تقوم المحاسبة المالية على تسجيل وعرض مختلف التدفقات الحاصلة بين المؤسسة ومتعامليها الخارجيين لتوفر صورة عن أداء المؤسسات في شكل تقارير مالية وهي المعلومات التي كانت كافية لمؤسسات تميز نشاطها بحجمها المحدود وبساطة عمليات إنتاجها ومحدودية بيئتها التنافسية،غير أن كبر حجم المؤسسات وتعقد نشاطها بالإضافة لإدخال المكنة في معظم نشاطاتها الإنتاجية وعو جعل من قيمة الأعباء غير المباشرة تشكل نسبة عالية جدة من تكلفة الإنتاج، وجدت المحاسبة المالية نفسها قاصرةعن توفير احتياجات الإدارة لمعلومات عن تكلفة المنتوجات والخدمات التي تقدمها والرقابة على استهلاك مواردها، وهنا ظهرت حاجة المؤسسات إلى تبني المحاسبة التحليلية كنظام يرصد التكاليف ويراقب العمليات والأنشطة في استهلاكها لموارد المؤسسة المختلفة.

وقد ظهرت المحاسبة التحليلية نتيجة للتطور في أساليب وطريق المحاسبة وتلبية لاحتياجات الإدارة لمعلومات تفصيلية عن استخدام عوامل الإنتاج  والرقابة عنها، وقد شهدت في الآونة الأخيرة العديد من الاهتمام من قبل مسيري المؤسسات، فبعد أن كانت تستخدم فقط من قبل المؤسسات الصناعية فإن العديد من المؤسسات الحكومية والخدمية وغيرها اهتمت بتقنيات المحاسبة التحليلية باعتبارها نظاما يزود الإدارة بمعلومات تكاليفية مهمة وحرجة ببيئة الأعمال الحالية والتي تتميز بالمنافسة الشديدة.

وتظهر حاجة الإدارات إلى بيانات محاسبية تفيد في عملية التخطيط للمستقبل وقياس كفاءة الأداء لعملياتها إضافة لاتخاذ القرارات المختلفة ومنها تحديد سعر البيع لمنتوجات أو خدمات هاته المؤسسات وهو السعر الذي سيحدد ربحيتها وتنافسيتها ومن ثم استمراريتها في السوق،ويبدأ تحديد سعر البيع بتحديد جملة التكاليف التي تحملتها المؤسسة والمتعلقة بمنتجاتها أو خدماتها والذي يعبر عنه بسعر التكلفة والذي يشكل بطرحة من سعر البيع هامش الربح الذي تسعى المؤسسة لأن يكون مرتفعا لأنه سيشكل ربحيتها، غير أن ظروف المنافسة تجعله محدودا حيث تتأثر سياسات التسعير بالمؤسسة بالمؤسسات المنافسة وبقاء المؤسسة معتمد على تقديم سعر بيع تنافسي لمنتجاتها أو خدماتها  بأعلى جودة ممكنة وذلك لجذب زبائن والحفاظ على ولائهم، وحفاظ المؤسسة على جودة منتجاتها وخدماتها سيجعلها تسعى إلى العمل على تقديمها بأقل التكاليف الممكنة دون المماس بنوعيتها، وهنا تظهر أهمية المحاسبة التحليلية في توفير بيانات عن التكاليف بمختلف مراحل الإنتاج والأقسام والوظائف بالمؤسسة والرقابة عليها وتأديتها بأفضل كفاءة.