تفصيل
- الصفحات : 263 صفحة،
- سنة الطباعة : 2021،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-206-4.
في سياق الحديث عما تبدَّى في المنعطفات الفكرية الكبرى ضمن تاريخ الفكر الفلسفي الغربي تحديدا هو ما سعى فيه العقل الذي ألقىبرؤاه التأمليه صوب ما أمكنه الخوض فيه مساءلة وتقص،وباعتبار أن هذه الرؤى تندرج ضمنمنهج الفلسفة القائم على التأمل العقلي الاستنباطي لغرض تتبع مسار المسائلالميتافيزيقية، هذه الأخيرةالتي تعد واحدة من القضايا الفلسفيةالتياستقطبت الاهتمام والانتباه منذ بواكير وإرهاصات التفكيرالإنسانيفي نمطه الفلسفيونالت حظها الأوفر في متون المنظّرين لها.
وإن تعددت موارد هذه المسائل ومشاربها عبر صيرورتها التاريخية والقضايا الكبرى التي أفرزتها بدءا من اللحظة اليونانيةمع بوادرها الأولى عبر تراكمات حوصلها تفكير ميثولوجي استوحته في بعض جوانبه من الفكر الشرقي القديم السابق عليها، في بعدها الأنطلوجي،عند الفلاسفة الطبيعيين والسؤال الذي انبثق عن تلك المرحلة أي المرحلة الطبيعية كفعل للتفلسف أثارته دهشة وإحراج إستقطبته الذهنيةالأوروبيةهو سؤال الأصل، أي مصدر ومبدأ تشكل هذا الوجود وقوانينه المتحكمة فيه، كموضوع رئيس انصب مجمل اهتمامهم به.
هذا الاهتمام من لدن الفلاسفة الطبيعيين، أتاح من جهة، فسح المجال بعده لتنظير مغاير حياله لفلاسفة ينتسبون للحقبة ذاتها،وتستحضر معها مرحلة عطفت بها إلى التجريد واستتباعاته فيه، بل والإيغال فيه ونأت بذلك عن المبدأ الطبيعي، وهي ما يعرف بالمرحلة الميتافيزيقية. هاتين المرحلتين سمحت بتوجيه الأنظار من الوجود الخارجي كموضوع مستقل عن الذات الإنسانية رأسا صوب الداخل، أي من الكون ومبدئه الطبيعي وكذا مناقشة المرحلة الثانية لمواضيع أحاطتها هالة التجريد، نحو الذات الإنسانية ويتعلق الأمر بمبحث الإبستيمولوجيا أي ذلك السؤال المتمحور حولإمكانية قيام معرفة إنسانية ومنبعها الذي انبعثت منه، حيث عُنيت هذه المرحلة التي يمكن وسمها بالمرحلة الإنسانية بدراسة الإنسان، بل غدا فيها دارسا ومدروسا في آن واحد.
وتوالت بذلك المجهودات الفكرية المبذولة ووجهات النظر المختلفة باختلاف هذه التأملات والقناعات والتوجهات الفكرية والمذهبية إزاء إعتقاداتهم حول المواضيع التي تتناولها الفلسفة وبخاصة تلك المحصورة في بعدها الميتافيزيقي بالدراسة والتقصي بغية التماسأطرها التي تخوض فيها كل ينظر إليها ويُنظِّر لها من زاويته الخاصة بخصوصية كل حقبة من حقب الفكرالفلسفي.
وبتتبع مسار هذا الفكر الذي سيحط راحلته في فلسفة العصور الوسطى، التي تعد مرحلة فاصلة حالت بين محطتين: اليونانية والرومانية القديمتين من جهة، وعصر النهضة والحداثة الفلسفية من جهة مغايرة، تعدان بمثابة ثورة ضد التقليد والعقائد التي تحمل طابع الهيمنة الشمولية الكنسية تحديدا، تبتغي إعادة الاعتبار لمركزية العقل الميتافيزيقي واستتباعته بعدما غُيِّب حضوره.
غير أن هذا المشهد لم يستقر حاله، بل حدثت هنالك وثبة نوعيه انقلبت فيه الميتافيزيقا من موضوع خاض فيقضايا فلسفية تندرج ضمنها، إلى مساءلة عين ذاتها، مساءلة ساهمت في شنحملة ضدها، اتجاهات فكرية تنتمي إلى تيارات فلسفية حديثة ومعاصرة بتنويعاتها النقدية، ولم تتوقف هذه المساءلة النقدية لها في هذا الفكر بل استؤنف القول النقدي فيها مع واحد من المنتمين إلى التيار ما بعد الحداثي الفرنسي وهو الفيلسوف: “جاك دريدا”، مساءلة اتخذت لها مسارا مغايرا شكلته رؤية مغايرة عن سابقيه، مساءلة امتدت يدها طولا في تاريخ الفكر الفلسفيواستدعت موروثه الميتافيزيقي القائم على المركزيات التي استقر مقامها فيه منذ أفلاطون إلى غايةهايدغر، متمحورة كما أسماها دريدا حول مركزيات شيدها هذا الفكر: مركزية اللوغوس، مركزية الكلام أو الصوت، ومركزية الفالوسمركزيات استفحلت فيها الذهنية الغربية الأوروبية ونزعتها العرقية على سبيل الحصر، استوجب استحضارها وإعادة النظر فيها وما ينضوي في كنهها وعليه:
كيف استُحضرت واستدعيت مساءلة الموروث الميتافزيقي الغربي في نصدريدا؟
وعلى أي أساس استندت بالنظر إلى جرأة هذا السحب؟وما هي رهاناتها في قراءتها للميتافزيقا الغربية؟وأين يمكننا التماس آفاق ومكتسبات هذه المقاربة التساؤلية؟ هل هي رهانات تهدف إلى إقصاء الميتافزيقا من المشهد الفلسفي باعتبارها واحدة من موضوعاتهاأم أنها تهدف إلى إعادة تأسيسها وَفق منظورية جديدة؟