الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحابته والتابعين ومن دعا بدعوته واهتدى بهديه الى يوم الدين. وبعد ….

تبدأ دراسة الادارة والفكر الاداري في مؤسساتنا التعليمية المعاصرة بالقرن التاسع عشر الميلادي، باعتباره البداية لنشأة ونمو وتطور الفكر الاداري، فيما عدا اشارات عابرة الى ممارسات ادارية في بعض الحضارات القديمة . ويتجاهل كتاب الادارة الفكر الاداري الاسلامي والمؤسسات الادارية الاسلامية، فلا يشيرون الى ذلك أصلاً، والحق فان الادارة العربية الاسلامية لم تُدرس بصورة شاملة. كما أن هـناك جوانب منها لم تبحث حتى الآن، وأن كثيراً مما جرت دراسته يفتقر الى الالتزام بأساليب البحث العلمي ومقتضياته.

ان هـذا الكتاب يمثل بدايات متواضعة في اطار دراسة الادارة العربية الاسلامية، يهدف الى لفت الانتباه الى ضرورة الاعتناء بتراثنا، وبخاصة ماله اتصال بالفكر الاداري والمؤسسات الادارية التي نشأت وتطورت خلال عصور تاريخنا وبيان أهميته وضرورة بحثه وتقويمه والافادة منه.

ان بناء مجتمع حديث يتطلب الاهتمام بالقيم والخبرات المتمثلة في التراث الحى، كما يتطلب الاهتمام بالأفكار والنظم الحديثة. وذلك يبرز أهمية دراسة الادارة الاسلامية فكرا وممارسة.

ان الفكر الاسلامي الاداري يشكل مصدرا أساسيا ترفد منه النظريات والمفاهيم الادارية التي تستهدف استيعاب واقع مجتمعاتنا الاسلامية واستشراف آمالها، وسبيلا في اغناء الفكر العالمي بأفكار ادارية رائدة وفريدة، وقد يعجز الباحثون جمع كل ما يتعلق بموضوع الحضارة العربية والفكر الاسلامي، ذلك لأنها ذات موضوعات كثيرة وتحتاج إلى مجلدات كبيرة وتفصيل أكبر، وقد حاولنا جهد طاقتنا أن نعرض في هـذا العمل ما اغفلته الدراسات التي بين يدي القارىء بحيث نقدم له مرجعاً يستقي منه جوانب المؤسسات الادارية في الدولة العربية الاسلامية.

وتيسيراً للدراسة قمنا بتقسيم المرجع إلى سبع فصول رئيسية تناولنا في الفصل الأول وعنوانه (الادارة مفهومها واهميتها)، مفهوم الادارة بشكل عام ومقومات الادارة في الدولة العربية الاسلامية والدور الحضاري الذي قام به الاسلام في تلك الأقاليم كما تناولنا خصائص الادارة العربية الاسلامية .

وفي الفصل الثاني وعنوانه (النظام السياسي في الدولة العباسية)، بحثنا بالتفصيل الخلافة والوزارة والكتابة والحجابة .

وأفردنا الفصل الثالث وعنوانه (النظام الاداري في الدولة العباسية)، للحديث عن الدواوين في الدولة العباسية وتطورها.

اما الفصل الرابع فكان بعنوان (النظام القضائي في الدولة العباسية) واختص في الحديث عن القضاء والنظر في المظالم والحسبة والشرطة .

أما الفصل الخامس وعنوانه (النظام المالي في الدولة العباسية) حيث تناولنا فيه نظم الادارة المالية والاقتصادية في الدولة العباسية، وكيفية معالجة الازمات آنذاك، وموارد بيت مال المسلمين وأيراداتها ونفقاتها، واسس الخراج وكيفية جبايته.

اما الفصل السادس فكان بعنوان (النظام الرقابي في العصر العباسي) تناول هـذا الفصل المفهوم العام للرقابة الادارية، وانواع الرقابة ومشروعيتها، والقيم الرقابية واثرها وتطورها في الدولة العربية الاسلامية.

والفصل السابع كان عنوانه (النظام النقدي في العصر العباسي) تناول هـذا الفصل: تطور النقود خلال العصر العباسي، والمؤسسات النقدية، والنظام النقدي في الدولة العربية الاسلامية، وكيفية اصلاحه، واسواق بغداد في العصر العباسي، والنشاط التجاري في اسواقها، ادارة الرسوم والضرائب في اسواق بغداد، والعوامل المؤثرة على النشاط التجاري.

والله الموفق وهو حسبنا ونعم المولى والنصير ..

المؤلفان…