تفصيل
- الصفحات : 413 صفحة،
- سنة الطباعة : 2023،
- الغلاف : غلاف مقوى ،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-496-9.
كرست قوانين الاستقلالية الصادرة سنة 1988 بمقتضى الاصلاحات الاقتصادية التي باشرتها السلطات العمومية في الجزائر بعد الأزمة المالية الناتجة عن تراجع أسعار النقط في الأسواق العالمية تغير في دور الدولة في المجال الاقتصادي من الدولة المقاولة المحتكرة للمبادرة الاقتصادية إلى الدولة المساهمة، حيث أضحت المؤسسة في ظل هذا الدور الجديد بعد منحها الاستقلالية وتحريرها من القيود الرقابية المفروضة عليها وتحويلها من مؤسسة اشتراكية إلى مؤسسة عمومية اقتصادية، شخص معنوي قائم بذاته وخاضع للقانون الخاص منظم في شكل شركة تجارية.
بعد انسحاب الدولة من الحقل الاقتصادي وتحريره أمام المبادرات الخاصة وفقا للمبدأ الدستوري المتضمن حرية الصناعة والتجارة، كان من الضروري تأطير النشاط الاقتصادي، وذلك من خلال اعتماد قواعد وأساليب يعبر عنها بفكرة الضبط الاقتصادي التي تقوم من جهة حول أهداف هذه الوظيفة، ومن جهة أخرى حول الآليات المرتبطة بتدخل الهيئات المكلفة بمهمة الضبط، المتمثلة في سلطات الضبط المستقلة.
تعتبر سلطات الضبط المستقلة استجابة قانونية لخلفية اقتصادية تتمثل في طبيعة الدور الاقتصادي الجديد للدولة الذي يستدعي إيجاد أجهزة جديدة ضمن النظام الإداري للدولة اسندت لها مهمة ضبط النشاطات الاقتصادية وذلك من خلال السهر على السير الحسن للمنافسة في السوق المعني، تتميز عن الإدارة التقليدية بعدم خضوعها لأية سلطة رئاسية أو وصائية، مع تزويدها بجملة من الاختصاصات التي تدخل في تنظيم وضبط قطاعات استراتيجية اقتصادية ومالية[1].
لقد كانت البداية سنة 1990 بإنشاء المجلس الأعلى للإعلام الذي كيف صراحة بالسلطة الإدارية المستقلة بموجب المادة 57 من القانون 90-07 المتعلق بالإعلام التي جاء فيها: “يحدث مجلس أعلى للإعلام وهو سلطة إدارية مستقلة ضابطة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي …”. في نفس السنة تم انشاء هيئتين لضبط النشاط المصرفي لكن دون تكييفهما صراحة بوصف السلطة الإدارية المستقلة، ويتعلق الأمر بكل من مجلس النقد والقرض واللجنة المصرفية وذلك بموجب القانون 90-10 المتعلق بالنقد والقرض.
في سنة 1993 تم استحداث هيئة في مجال بورصة القيم المنقولة، وهي لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها وذلك بموجب المرسوم التشريعي 93-10 المتعلق بسوق القيم المنقولة، وفي مجال المنافسة تم سنة 1995 إنشاء مجلس المنافسة كسلطة تتمتع بالاستقلال المالي والإداري بموجب الأمر 95-06 المتعلق بالمنافسة دون أن يكيف بالسلطة الإدارية المستقلة.
وفي سنة 2000 صدر القانون 2000-03 المتعلق بالقواعد العامة المطبقة على البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية الذي نص على إنشاء سلطة ضبط البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، والتي تم استبدالها سنة 2018 بسلطة ضبط البريد والاتصالات الالكترونية من خلال أحكام القانون 18-04 المتضمن تحديد القواعد العامة المتعلقة بالبريد والاتصالات الالكترونية. في السنة نفسها تم استحداث سلطة ضبط سوق التبغ والمواد التبغية بموجب القانون 2000-06 المتضمن قانون المالية لسنة 2001.
في سنة 2001 عرف قطاع المناجم ظهور سلطتين للضبط وذلك بموجب القانون 01-10 المتضمن قانون المناجم الذي نص على استحداث الوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية والوكالة الوطنية للجيولوجيا والمراقبة المنجمية، وبعدها بسنة تم إنشاء لجنة ضبط الكهرباء والغاز بموجب القانون 02-01 المتعلق بالكهرباء ونقل الغاز عن طريق القنوات[2] وسلطة ضبط النقل بموجب القانون 02-11 المتضمن قانون المالية لسنة [3]2003. وبعدها توالت النصوص القانونية المنشئة لسلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي لتشمل الخدمات العمومية للمياه، التأمينات، المواد الصيدلانية الموجهة للاستعمال البشري والصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام[4].
إن استقراء النصوص القانونية المتعلقة بسلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي يظهر التعقيدات التي تعرفها والتناقضات التي تلازم مركزها من جهة، كما يظهر بداية تراجع المشرع الجزائري عن العمل بسلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي وذلك بالتخلي عن التسيير الجديد للاقتصاد والرجوع مرة أخرى إلى التسيير التقليدي، الأمر الذي يجعلها تتميز بالطابع الوهمي ويحد من فعاليتها في ضبط النشاط الاقتصادي، وعلى هذا الأساس أضحى مشروعا التساؤل عن مظاهر الطابع الوهمي لهذه السلطات، خاصة وأن الكثير منها لم تعرف طريقها للتجسيد الفعلي رغم مرور سنوات عديدها على إنشائها القانوني إضافة إلى عدم تمتعها بالاستقلالية التي تضمن فعالية دورها في الضبط باعتباره أهم وظائف الدولة العصرية.
للإحاطة بمختلف الجوانب التي تتطلبها الإجابة على التساؤل المطروح، سوف نعتمد على المنهج الوصفي التحليلي لمختلف الأحكام القانونية المتعلقة بسلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي، حيث نتناول موضوع الدراسة من خلال التطرق إلى عدم التجسيد الفعلي لسلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي (المطلب الأول) ثم الاستقلالية النسبية لسلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي (المطلب الثاني).
رغم توسع المشرع الجزائري في إضفاء وصف السلطة الإدارية المستقلة على الكثير من هيئات الضبط المستحدثة في المجال الاقتصادي إلا أن الواقع غير ذلك فكثير منها لم يرى النور بعد كما أن بعض الهيئات التي تم إنشاؤها باعتبارها سلطات إدارية مستقلة لم تعمر طويلا ليتم الاستغناء عنها.
تتمثل سلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي التي لم ترى النور بعد رغم مرور سنوات عديدة على استحداثها في القانون الجزائري في كل من سلطة ضبط النقل وسلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام.
بهدف احترام القواعد العامة المنصوص عليها في قانون النقل، وكذا تحقيق السير التنافسي والشفاف لسوق النقل لفائدة المتعاملين والمنتفعين[5]، استحدث المشرع الجزائري سنة 2002 سلطة ضبط النقل بموجب القانون 02-11 المتضمن قانون المالية لسنة 2003 الذي جاء فيه: “تنشأ سلطة لضبط النقل تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي… تحدد صلاحيات هذه السلطة عن طريق التنظيم”[6].
ورغم الأهمية التي يكتسيها قطاع النقل باعتباره شريان الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلا أن النص التنظيمي المحدد لصلاحيات سلطة ضبط النقل لم يرى النور إلى يومنا، وهو ما تسبب في حالة الفوضى التي يعرفها هذا المرفق الحيوي وتدني مفهوم الخدمة العمومية لدى العديد من المتعاملين الذين يفتقدون للاحترافية.
تم استحداث هذه السلطة بموجب المرسوم الرئاسي 15-247 المتضمن قانون الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام الذي نص على أنه: “تنشأ لدى الوزير المكلف بالمالية، سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، تتمتع باستقلالية التسيير، … يحدد تنظيم وكيفيات سير سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام بموجب مرسوم تنفيذي”[7].
وفي ظل عدم اكتمال النظام القانوني لسلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام المتوقف على إصدار السلطة التنفيذية ممثلة في الوزير الأول للمرسوم التنفيذي المحدد لتنظيمها وكيفية سيرها، نلاحظ أن المادة 213 من المرسوم الرئاسي 15-247 قد نصت على أنها سلطة ضبط وفق المفهوم السائد بخصوص سلطات الضبط المستقلة المنشأة في المجال الاقتصادي، هدفها ضمان التوازن بين طرفي الصفقة على أساس أن الصفقات العمومية هي عقود مكتوبة تبرم بين المصلحة المتعاقدة ومتعاملين اقتصاديين قصد تلبية حاجات المصلحة المتعاقدة في مجال الأشغال العمومية واللوازم والخدمات والدراسات استنادا لنص المادة 2 من المرسوم الرئاسي 15-247، بالإضافة إلى تنفيذ أهداف تفويض المرفق العام والمتمثلة في تحقيق المصلحة العامة وتقديم أفضل الخدمات لجمهور المنتفعين من خدمات المرافق العامة[8].
لم يكتف المشرع الجزائري بعدم تجسيد بعض سلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي فعليا، بل عبر عن نيته في الاستغناء عن بعض هذه السلطات بعد إنشائها فعليا.
تم استحداث سلطة ضبط الخدمات العمومية للمياه باعتبارها سلطة إدارية مستقلة بموجب المادة 65 من القانون 05-12 المتعلق بالمياه التي جاء فيها: “يمكن أن تمارس مهام ضبط الخدمات العمومية للمياه سلطة إدارية مستقلة… تحدد صلاحيات وكذا قواعد تنظيم سلطة الضبط وعملها عن طريق التنظيم”[9]، وتطبيقا لذلك صدر المرسوم التنفيذي 08-303 المتضمن تحديد صلاحيات وكذا قواعد تنظيم سلطة ضبط الخدمات العمومية للمياه وعملها[10] الذي نص في مادته الأولى على: “تطبيقا لأحكام المادة 65 من القانون 05-12 … يهدف هذا المرسوم إلى تحديد صلاحيات وكذا قواعد تنظيم سلطة ضبط الخدمات العمومية للمياه وعملها التي تدعى في صلب النص سلطة الضبط”، وأضافت المادة 2 من نفس المرسوم التنفيذي قولها: “تتمتع سلطة الضبط بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي”.
وجدير بالذكر أن استحداث سلطة ضبط الخدمات العمومية للمياه يندرج في إطار توجه السلطات العمومية إلى اعتماد أسلوب التسيير المفوض للخدمات العمومية[11]، حيث نصت المادة 104 من القانون 05-12 المتعلق بالمياه على إمكانية قيام الإدارة المكلفة بالموارد المائية التي تتصرف باسم الدولة أو صاحب الامتياز تفويض كل أو جزء من تسيير نشاطات الخدمة العمومية للماء أو التطهير لمتعاملين عموميين أو خواص لهم مؤهلات مهنية وضمانات مالية كافية، ومن أجل ذلك تكلف سلطة الضبط بالسهر على حسن سير الخدمات العمومية للمياه مع الأخذ بعين الاعتبار بصفة خاصة مصالح المستعملين.
إلا أن المشرع الجزائري ما لبث أن قام بإلغاء سلطة ضبط الخدمات العمومية للمياه في خرق صارخ لقاعدة توازي الأشكال، إذ بعدما تم استحداث هذه السلطة بموجب نص تشريعي من خلال القانون 05-12 تدخلت السلطة التنفيذية سنة 2018 بإصدار المرسوم التنفيذي 18-163 المتضمن إلغاء المرسوم التنفيذي 08-303 الذي يحدد صلاحيات وكذا قواعد تنظيم سلطة ضبط الخدمات العمومية للمياه وعملها[12]، وتحويل جميع الممتلكات والحقوق والالتزامات والوسائل والمستخدمين إلى وزارة الموارد المائية بعد إجراء جرد كمي ونوعي وتقديري تعده لجنة يعين أعضاءها كل من وزير الموارد المائية ووزير المالية.
تم استحداث الوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية بموجب المادة 44 من القانون 01-10 المتضمن قانون المناجم بقولها: “تنشأ وكالة وطنية للممتلكات المنجمية، وهي سلطة إدارية مستقلة، …” كما تم استحداث الوكالة الوطنية للجيولوجيا والمراقبة المنجمية بموجب المادة 45 من نفس القانون والتي جاء فيها: “تنشأ وكالة وطنية للجيولوجيا والمراقبة المنجمية، وهي سلطة إدارية مستقلة، …”[13].
وبصدور القانون الجديد للمناجم سنة 2014 تم حل الوكالتين المنجميتين واستحداث وكالة لتسيير المنشآت الجيولوجية والتي تدعى “وكالة المصلحة الجيولوجية للجزائر” تحل في الحقوق والواجبات محل الوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية، كما تم استحداث وكالة لتسيير الممتلكات المنجمية ومراقبة النشاطات المنجمية وتدعى “الوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية” تحل في الحقوق والواجبات محل الوكالة الوطنية للجيولوجيا والمراقبة المنجمية وهذا طبقا لنص المادة 37 و188 من القانون 14- 05 المتضمن قانون المناجم[14].
كما أسقط المشرع الجزائري الطابع الإداري عن الوكالتين، ليضفي عليهما بدلا من ذلك الطابع التجاري حيث نصت المادة 38 من نفس القانون على عدم خضوع الوكالتان المنجميتان للقواعد المطبقة على الإدارة لا سيما فيما يتعلق بتنظيمهما وسيرهما والقانون الأساسي للعمال المشتغلين بهما بالإضافة إلى مسك محاسبة الوكالتين المنجميتين حسب الشكل التجاري.
وبذلك يكون المشرع قد اعتبر الوكالتين المنجميتين وكالات تجارية مثلما هو الحال بالنسبة لوكالتي المحروقات المستحدثتين بموجب المادة 12 ف1 من القانون 05-07 المتعلق بالمحروقات، حيث استبعد تطبيق قواعد القانون العام على الوكالتين المنجميتين ووكالتي المحروقات وذلك بموجب نص المادة 12 ف2 من نفس القانون[15] لتخضع مقابل ذلك لقواعد القانون الخاص وتتشابه مع النظام القانوني للهيئات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري التي تعد تاجرة في علاقاتها مع الغير وتخضع لقواعد القانون التجاري[16] .
نص المشرع الجزائري على استحداث الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية المستعملة في الطب البشري بموجب المادة 173-1 من القانون 85/05 المؤرخ في 16 فبراير 1985 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها المعدل والمتمم بالقانون 08-13 المؤرخ في 20 يوليو 2008 باعتبارها سلطة إدارية مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي[17].
وبالرغم من أهمية الدور الذي تضطلع به هذه الوكالة في إطار السياسة الوطنية في مجال المواد الصيدلانية المستعملة في الطب البشري من خلال السهر على تشجيع الإنتاج الوطني في مجال المواد الصيدلانية والمستلزمات الطبية الموجهة للاستعمال في الطب البشري والسهر على سلامتها وفعاليتها ونوعيتها ومراقبتها[18]، إلا أن المشرع لم يبادر بإصدار النصوص التنظيمية المتعلقة بتحديد تنظيم الوكالة وقانونها الأساسي، والذي لم يظهر إلا بعد مرور 8 سنوات من تقرير استحداثها بموجب المرسوم التنفيذين 15- 308 المؤرخ في 6 ديسمبر 2015 المتضمن تحديد مهام الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية المستعملة في الطب البشري وتنظيمها وسيرها وكذا القانون الأساسي لمستخدميها[19] والمرسوم التنفيذي 15- 309 المؤرخ في 6 ديسمبر 2015 المتضمن مهام اللجان المنشأة لدى الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية المستعملة في الطب البشري[20].
وبصدور القانون 18-11 المتعلق بالصحة الذي ألغى أحكام القانون 85- 05 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها المعدل والمتمم، نص المشرع في الفصل الرابع من الباب الخامس على إنشاء الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية بوصفها مؤسسة عمومية ذات تسيير خاص تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتوضع تحت وصاية الوزير المكلف بالصحة[21]، وهو ما أكدته المادة 2 من المرسوم التنفيذي 19- 190 المتضمن تحديد مهام الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية وتنظيمها وسيرها التي جاء فيها: “الوكالة مؤسسة عمومية ذات تسيير خاص تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي. وتوضع الوكالة تحت وصاية الوزير المكلف بالصحة”[22].
إن تكييف الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية على أنها مؤسسة عمومية ذات تسيير خاص عوض سلطة إدارية مستقلة المكرس ضمن أحكام القانون 85- 05 المعدل والمتمم والمرسوم التنفيذي 15- 308 يكتنفه الكثير من الغموض على أساس أن المشرع الجزائري لم يعرف المؤسسة العمومية ذات التسيير الخاص ضمن أحكام القانون 88-01 المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية[23]، بالرغم من تكييفه لأجهزة الضمان الاجتماعي بالهيئات العمومية ذات التسيير الخاص، والتي لم تعرف طريقها للتطبيق حيث أن المرسوم التنفيذي 92-07 المتضمن الوضع القانوني لصناديق الضمان الاجتماعي[24] لم يشر إلى التسمية المكرسة في المادة 49 من القانون 88-01 السالف الذكر.
تم إنشاء سلطة ضبط سوق التبغ والمواد التبغية بموجب القانون 33 من القانون 2000-06 المتضمن قانون المالية لسنة 2001[25] المتممة للمادة 298 من قانون الضرائب غير المباشرة[26] التي جاء فيها: “تحدث لدى الوزير المكلف بالمالية سلطة ضبط سوق التبغ والمواد التبغية”.
إن ما يميز سلطة ضبط التبغ والمواد التبغية أنه رغم الطابع الانتقالي لوزير المالية في منح الاعتماد لصناعة التبغ المكرس في المادة 298 ف2 من قانون الضرائب غير المباشرة المتممة بموجب قانون المالية لسنة 2001 السالف الذكر بقولها: “بصفة انتقالية، يعتمد صانعوا و/أو موزعو التبغ من طرف وزير المالية”، وكذلك في المادة 44 من المرسوم التنفيذي 04- 331 المتعلق بتنظيم نشاطات صنع المواد التبغية واستيرادها وتوزيعه التي نصت على أنه: “تمارس المديرية العامة للضرائب ريثما يتم وضع سلطة ضبط سوق التبغ والمواد التبغية، الصلاحيات المخولة لهذه السلطة”[27]، إلا أنه وبصدور المرسوم التنفيذي المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي 04-331 أصبحت سلطة ضبط سوق التبغ والمواد التبغية بمثابة هيئة تحت وصاية وزارة المالية وهو ما يظهر من خلال[28]:
– يتولى الوزير المكلف بالمالية أو ممثله مهام الرئيس.
– تتكون سلطة الضبط من أعضاء يمثلون عددا من الدوائر الوزارية وهو ما يكرس هيمنة السلطة التنفيذية على تشكيلتها.
– يتولى الوزير المكلف بالمالية تحديد القائمة الاسمية لأعضاء سلطة الضبط بموجب قرار بناء على اقتراح من الدوائر الوزارية المعنية.
– تتولى المديرية العامة للضرائب (وزارة المالية) مهام أمانة سلطة الضبط.
– يتولى الوزير المكلف بالمالية صلاحية منح الاعتماد لممارسة نشاط التبغ أو رفضه أو سحبه وذلك بموجب مقرر يصدر خلال ثلاثين يوما من تاريخ إصدار موافقة سلطة ضبط سوق التبغ والمواد التبغية التي أصبح دورها يقتصر على دراسة ملفات طلب اعتماد صانع المواد التبغية وإبداء الرأي المطابق المطلوب بشأنها.
– عدم تمتع سلطة ضبط سوق التبغ والمواد التبغية باستقلالية مالية حيث تسجل الاعتمادات الضرورية لسيرها ضمن ميزانية وزارة المالية.
– يتولى الوزير المكلف بالمالية تحديد قواعد السير الداخلي لسلطة الضبط بموجب قرار.
خول المشرع الجزائري سلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي سلطات عديدة من أجل تأدية وظيفة الضبط المخولة لها قانونا، كما اعترف لبعض منها بالاستقلالية بصورة صريحة عكس بعض سلطات الضبط الأخرى التي لم يضف عليها طابع الاستقلالية صراحة كمجلس النقد والقرض واللجنة المصرفية.
ويقصد بالاستقلالية التي تتميز بها سلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي عدم خضوعها لأية رقابة إدارية، مع عدم تلقيها أية تعليمة من أية جهة، كما يقصد باستقلالية سلطات الضبط حسب الأستاذ “زوايمية رشيد” عدم الخضوع لأية رقابة سلمية كانت أم وصائية، سواء كانت السلطة المعنية تتمتع بالشخصية المعنوية أم لا[29].
وبالرغم من اعتراف المشرع باستقلالية سلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي من خلال النصوص المنشأة لها، إلا أن هذه الاستقلالية لم تكتمل حقيقة كون أن السلطة التنفيذية تحتفظ ببعض من وسائل التأثير التي تشكل قيدا على استقلاليتها من الناحية العضوية والوظيفية.
رغم مظاهر الاستقلالية العضوية لسلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي والمتمثلة في الطابع الجماعي والمختلط لهذه السلطات وفي طريقة تعيين أعضائها التي تتميز بتعدد الجهات المقترحة لها، إلا أن الاستقلالية العضوية لا تخلو من قيود تعرقل استقلالية هذه السلطات والتي تظهر في احتكار السلطة التنفيذية لصلاحية التعيين، غياب القواعد المتعلقة بالعهدة وأخيرا غياب إجراء الامتناع.
باستقراء النصوص المنشأة لسلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي يتبين أن تعيين أعضائها يتم تارة بموجب مرسوم رئاسي يصدره رئيس الجمهورية وتارة أخرى بموجب مرسوم تنفيذي يصدره الوزير الأول أو بقرار من الوزير المكلف بالمالية، وهو ما يدل على احتكار السلطة التنفيذية لصلاحية التعيين.
فبالرجوع إلى أحكام الأمر 03-11 المتعلق بالنقد والقرض[30]، نجد أن المشرع قد خول صلاحية تعيين رئيس وأعضاء مجلس النقد والقرض لرئيس الجمهورية، حيث يتكون مجلس النقد والقرض من[31]:
– أعضاء مجلس إدارة بنك الجزائر، والذي يتكون من المحافظ ونواب المحافظ الثلاثة المعينين بمرسوم من رئيس الجمهورية وثلاثة موظفين ذوي أعلى درجة بحكم كفاءتهم في المجالين الاقتصادي والمالي يعينون بمرسوم من رئيس الجمهورية[32].
– شخصيتين تختاران بحكم كفاءتهما في المسائل الاقتصادية والنقدية ويعينان عضوين في المجلس بموجب مرسوم من رئيس الجمهورية[33].
كما يحتكر رئيس الجمهورية بموجب نص المادة 106 ف2 من الأمر 03-11 المتعلق بالنقد والقرض صلاحية تعيين رئيس وأعضاء اللجنة المصرفية، والتي تتكون من[34]:
– المحافظ، رئيسا.
– ثلاثة أعضاء يختارون بحكم كفاءتهم في المجال المصرفي والمالي والمحاسبي.
– قاضيين، ينتدب الأول من المحكمة العليا ويختاره رئيسها الأول وينتدب الثاني من مجلس الدولة ويختاره رئيس المجلس، بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء.
– ممثل عن مجلس المحاسبة يختاره رئيس هذا المجلس من بين المستشارين الأولين.
– ممثل عن الوزير المكلف بالمالية.
الأمر نفسه بالنسبة لطريقة تعيين رئيس وأعضاء مجلس المنافسة، وهذا استنادا لنص المادة 25 من الأمر 03-03 المتعلق بالمنافسة[35] المعدلة والمتممة بالمادة 11 من القانون 08-12 التي جاء فيها: “يعين رئيس المجلس ونائبا الرئيس والأعضاء الآخرون لمجلس المنافسة بموجب مرسوم رئاسي …”[36].
كما يتمتع رئيس الجمهورية بصلاحية تعيين رئيس وأعضاء لجنة ضبط الكهرباء والغاز، حيث تتولى إدارة لجنة الضبط لجنة مديرة تتشكل من رئيس وثلاثة مديرين يتم تعيينهم بموجب مرسوم رئاسي بناء على اقتراح من الوزير المكلف بالطاقة، في حين يتم تعيين أعضاء غرفة التحكيم للجنة الضبط من طرف الوزير المكلف بالطاقة ووزير العدل حيث نصت المادة 134 من القانون 02-01 المتعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز بواسطة القنوات على أنه: “تضم غرفة التحكيم:
– ثلاثة (3) أعضاء من بينهم الرئيس وثلاثة (3) أعضاء إضافيين، يعينهم الوزير المكلف بالطاقة، لمدة ست (6) سنوات قابلة للتجديد،
– قاضيين (2) يعينهما الوزير المكلف بالعدل…”.
وأيضا نفس طريقة التعيين بالنسبة لرئيس وأعضاء سلطة ضبط البريد والاتصالات الالكترونية، فاستنادا لنص المادة 20 ف1 من القانون 18-04 المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد والاتصالات الالكترونية[37]، يتم تعيين رئيس وأعضاء مجلس سلطة الضبط الذي يتشكل من سبعة أعضاء من طرف رئيس الجمهورية بناء على اقتراح من الوزير الأول ويتم اختيارهم بالنظر إلى كفاءتهم التقنية والقانونية والاقتصادية.
كما يتم تعيين رئيس لجنة الإشراف على التأمينات بموجب مرسوم رئاسي بناء على اقتراح من الوزير المكلف بالمالية، القاضيان أيضا بموجب مرسوم رئاسي بعد اقتراح من المحكمة العليا، والوضع نفسه بالنسبة لممثل الوزير المكلف بالمالية والخبير في ميدان التأمينات الذي يقترحه الوزير المكلف بالمالية[38].
أما بالنسبة للجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة، فرغم أن تعيين رئيس اللجنة من صلاحيات الوزير الأول وهذا ما نصت عليه المادة 2 من المرسوم التنفيذي 94-175 بقولها: “يعين رئيس لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها لمدة نيابية تدوم أربع 4 سنوات بمرسوم تنفيذي يتخذ في مجلس الحكومة، بناء على اقتراح من الوزير المكلف بالمالية”[39]، على أن يتم تعيين باقي أعضاء اللجنة من طرف الوزير المكلف بالمالية طبقا لنص المادة 22 من المرسوم التشريعي 93-10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة[40].
لكي تكون العهدة معيار لقياس مدى استقلالية سلطات الضبط في المجال الاقتصادي يجب تحديد مدة انتداب الرئيس والأعضاء لمدة معقولة وجعلها غير قابلة للتجديد والقطع إلا في حالة حدوث المانع أو ارتكاب الخطأ الجسيم[41] .
لقد جاءت أحكام القانون 02-01 المتعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز بواسطة القنوات خالية من تحديد مدة انتداب رئيس وأعضاء لجنة ضبط الكهرباء والغاز، والأمر كذلك بالنسبة للجنة الإشراف على التأمينات، أما بالنسبة لمجلس النقد والقرض فقد أصبح محافظ بنك الجزائر ونوابه الثلاثة لا يتمتعون بضمانة العهدة بعدما كانت مكرسة في القانون 90-10 المتعلق بالنقد والقرض[42] الملغى بالأمر 03-10 حيث حددت المادة 22 منه مدة عهدة محافظ بنك الجزائر بستة سنوات وبالنسبة لنواب المحافظ بخمس سنوات.
إن عدم تحديد العهدة من شأنه أن يحد من استقلالية أعضاء سلطات الضبط المستقلة في مواجهة السلطة التي تملك التعيين أي السلطة التنفيذية، شأنه في ذلك شأن عدم تحديد الصفة التجديدة للعهدة أو النص على إمكانية تجديدها، وهو الأمر الذي ينطبق على أعضاء لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها حيث لم يشر المشرع لا بصفة صريحة أو ضمنية لإمكانية تجديد العهدة، وكذلك سلطة ضبط البريد والاتصالات الالكترونية التي يتمتع أعضاءها بإمكانية التجديد لمرة واحدة استنادا لنص المادة 20 ف2 من القانون 18-04.
أما بالنسبة لإمكانية قطع العهدة، فقد نص المرسوم التنفيذي 94-157 السالف الذكر على إمكانية إنهاء مهام رئيس لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها في حالة ارتكاب خطأ مهني جسيم أو لظروف استثنائية تعرض رسميا على مجلس الحكومة دون أن يقضي بذلك بالنسبة لباقي الأعضاء، كذلك تم قطع عهدة محافظ بنك الجزائر رغم أن القانون 90-10 المتعلق بالنقد والقرض يمنح لمحافظ بنك الجزائر الذي هو رئيس مجلس النقد والقرض الحق في ممارسة مهامه لعهدة مدتها ستة سنوات ولا يمكن عزله إلا في حالة العجز أو الخطأ الجسم، حيث صدر مرسوم رئاسي مؤرخ في 21 يوليو 1992 يقضي بإقالة محافظ بنك الجزائر المعين بعد صدور القانون بموجب المرسوم الرئاسي المؤرخ في 15 أبريل 1990.
بهدف إبعاد أعضاء سلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي عن جميع أنواع الضغوطات التي يمكن ممارسها من قبل المتعاملين الاقتصاديين، نص المشرع على إجراء تكميلي لنظام التنافي المكرس بموجب أحكام الأمر 07-01 المتعلق بحالات التنافي والالتزامات الخاصة ببعض المناصب والوظائف[43]، والمتمثل في إجراء الامتناع الذي يقصد به منع بعض أعضاء سلطة الضبط المستقلة من المشاركة في المداولات المتعلقة بالمؤسسات التي لهم فيها مصالح[44].
وقد كرس المشرع الجزائري إجراء الامتناع بالنسبة لأعضاء مجلس المنافسة دون غيره من سلطات الضبط في المجال الاقتصادي، حيث نصت المادة 29 ف1 من الأمر 03-03 المتعلق بالمنافسة على أنه: “لا يمكن أي عضو في مجلس المنافسة أن يشارك في مداولة تتعلق بقضية له فيها مصلحة أو يكون بينه وبين أحد أطرافها صلة قرابة إلى الدرجة الرابعة، أو يكون قد مثل أو يمثل أحد الأطراف المعنية”.
إن عدم تكريس إجراء الامتناع يعتبر ضربا لمبدأ الحياد الذي هو أساس استقلالية سلطات الضبط في المجال الاقتصادي، حيث أن مشاركة أحد أعضاء سلطة الضبط في المداولات التي تنعقد وهو يمتلك مصلحة مع أحد أطراف القضية المعروضة أمام هذه السلطة من شأنها أن تدفعه إلى ترجيح الكفة لصالح المتعامل الاقتصادي المتابع وخدمة مصالحه[45]، وهو ما ذهب إليه مجلس الدولة الفرنسي في أحد قراراته التي قضت بإلغاء القرار الصادر عن المجمع العقابي لسلطة الأسواق المالية الفرنسية ضد أحد المتعاملين الاقتصاديين وذلك بسبب مشاركة أحد أعضاء هذا المجلس وهو على علاقة بالمتعامل الاقتصادي المتابع أمامها[46].
بالرغم من مظاهر الاستقلالية الوظيفية لسلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي لا سيما من حيث الاستقلالية المالية والإدارية، إلا أن هذه الاستقلالية تبقى نسبية حيث نجد عدم الاعتراف بالشخصية المعنوية لبعض سلطات الضبط، إعداد التقرير السنوي ورفعه إلى السلطة التنفيذية، الاستقلالية النسبية من الناحية المالية.
لم يعترف المشرع لمجلس النقد والقرض، اللجنة المصرفية ولجنة الإشراف على التأمينات بالشخصية المعنوية، عكس معظم سلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي التي اعترف لها صراحة بالشخصية المعنوية.
إن عدم تمتع بعض سلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي بالشخصية المعنوية وإن كان لا يعد معيارا حاسما لتحديد أو لقياس درجة استقلاليتها من الناحية الوظيفية[47]، إلا أن من شأنه الحد من استقلاليتها وذلك بالنظر إلى النتائج المترتبة عنه كأهلية التقاضي والتعاقد وتحمل المسؤولية وفقا للقواعد العامة.
فمن حيث أهلية التقاضي، يعتبر غياب أهلية التقاضي بالنسبة لسلطات الضبط المستقلة التي لا تتمتع بالشخصية المعنوية تقيدا لحريتها في الادعاء أو الدفاع أمام القضاء دون المرور بالهيئة التي تنتمي إليها، وبالعكس فإن كل سلطة ضبط تتمتع بالشخصية المعنوية تستطيع المطالبة بحقوقها أمام القضاء والتصدي للدعاوى التي ترفع ضدها[48].
أما من حيث تحمل المسؤولية عن أعمالها فيعتبر إلقاء المسؤولية على سلطات الضبط المستقلة من أهم النتائج المترتبة على تمتعها بالشخصية المعنوية، وهو ما ينطبق على سلطات الضبط التي تتمتع بالشخصية المعنوية حيث تلقى المسؤولية على عاتقها نتيجة الأضرار الناجمة عن أخطائها ويتم التعويض من ذمتها الخاصة وليس من ذمة الدولة كما هو الحال بالنسبة لسلطات الضبط المستقلة التي لا تتمتع بالشخصية المعنوية وبالتالي الدولة هي المسؤولة عن التعويض.
يعتبر إعداد التقرير السنوي وإرساله إلى السلطة التنفيذية تقييدا لاستقلالية سلطات الضبط المستقلة من الناحية الوظيفية في القيام بمهامها، نتيجة الرقابة التي تمارسها السلطة التنفيذية على النشاطات السنوية لسلطات الضبط.
ونجد هذا النوع من الرقابة مكرس على مستوى العديد من سلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي، فاستنادا لنص المادة 27 من الأمر 03-03 المتعلق بالمنافسة يرفع مجلس المنافسة تقريرا سنويا عن نشاطاته إلى الهيئة التشريعية وإلى رئيس الحكومة وإلى الوزير المكلف بالتجارة مع اشتراط نشره في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية وفي أية وسيلة إعلامية أخرى.
الأمر نفسه بالنسبة للجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها التي تقدم تقريرا سنويا عن نشاطات سوق القيم المنقولة إلى الحكومة وهذا استنادا لنص المادة 14 من القانون 03-04 المعدل والمتمم للمرسوم التشريعي 93-13 المتعلق ببورصة القيم المنقولة[49]، كما تلتزم سلطة ضبط البريد والاتصالات الالكترونية بإعداد تقريرها السنوي الذي يتضمن قراراتها وآرائها واقتراحاتها ونشره وإرساله إلى البرلمان بغرفتيه، الوزارة الأولى والوزارة المكلفة بالبريد والاتصالات الالكترونية[50].
اعترف المشرع لمعظم سلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي بالاستقلال المالي صراحة، إلا أن هذه الاستقلالية ليست مطلقة نتيجة التأثيرات التي تمارسها الدولة، فبالنسبة للجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها لا تعتمد في تمويلها على مواردها الخاصة فقط وإنما تعتمد على إعانات الدولة التي تخصص من الميزانية العامة للدولة، بالإضافة إلى تدخل السلطة التنفيذية في تحديد نسب الأتاوى.
الأمر نفسه بالنسبة لسلطة ضبط البريد والاتصالات الالكترونية حيث تمارس الدولة الرقابة على الاعتمادات المالية الإضافية والضرورية لتمكين سلطة الضبط من تأدية مهامها والتي تقيد في الميزانية العامة للدولة، بالإضافة إلى تدخل السلطة التنفيذية عن طريق قوانين المالية في تحديد النسب المئوية من ناتج المقابل المالي المستحق بعنوان الترخيص والرخصة والترخيص العام المنصوص عليهم في المواد 34 و123 و131 من القانون 18-04 السالف الذكر.
كما تسجل ميزانية مجلس المنافسة ضمن أبواب ميزانية وزارة التجارة، وتخضع للقواعد العامة للتسيير المطبقة على ميزانية الدولة هذا من جهة [51]، ومن جهة أخرى لا يملك مجلس المنافسة مصادر تمويل خاصة به كما هو الشأن بالنسبة للجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها وسلطة ضبط البريد والاتصالات الالكترونية ولجنة ضبط الكهرباء والغاز.
[1] ناصري نبيل، (2021)، تسوية منازعات المنافسة بين سلطات الضبط والهيئات القضائية، مجلة أبحاث قانونية وسياسية، ع1، جامعة محمد الصديق بن يحي، الجزائر.
[2] القانون 02-01 المؤرخ في 05 فبراير 2002، يتعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز بواسطة القنوات، ج.ر عدد 8 لسنة 2002.
[3] القانون 02- 11 المؤرخ في 24 ديسمبر 2002، يتضمن قانون المالية لسنة 2002، ج.ر عدد86 لسنة 2003.
[4] المرسوم الرئاسي 15- 247 المؤرخ في 16 سبتمبر 2015، يتضمن قانون الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، ج.ر عدد50 لسنة 2015.
[5] قوراري مجدوب، (2010)، سلطات الضبط في المجال الاقتصادي، مذكرة ماجستير في القانون، جامعة أبي بكر بلقايد، الجزائر، ص35.
[6] المادة 102 من القانون 02- 11، مرجع سابق.
[7] المادة 213 من المرسوم الرئاسي 15- 247، مرجع سابق.
[8] غربي أحسن، (2020)، سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام كآلية لحماية المال العام، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، م3، ع1، المركز الجامعي بآفلو، الجزائر، ص41.
[9] القانون 05-12 المؤرخ في 4 غشت 2005 يتعلق بالمياه، ح.ر عدد 60 لسنة 2005.
[10] المرسوم التنفيذي 08- 303 المؤرخ في 27 سبتمبر 2008، يحدد صلاحيات وكذا قواعد تنظيم سلطة ضبط الخدمات العمومية للمياه وعملها، ج.ر عدد 56 لسنة 2008.
[11] بوخميس سهيلة، (2015)، دور سلطة ضبط الخدمات العمومية للمياه في ضبط قطاع المياه في الجزائر، مجلة حوليات جامعة قالمة للعلوم الاجتماعية والإنسانية، ع13، جامعة 8 ماي 1945، الجزائر، ص404.
[12] المرسوم التنفيذي 08- 303 المؤرخ في 27 سبتمبر 2008، يحدد صلاحيات وكذا قواعد تنظيم سلطة ضبط الخدمات العمومية للمياه وعملها، ج.ر عدد 56 لسنة 2008.
[13] القانون 01-10 المؤرخ في 3 يوليو 2001، يتضمن قانون المناجم، ج.ر عدد35 لسنة 2001.
[14] القانون 14-05 المؤرخ في 24 فبراير 2014، يتضمن قانون المناجم، ج.ر عدد18 لسنة 2014.
[15] القانون 05-07 المؤرخ في 28 أبريل 2005، يتعلق بالمحروقات، ج.ر عدد50 لسنة 2005.
[16] لكحل صالح، (2018)، مدى انسحاب الدولة من الحقل الاقتصادي في الجزائر، رسالة دكتوراه في القانون، جامعة مولود معمري، الجزائر، ص287.
[17] القانون 08-13 المؤرخ في 20 يوليو 2008، المتضمن قانون حماية الصحة وترقيتها، ج.ر عدد 44 لسنة 2008.
[18] سعيود محمد الطاهر، (2020)، دور الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية في ظل أحكام القانون 18-11 المتعلق بالصحة، مجلة القانون الدولي والتنمية، م 10، ع2، جامعة عبد الحميد بن باديس، الجزائر، ص172.
[19] المرسوم التنفيذي 15-308 المؤرخ في 6 ديسمبر 2015، يتضمن تحديد مهام الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية المستعملة في الطب البشري وتنظيمها وسيرها وكذا القانون الأساسي لمستخدميها، ج.ر عدد 67 لسنة 2015.
[20] المرسوم التنفيذي 15- 309 المؤرخ في 6 ديسمبر 2015، يتضمن مهام اللجان المنشأة لدى الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية المستعملة في الطب البشري، ج.ر عدد 67 لسنة 2015.
[21] القانون 18- 11 المؤرخ في 2 يوليو 2018، متعلق بالصحة، ج.ر عدد 46 لسنة 2018.
[22] المرسوم التنفيذي 19- 190 المؤرخ في 3 يوليو 2019، المتضمن تحديد مهام الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية وتنظيمها وسيرها، ج.ر عدد43 لسنة 2019.
[23] القانون 88-01 المؤرخ في 12 يناير 1988، يتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية، ج. ر عدد 2 لسنة 1988.
[24] المرسوم التنفيذي 92-07 المؤرخ في 4 يناير 1992، يتضمن الوضع القانوني لصناديق الضمان الاجتماعي والتنظيم المالي والإداري للضمان الاجتماعي، ج.ر عدد 02 لسنة 1992.
[25] القانون 2000-06 المؤرخ في 23 ديسمبر 2000، يتضمن قانون المالية لسنة 2001، ج.ر عدد80 لسنة 2000.
[26] الأمر 76- 104 المؤرخ في 9 ديسمبر 1976، يتضمن قانون الضرائب المباشرة، ج.ر عدد 102 لسنة 1976.
[27] المرسوم التنفيذي 04-331 المؤرخ في 18 أكتوبر 2004، متعلق بتنظيم نشاطات صنع المواد التبغية واستيرادها وتوزيعها، ج.ر عدد 66 لسنة 2004.
[28] المرسوم التنفيذي 21- 171 المؤرخ في 28 أبريل 2021 يعدل ويتمم المرسوم التنفيذي 04-331 المتضمن تنظيم نشاطات صنع المواد التبغية واستيرادها وتوزيعها، ج.ر عدد 33 لسنة 2021.
[29]ZOUAIMIA Rachid, (2005), Les autorités administratives indépendantes et la régulation économique en Algeria, Alger, Edition Houma, pp 16-17.
[30] الأمر 03-11 المؤرخ في 26 غشت 2003، يتعلق بالنقد والقرض، ج.ر عدد52 لسنة 2003، المعدل والمتمم بالأمر 10-04 المؤرخ في 26 غشت 2010، ج.ر عدد 50 لسنة 2010.
[31] المادة 58 من الأمر 03-11، نفس المرجع.
[32] المادة 13 و18 من الأمر 03-11، مرجع سابق.
[33] المادة 59 ف1 من الأمر 03-11، نفس المرجع.
[34] المادة 106 ف1 من الأمر 03-11، مرجع سابق.
[35] الأمر 03- 03 المؤرخ في 19 يوليو 2003، المتعلق بالمنافسة، ج.ر عدد43 لسنة 2003.
[36] القانون 08- 12 المؤرخ في 25 يونيو 2008، المعدل والمتمم للأمر 03-03 المتعلق بالمنافسة، ج.ر عدد 36 لسنة 2008.
[37] القانون 18-04 المؤرخ في 10 مايو 2018، المتضمن تحديد القواعد العامة المتعلقة بالبريد والاتصالات الالكترونية، ج.ر عدد 27 لسنة 2018.
[38] القانون 06- 04 المؤرخ في 20 فبراير 2006 المعدل والمتمم للأمر 95-07 المتعلق بالتأمينات، ج.ر عدد 15 لسنة 2006.
[39] المرسوم التنفيذي 94-175 المؤرخ في 13 يونيو 1994، يتضمن تطبيق المواد 21،22، و29 من المرسوم التشريعي 93-10 المؤرخ في 23 مايو 1993 والمتعلق ببورصة القيم المنقولة، ج.ر عدد 41 لسنة 1994.
[40] المرسوم التشريعي 93-10 المؤرخ في 23 مايو 1993، يتعلق ببورصة القيم المنقولة، ج.ر عدد 34 لسنة 1993.
[41] BERRI Noureddine, (2014), Les nouveaux modes de régulation en matière de télécommunication, Thèse de doctorat en Droit, Université MOULOUD Moamri, ALGERIE, P216.
[42] القانون 90-10 المؤرخ في 14 أبريل 1990، المتعلق بالنقد والقرض، ج.ر عدد 16 لسنة 1990.
[43] الأمر 07-01 المؤرخ في 1 مارس 2007، يتعلق بحالات التنافي والالتزامات الخاصة ببعض المناصب والوظائف، ح.ر عدد16 لسنة 2007.
[44] موساوي نبيل، (2019)، حياد السلطات الإدارية المستقلة، رسالة دكتوراه في القانون،، جامعة عبد الرحمن ميرة، الجزائر، ص79.
[45] موساوي نبيل، (2019)، مرجع سابق، ص80.
[46] SAUVE Jean-Marc et ANDRIEU Thomas, (2008), Justice administrative et autorité de régulation, Edition Dalloz, Paris, pp 5-6.
[47]ZOUAIMIA Rachid, Op. Cit, p17.
[48] لباد ناصر، (2007)، الوجيز في القانون الإداري، ط 2، الجزائر، لباد للنشر والتوزيع، ص87.
[49] القانون 03-04 المؤرخ في 17 فبراير 2003، المعدلة والمتممة للمادة 30 من المرسوم التشريعي 93-10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة، ج.ر عدد 11 لسنة2003.
[50] المادة 13ف14 من القانون 18-04، مرجع سابق.
[51] المادة 33 من الأمر 03-03، مرجع سابق.