تفصيل
- سنة الطباعة : 2019،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ISBN : 978-9931-484-41-7.
الإنسان للكتابة انقلبت موازين حياته عقبا على رأس ، إذ بها عرف طريق العلم ومنه وجد سبيله نحو التطور والازدهار وبذلك انطلق في رحلة بنائه وتأسيسه للحضارات الإنسانية المتعددة مكانيا و زمانيا، فطوّر الكتابة ومعها أخذ يُطوّر في كل مرة وسائل التدوين ومواد الحفظ من الكتابة على جدران الكهوف و على الرقوق و جلود الحيوانات وعظامها وأوراق البردي و سعف النخيل و ألواح الطين وصل إلى الورق ومنه إلى المصغرات الفيلمية و البطاقية ومنهما إلى اكتشاف الليزر واستخدمه في كتابة المعلومات وتخزينها إلكترونيا بالاستعانة بالحاسوب وملحقاته، فوُلِدت بذلك الأقراص المرنة و الأقراص المليزرة و الأقراص الصلبة فالأقراص الصلبة الخارجية وبطاقات الذاكرة و أخذت سعة التخزين تتضاعف وحجم الحامل يتضاءل ، وفي الضفة الأخرى كانت المكتبات تقف قبالة كل هذه التغيرات والتحولات التطويرية غير مكتوفة الأيدي ولا وقفة المتفرج ، بل راحت بدورها تُأقلم من كيانها بشكل يجعلها قادرة على مواكبة هذه المستجدات بما يساهم في تعزيز مكانتها كمنبع أولي ومصدر أساسي للمعلومات خاصة مع تحول البشرية نحو مجتمع المعلومات ثم مجتمع المعرفة واللذان تُشكل “المعلومات” المصدر الأساسي والمادة الأولية ورأس المال الاستراتيجي الذي يقومان عليه ، ناهيك عما عرفه الإنسان العصري من تطور في التخصصات العلمية وما واكبه من زيادة جد ملحوظة في الإنتاج الفكري الإنساني واتساع رقعة نشر البحوث العلمية ، بدءً بظهور الطباعة في منتصف القرن الخامس عشر ووصولا إلى اكتشاف الإنترنت مع سنة 1969 والتي حَوَّلت هذا العالم الكبير إلى صغير بانتشار استخدامها في كل رقعة جغرافية على الكرة الأرضية واستخدامها في كل القطاعات ومختلف المجالات ، وبمجيئها أيضا تطّورت أيضا “مصادر المعلومات ” ذات الصيغة الإلكترونية وارتقت من مصادر معلومات إلكترونية مخزنة على وسائط وحوامل مادية إلى مصادر معلومات إلكترونية متاحة على الخط أي عبر الإنترنت بفضل ما تتيحه هذه الأخيرة من تطبيقات واستخدامات بجيليها الأول والثاني للويب.
ولا يخف على أحد أنّ مصادر المعلومات باختلاف أشكالها وتعدد أنواعها وتشعب مجالاتها العلمية التي تغطيها وتباين فئات المجتمع الموجهة لهم ، تبقى الركيزة والقاعدة الأولى والأساسية التي على أساسها نحكم على المكتبة من عدمه، فبدون مصادر معلومات لا وجود لمكتبة ودون مكتبة لا وجود للمعلومات وللمعرفة ودون هذين الأخيرين لا وجود للتطور والتنمية .
إضافة إلى ذلك ظهرت أشكال حديثة جدا من المكتبات مختلفة تماما عما ألفناه من أشكال المكتبات التقليدية كنتيجة أخرى لتغير وتطور طرق إنتاج المعلومات وحفظها و إتاحتها على أساس إلكتروني شبكي، فظهرت المكتبات الإلكترونية والمكتبات الرقمية والمكتبات الافتراضية وأصبحت تنافس المكتبات التقليدية وبشراسة في قضية توفير مصادر المعلومات الأحدث و الأدق و الأجود لاستقطاب المستفيدين إليها بأكبر عدد ممكن، فما كان من المكتبات التقليدية بما فيها المكتبات الجامعية قبلة نخبة المجتمع من الباحثين إلاّ قبول خوض تحدي الحفاظ على مستفيديها و إبقاء ترددهم عليها بنفس الوتيرة وبنفس العدد ولما لا أكثر ذلك أنها تخدُم ساعدي التطور لأي دولة والمتمثلين في التعليم الجامعي و البحث العلمي، وهذا بتوجهها نحو استحداث نمط جديد من مجموعاتها لمصادر المعلومات تُضاف إلى مجموعاتها لمصادر المعلومات التقليدية من خلال بناء وتنمية مجموعات لمصادر المعلومات الإلكترونية ، هذه المجموعات التي تعتمد أساسا على اقتناء مصادر معلومات ذات طبيعة إلكترونية إمّا المخزنة على الوسائط المادية و إما المتاحة على الخط المباشر و إما مزيج متنوع من كلا النوعين.
وتوجّه المكتبات الجامعية نحو تنمية المجموعات الإلكترونية يُعدُّ خطوة جديدة عليها ومختلفة عن الكيفية والطريقة التي ألفتها هته الأخيرة من خطوات ومراحل و إجراءات تمر بها فيما يتعلق ببناء مجموعات لمصادر المعلومات التقليدية ، هذا الاختلاف لا يكون في أهداف كل مرحلة وكل إجراء و إنما يمس أكثر مضمونهما بالنظر إلى تباين طبيعة كلا النمطين من مصادر المعلومات من التقليدية إلى الإلكترونية .
ناهيك و أنّ نجاح المكتبة الجامعية في بناء المجموعات الإلكترونية ذات قيمة وفائدة علمية يصبو إليها المستفيدون يحتاج منها الاعتماد في هذه العملية على سياسة مكتوبة لتنمية هذه المجموعات الحديثة يُصاغ محتواها ويوضع بدقة وتفصيل من قبل فريق عمل يجمع أفراده بين تخصص علم المكتبات و تقنيات المعلومات ويضطلعون بتقانين و تراخيص الإتاحة، مع الحرص على الاهتمام المتواصل بمراجعة هذه الخطة المكتوبة مراجعة دورية منتظمة مع القيام بالتقييم عند الانتهاء من تنفيذ كل مرحلة لضمان نجاعة في المستوى للنتائج المحققة مع معرفة النقص وتحديده وسبب التراجع و التأخر فيها ومعالجته وتقويمه آنيا.