مقدمة:

تعتبر المؤسسة المدرسية المؤسسة المجتمعية الأولى المكلفة بمهمتي التربية والتعليم، فهي غالبا ما تأخذ حيزا كبيرا من اهتمامات العلماء والباحثين ودراساتهم، وهذا نظرا لأهميتها الكبيرة في التكوين الفكري والثقافي للمجتمع. ونظرا لارتباط هذه المؤسسة ارتباطا وثيقا ببنية المجتمع ككل وبمؤسساته الأخرى فإنها تتطلب مرافقة وإعادة اصلاح لنظامها التربوي من فترة الى أخرى، والامة بحاجة الى منهاج يقومها ويصلحها، ليخرجها من الازمات الفكرية والانحرافات والفساد وهذا لا يكون الا بالمناهج الاسلامي.

نظرا لأهمية النظام التربوي في جميع الدول سواء المتقدمة منها أو النامية، فانه يشهد موجات متتالية من حركات الاصلاح والتطوير التربوي، المرتبطة بحاجات المجتمع الداخلية وضرورات التكيف مع المؤثرات الخارجية، والجزائر كغيرها من الدول  حاولت مواكبة  التغيرات المختلفة ومنها التربوية التي تحدث في العالم بجملة من الإصلاحات التربوية المتتالية للمناهج والمراحل الدراسية منذ الاستقلال الى يومنا هذا، بحيث تعتبر أمرية ابريل 1976 أولى أهم مراحل هذه الإصلاحات والتي ظهر ت فيها بوادر الإصلاح الأولى لكل ما خلفه المستعمر الفرنسي من تخريب مس بنية المجتمع الجزائري وخاصة في مجال الهوية  والانتماء، فحاولت الجزائر بناء منظومة مدرسية وفق مبادئ الدين الإسلامي واعتمادا على اللغة العربية كلغة رسمية للمدرسة الجزائرية وهذا ما أكدت عليه أهداف الثورة، فالأمرية كانت انطلاقة مهمة جدا للمدرسة الجزائرية. وقد استمرت عملية الإصلاح بإنشاء هيئات مرافقة ومراقبة كالمجلس الأعلى للتربية، ثم اللجنة الوطنية للإصلاح والتي باشرت عملها وفق ورشات إصلاحية وخرجت بقرارات تم على إثرها اعتماد مقاربة جديدة سمحت ببناء مناهج لكل المراحل التعليمية، وهذا لمواكبة العصر وتحقيق الجودة وفق التغيرات الحاصلة. وهذ حسب القائمين على هذه الإصلاحات.

باعتبار الشأن التربوي شأنا خاصا بالقائمين عليه والعاملين على تجسيده وكذا الأكاديميين الذين يهتمون بإحدى جوانبه، أو بكل ما له صلة به، فانه من الضروري وضع اقتراحات وتصورات لإيجاد الحلول اللازمة لإصلاح المنظومة التربوية، لان اصلاح النظام التعليمي والنهوض بالمدرسة الجزائرية مسؤولية الجميع، وهدفه خدمة المجتمع ككل، وليس المدرسة فقط. وتظهر أهمية تدخل جميع الفاعلين كل حسب اختصاصه، وهذا لإيجاد الاليات المناسبة لترسيخ قيم المجتمع في الناشئة من خلال المدرسة، وكذا مواكبة العالم الجديد، والذي أصبح يدعى بالعالم الرقمي، فالمدرسة ومحيطها وكل مكوناتها، وخاصة مكونات العملية البيداغوجية المتمثلة في المعلم والمتعلم والمنهاج تحتاج الى إعادة نظر وتقييم من فترة الى أخرى وفق استراتيجيات تسمح ببناء مخططات جديدة لمسايرة العصر الجديد، عصر الثورة التكنولوجية والمحتوى الرقمي لتحقيق الجودة في مجال التربية والتعليم والشأن التربوي، حيث أن نجاح النظام التربوي يضمن نجاح القطاعات الأخرى، لذى وجب على كل المؤسسات تبني نظرة واحدة وموحدة حول إعادة البناء ووضع مخطط يعكس ثقافة المجتمع وقيمه الإسلامية، في ظل عصر الرقمنة وهذا لتحقيق الجودة .

نحاول التطرق اليها بالتفصيل من خلال المقالات المختلفة للباحثين، والكشف عن مدى جودة التعليم بهذا المزج الرقمي والقيمي ومدى تطبيق وترسيخ القيم لدى الافراد المتمدرسين وغيرهم.

ولذلك جاء مشروع هذا الكتاب في هذا السياق ليعالج مجموعة من المواضيع  القيمة  التي تتناول وتسلط الضوء على القيم عن قرب بالوصف الدقيق والالمام به من جميع الجوانب وذلك بإعطاء حلولا اجرائية واقتراحات .

أ.د. بوكبشة جمعية