم “التكنولوجيا كأيديولوجية” ، ومن هنا أتضح دور التقنية في جعل الأشكال الدينية المنتجة أقرب إلى المنتج إلى المستهلكين، ونتاج ذلك الطلب على التدَين سيكون بشكل أساسي نتاجا لفاعلية عملية الترويج، والكيفيات التي يتم بها.
على صعيد آخر ، منحت شبكة الإنترنت و فضاءاتها بُعدًا آخر لمختلف الخطابات الدينية ، إذ أدت إلى تكثيف حضور مختلف الخطابات و تناسلها ، حيث و بسبب سهولة استعمال الشبكة العنكبوتية و إتساع قاعدة حجم الجمهور الذي يستعمل شبكة الإنترنت و كذا سهولة تدفق المعلومات فيها وإمكانية نقل و تبادل المضامين سواءا كانت نصوصا أو مواد مسموعة أو مرئيات ، إضافة إلى الفراغ التشريعي المنظم للإعلام الالكتروني ، كل هذه العوامل سهلت من تكاثر مختلف خطابات الكراهية و التطرف و الإرهاب داخل الحيز الإفتراضي التي تسعى إلى نشر إيديولوجياتها
ضمن هذا التصور، يمكن الجزم بأنه في عصر تتعدد الوسائط و الأوعية الإعلامية و الالكترونية من قنوات فضائية و مواقع ومدونات شخصية وصفحات على الشبكات الاجتماعية، قد برز العديد من الخطابات الدينية المتفاوتة منها المعتدل و المتحرر و التنويري و المتطرف.
تحديد ميثاق للخطاب الديني داخل القنوات الفضائية و الاقتراب من هذه الخطابات السائدة و فحصها أصبح ضرورة ملحة يتوقف عليها رهان ضمان الاستقرار المجتمعي و صون الأمن الديني للمجتمعات، و هو ما يستجيب له هذا الملتقى الذي جاء لمحاولة التصدي لهذه الأسئلة المعرفية عن طريق المحاور المقترحة.تشير كافة الإحصائيات أن نسبة تعرض المتلقي العربي عموماو المتلقي الجزائري بصفة خاصة لمختلف مخرجات الإعلام الديني، تتزايد بوتيرة جد متصاعدة، لاسيما من قبل فئة الشباب، و بالقدر ذاته هي الفئة الأكثر تأثرا بمضمون الإعلام الديني ،منها المقروءة، أو المسموعة و المرئية، أو مضامين المواقع الإلكترونية. و ضمن هذا التصور ، أولت الدولة الجزائرية خلال السنوات الأخيرة اهتماما ملحوظا للإعلام الديني، فأنشأت قناة القرآن الكريم و إذاعة القرآن الكريم ، فضلا عن حضور عديد البرامج الدينية في خريطة الشبكة البرامجية للقنوات العمومية و بعض القنوات الخاصة الأخرى. ويُعزى الاهتمام بالإعلام الديني إلى عوامل كثيرة، تضافرت فيما بينها لتخلق الحاجة إلى ملء فراغ كبير في هذا المجال، على رأسها السياق الراهن بتعقيداته المتشابكة و برهاناته المختلفة ، والذي يقتضي بناء إعلام ديني يكون في مستوى الأسئلة التي تفرضها مجريات السياق الراهن، بحيث يتوجب على القائمين بالاتصال أن يتمثلوا الإعلام الديني كرافد للمعرفة الدينية السليمة و كمنصة لنشر التنور الديني، فالإعلام، يجب أن ينحاز لوظيفته الأساسية، وظيفة التنوير و إكساب المعرفة بنزاهة و موضوعية. من الناحية العملية، من الضروري المراهنة على المهنية والحرفية والمصداقية في الأداء، وهذا لن يتأتى إلا إذا تحول المنبر الإعلامي الديني إلى فضاء يجد المتلقي فيه المقومات و الخصائص الكبرى لأي رسالة إعلامية متميزة ، من شأنها إفراز مشهد إعلامي ديني سليم.وعليهمن الضروري تنشيط البحث المعرفي الرصين و المتخصص في الحقول الثقافية و المعرفية التي تغذي المبحث الديني خصوصاً، و تسلح الرؤية الإعلامية الدينية بنفس ثقافي و معرفي متميز من شأنه أن ينهض بالعمل الإعلامي برمته.عليه جاء تأسيس هذا الملتقى السنوي بجامعة مستغانم بإشراف مخبر الدراسات الاتصالية والاعلامية كحاضن لهذا الجهد التأسيسي المعرفي الاكاديمي تسعى له مدرسة مستغانم للإعلام . كما نشكر في هذا المقام اطارات مديرية الشؤون الدينة لولاية مستغانم الاستاذ حجار جلول مدير الشؤون الدينية وكافة الاطارات منهم الاستاذ بويش الحبيب و كافة اعضاء المخبر نذكر منهم الاستاذ بعلي محمد السعيد ،الاستاذ مرواني محمد ، الاستاذ فلاق شبرة صالح .كما نشكر السيد رئيس الجامعة الاستناذ بلحاكم مصطفى على الدعم والتشجيع.