تفصيل
- الصفحات : 154 صفحة،
- سنة الطباعة : 2019،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الاولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ISBN : 978-9931-691-63-1.
بات الاهتمام بالثقافة من الأمور الأساسية في حياة الإنسان المعاصر، لاسيما في ظل التطور المذهل لوسائل الإعلام والاتصال. فالتقدم التقني الذي شهدته وسائل الإعلام الجماهرية، وحضورها القوي والفاعل في حياة الفرد اليومية، أضحى من أكثر المؤثرات على الفرد، وفي مختلف المجالات، فازدادت معارفه، وتوسعت مداركه وأصبح بهذا الإعلام، وبما يعرضه من معلومات، أفكار، خبرات، مضامين مختلفة…إلى غير ذلك جزءًا لا يتجزأ من ثقافة الفرد. فالثقافة تكتسي طابعًا خاصاً من الأهمية منذ الأزل، إلى يومنا هذا. فلا يمكن إنكار أهميتها في تغيير اتجاهات الأفراد، وتفكيرهم وتأثيرها على سلوكهم مع الآخرين… وللدور الملحوظ الذي تساهم فيه في بناء شخصية الإنسان الذي يعيش داخل الجماعة، وعليه فهم معطيات المجتمع الذي يتعامل معه، وفي ظل تلاقح ثقافي كبير « فهي التي تحدد هويته، وهي الفاصل النوعي بين الإنسان وبين سائر الأحياء التي تعيش معه في هذه الحياة». فما تعرضه مختلف وسائل الإعلام )المقروءة والمرئية والمسموعة) من محتويات متنوعة وبشكل مباشر ساهم وبقوة في تجديد المعلومات والخبرات اليومية والمستمرة للأفراد. ودخلت أفكار وأراء جديدة، أثرت على الإنسان «بوصفه عضوٌ في مجتمعه، ولكون الثقافة هي التي تحدد وفي أي مجتمع أسلوب الحياة فيه سواء من ناحية وسائل الإنتاج والتعامل والأنظمة السياسية والاجتماعية، أو من ناحية الأفكار والقيم والعادات والتقاليد وآداب السلوك». فبفضل الإعلام رأت الثقافة النور « إذ أنها وجدت نفسها وجهًا لوجه أمام وسائل الإعلام الجماهيرية، التي أثرت تأثيرا واضحًا على الجماهير، حيث فتحت أمام كل شخص إمكانات الاستعلام والتسلية والتثقيف بشكل لم يسبق له مثيل في فترة لا تزيد عن بضع عشرات من السنين. فلم يبق اليوم ريف ولا أرض بعيدة ولا جزيرة إلاّ في وسع وسائل الاتصال الجماهيرية أن تبلغها». وأضاءت بالتالي للإنسان سبل الحياة. فالعلاقة إذا بين الإعلام والثقافة علاقة تكامل، فتناول الثقافة من الوجهة الإعلامية يساوي تناول الإعلام من الوجهة الثقافية. لذلك يصعب الفصل بينهما وكلاً منهما ضروري للآخر. ولكون الصحف تعد من الوسائل الجماهيرية الفاعلة ولتأثيرها المباشر على الحياة الثقافية للأفراد والمجتمعات، لما تتميز به من خصائص جعلها تنفرد عن غيرها، كسهولة الحصول عليها، وقراءتها في كل زمان ومكان، إضافة إلى الكلمة المطبوعة ذات التأثير طويل المدى، والأكثر ثباتًا في الذاكرة، مثلما أقر ذلك محمد مندور حيث قال: « أن الكلمة المكتوبة، لا تزال تحتفظ وثباتها عند الجماهير وأنه من السهل أن يقف المرء عند الكلمة المكتوبة، ليفهمها على مهل ويناقشها بينه وبين نفسه، وأن القراءة أعمق وأصلح وسيلة للمعرفة والفهم والثقافة». لذلك فهي من بين الوسائل الهامة للتثقيف، فما تقدمه من عروض أدبية فنون تشكيلية، منوعات مسرح أدب…الخ. وما تلبيه من احتياجات فكرية وروحية للمتلقي زادها قيمة، وجعلها تتبوأ مكانة هامة على الساحة الإعلامية. بنقلها لمختلف الأخبار المعلومات، القيم …إلى غير ذلك. وللدور الذي تلعبه في تنمية وعي الجماهير والمستوى الثقافي للأمم منذ ظهورها، وعلى جميع الأصعدة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية. « فهي منبر للحوار والحوار ثقافة وهي وسيلة إعلام، والإعلام الحر ثقافة وتنمية وطرائق ارتقاء خاصة إذا كان طريقًا نحو الحقيقة». فالوظيفة الثقافية تعتبر من أهم الوظائف وبالتحديد اليوم. فالثقافة تعدّ من المحاور الأساسية في التنمية، لما تساهم فيه من رفع المستوى الثقافي للأفراد، وربط القارئ بالعالم الخارجي وتزويده بمختلف المعارف حول الثقافات العالمية المحيطة به…الخ. فالإعلام العالمي نجم عنه تدفقًا إعلاميًا غزيرًا محتواه يغلب عليه طابع الترفيه والتسلية (من ألعاب، موسيقى، رياضة…الخ). هذا ما يتنافى مع قيم ومبادئ ثقافتنا العربية الإسلامية. فأصبح إعلام أحادي الإتجاه وبات يهدد كيان مجتمعاتنا العربية وهويتها الفردية والجماعية. والجزائر كبلد اهتمت على مرّ الأوقات بالصحافة المكتوبة« فعملت بعد الاستقلال على رسم الأهداف التي ترمي إلى تغيير اتجاه الإعلام والصحافة من إعلام حربي إلى إعلام بناء وتشييد المجتمع». فتبنت سياسة إعلامية متكاملة هدفها الأسمى الإعلام، التهذيب، التثقيف التوعية…الخ. وفي مختلف المجالات. إذ عرفت أنذاك الصحافة الجزائرية منعرجًا إعلاميًا هامًا، فظهرت صحف جديدة وصدرت عناوين عديدة، ما فسح المجال أمامها كي تكتب وبكل حرية وتدلي بدلوها في شتى القضايا.. لكن وبالرغم من توفر كل هذه المعطيات، إلاّ أن الإعلام الجزائري كغيره يحذو حذو الإعلام العربي،يميل إلى معالجة القضايا السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الرياضية…الخ. ولا يولي أهمية للقضايا الثقافية الهادفة. والتي ترتقي بمستوى الذوق الجماهيري، وتنمي روحهم الفكرية وتشجعهم على مداومة الجهد الإبداعي…
ونظرًا لأهمية الوظيفة الثقافية في المجتمع وللدور المنوط بها في زيادة معارف المتلقي وتوعيته بالمتغيرات السياسية، الاجتماعية والثقافية التي يشهدها العالم. وكضرورة تميلها الحاجة العلمية والثقافية والاجتماعيةإرتأينا تسليط الضوء على موضوع الإعلام الثقافي عبر الصحف اليومية الجزائرية.