منذسبعينيات القرن الماضي، ومن خلال مابات يعرف بإطار المسؤولية الاجتماعية و الأخلاقية، شهد العالم تزايدا ملحوظا بالوعي البيئي على كافة الأصعدة و المستويات ومن أهم الأسباب التي دفعت بهذا الاتجاه الزيادة الكبيرة في معدلات التلوث البيئي،إضافة للتغير المناخي الناجم عن ظاهرة الاحتباس الحراري.

وعلى ضوء هذه المتغيرات برزت جمعيات وهيئات مختلفة ومتعددة حول العالمتنادي بالمحافظة علىالبيئةلجعلها مكانا آمناللعيش لناو للأجيال القادمةوتزايدت الضغوط على الحكومات والهيئات الرسميةلسن التشريعات وإتخاذ الإجراءات المناسبة لتنظيم العلاقة بين الإنسان والبيئة بما يكفل المحافظة عليها وعلى مواردها الطبيعية،وبالتالي جعلها مكانا آمنا للعيش، وقدصدرت العديد من القوانين و التشريعات في العالم بهذا الصدد .

واستجابة لهذه التشريعات والنداءات من الهيئات الرسمية والغير رسمية،فقدبدأت العديد من المؤسسات بإعادة النظر بمسؤولياته االاجتماعية و الأخلاقية في ممارساتها التسويقية،وذلك بإعطاء البعد البيئي أهميةب ارزة في استراتيجياتها التسويقية.

ساد الاعتقاد بين القائمين على النشاطات التسويقية – ولمدة زمنية ليست بالقصيرة- تمثل بالتركيز على معيار حجم المبيعات بوصفه مؤشرا على نجاح النشاطات التسويقية الساعية لبناء علاقة مباشرة ومتينة بين المؤسسة وزبائنها, ولعل زيادة حجم المبيعات أمر يسوغ كل السياسات التسويقية المتبعة ودليل نجاح المؤسسة .

وعلى هذا الأساس فقد إنتهجت العديد من المؤسساتالاقتصادية سياسات مختلفة فيها الكثير من مظاهر الإجحاف تجاه الإنسان والإضرار بالبيئة مرتكزين في ذلك على شيوع هذه الأفكار وعدم تبلور الثقافة التسويقية لدى المستهلك, فضلا عن إفتقاد التشريعات القانونية الجادة التي بإمكانها الوقوف بحزم للحد من هذا التوجه.

إلا أن تزايد المشكلات البيئية خلال العقود الثلاثة المنصرمة أثمر عن اتساع رقعة الوعي البيئي، مما دفع العديد من المتخصصين والباحثين في البحث عن حلول لهذه الظواهر البيئية،ومنهن ابدأ الاهتمام بنمط جديد فيا لتسويق، عرف بالتسويق الأخضر كمنهج تسويقي يقدم حلول لتلك الآثار الاجتماعية و البيئية السلبية، ويتمحو رحول الالتزام القوي بالمسؤولية البيئية في ممارسة الأنشطة التسويقية، يسعى باتجاه خلق حالة المواءمة بين توجهات الأطراف المساهمة في عمليات الإنتاج والتسويق بما يحقق ميزة تنافسية للمؤسسات الساعية إلى تطبيق مبادئ التسويق الأخضر.وفيظلهذهالوضعيةبرزضمنأدبياتعلمالإدارةمصطلحالتسويق الأخضرالذييعنىبالتعامل بالسلع الصديقة للبيئة و القيام بالأنشطة التسويقية في إطار الالتزام القوي بالمسؤولية البيئية و ضمن ضوابط محددة لضمان المحافظة على البيئة الطبيعية و عدم إلحاق الضرر بها.

و للإلمام بجميع جوانب التسويق الأخضر سيتم تناول الموضوع في هذه الكتابضمنثلاثةمحاور، يهتمالأولبدراسةالمضامينالمتعلقةبالبيئةالطبيعية،والمخاطرالمهددةلهامركزينعلىالتلوثوالعوامل المسببة له، بينمايضم المحور الثاني تحديد مختلف توجهات الفلسفة التسويقية و المداخلال معتمدة للتسويق الأخضر، ويضم الحور الثالث و الأخير مختلف سياسات و استراتيجياتا لمزيج التسويق الأخضر.