تفصيل

  • الصفحات : 203 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2025،
  • الغلاف : مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • الأبعاد : 24*17،
  • ردمك : 978-9969-06-033-1.

المقدمة:

تحتل الخصومة الادارية التي اسند المشرع اختصاص الفصل فيها للجهات القضائية الادارية، حيزا كبيرا بين الخصومات الأخرى ولا شك فيه أن السبب في ذلك يرجع الى تزايد وتشعب نشاط الادارة، هذه الاخيرة التي يسمح لها القانون بان تمتثل أمام القضاء في وضعيتين كمدعي ومدعى عليها، أين يفترض تطبيق قواعد إجرائية متميزة، تختلف عن القواعد المنظمة لحل النزاع المدني في القضاء العادي وهذا تماشيا مع الاصلاح القضائي الذي جاء به التعديل الدستوري 1996 والذي تجسد بتأسيس جهات قضائية إدارية تخص النزاعات في المادة الإدارية، ونخص بالذكر إنشاء محاكم إدارية كهيئات قضائية قاعدية، تتولى الولاية العامة في مثل هذه النزاعات، أين استكمل الإصلاح القضائي تنظيم قضائي جاء به القانون العضوي رقم 05-11 مؤرخ في 17 جويلية 2005 المتضمن التنظيم القضائي والذي فصل بوضوح بين ما يسمى بالنظام القضائي العادي والنظام القضائي الاداري أين نص المشرع على إجراءات تقاضي خاصة بالهيئات القضائية الادارية (أحكام المواد 800 الى 989 من قانون الاجراءات المدنية والإدارية) وتعتبر هذه الاجراءات التي تم نقلها من نظام التقاضي الإداري في فرنسا ذات طابع إداري بمعنى غير تلك التي تتبع أمام جهات النظام القضائي العادي.

ولقد تبنى المشرع الجزائري نظام القضاء المزدوج من خلال دستور 1996 والمكرس بموجب القوانين اللاحقة منها القانون رقم 98-02 المؤرخ في 30 مايو 1998 المتعلق بالمحاكم الادارية، هذا الوضع من شأنه أن يجعل صاحب الحق الذي يستعمل حقه في الدعوى بولوج باب القضاء من جهتين القضاء العادي والقضاء الفاصل في المادة الادارية.

ما استدعى بذلك الأمر تسليط الرقابة القضائية على اعمال الإدارة العامة، ضمان لمبدأ المشروعية وحماية حقوق الافراد وحرياتهم من كافة أسباب الفساد باعتبارها من أنجع أنواع الرقابة تحقيقا وحيادا ونزاهة، إلا ان ضمان فعالية هذا النوع من الرقابة يستلزم وضع قواعد وهيئات قضائية للفصل في النزاعات الادارية وفضها بطريقة تشكل أكبر الضمانات لتحقيق المصلحة العامة وحماية حقوق الافراد وحرياتهم.

  • إلا أن إقرار الازدواجية القضائية لأول مرة في الجزائر يطرح صعوبات مختلفة على مستوى فهم مضمون وأبعاد الممارسة القضائية الادارية بشكلها الجديد، بالمقارنة مع ما كانت عليه في ظل الوحدة القضائية، يظهر ذلك على صعيد تطبيق الاجراءات المتبعة في المنازعات الادارية واختلاط اجراءاتها القضاء العادي، الذي تغلب عليه القواعد الخاصة ورغم ذلك يعتمد عليه كأساس في بناء استقلال القضاء الاداري، حيث تعد المحاكم الادارية جزءا من هيئات القضاء الاداري في الجزائر، وهي صاحبة الاختصاص العام، في النظر والفصل في المنازعات التي تكون الادارة العامة طرف فيها في النظام القضائي الجزائري الجديد، حيث حلت المحاكم الإدارية محل الغرف الادارية الدور الذي ستؤديه من خلال استقلالها بالنزاعات الادارية المحلية.

كما تعتبر عملية تحديد الاختصاص بمثابة الوسيلة الضرورية التي تساعد الجهات القضائية، سواء الإدارية أو العادية على الوقوف على درجة ومدى اختصاصها بالنظر في المنازعات التي تكون الأشخاص الإدارية العامة طرفا فيها، ويعتبر موضوع الاختصاص القضائي في المادة الإدارية في الجزائر موضوعا هاما لما له عن أهمية ودور في الموازنة بين المصالح العامة وحماية حقوق وحريات الأفراد وتتجلى أهميته فيما يلي:

  • يقوم بالتسهيل على المتقاضين في تحديد معايير الاختصاص القضائي مما يوجههم ويجنبهم معاناة البحث عن الجهة القضائية المختصة بحماية حقوقهم وحرياتهم، أيضا يساعد ويدعم القاضي في تحديد الأشخاص خاصة في ظل التحويلات التي تعرفها الدولة وذلك من خلال تزايد تدخلها في الحياة اليومية للأفراد.
  • تتمتع المحاكم الإدارية باختصاص عام وولاية عامة في المادة الإدارية إلا ما أسنده القانون صراحة إلى جهة أخرى غيرها، فالمحكمة الإدارية في النظام القضائي الجزائري قائم على الازدواجية في هيكله القضائي تعتبر لا محالة جهات الولاية العامة في المنازعة الإدارية وهي بذلك تختص في جميع القضايا التي تكون الدولة، أو الولاية، أو البلدية، أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها.
  • إن اختصاص المحاكم الإدارية يقتصر على الجانب القضائي وتجد اختصاص المحكمة الإدارية مصدره في المادة الأولى من القانون 02/28 المتعلق بالمحاكم الإدارية إضافة إلى المرسوم التنفيذي 356/98 الذي عدل بموجب المرسوم التنفيذي رقم 195/11 ثم المواد من 800 إلى 806 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية مع النصوص الخاصة التي جاءت في المادة 3/803 من نفس القانون.
  • إلا أن وجود القضاء بحد ذاته بعد مظهرا من مظاهر تحقيق العدالة ووجها من وجوه الإنصاف، إلا أن ذلك لا يكتمل ولا يتم بمفرده فقط، فإنه لا قيمة لذلك القضاء إن لم يقترن بضرورة احترام أحكامه ووجوب تنفيذها فلابد من توفير حماية حقيقية للمحكوم له، لأنه لا جدوى من فصله في المنازعة إذا لم تحترم وتنفذ هذه الأحكام خاصة في القضاء الإداري ولا شك أن تأخير أو تعطيل أو الامتناع عن تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية يشكل عنوانا للمساس بمبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات وهما الركيزة الأساسية للدولة والحكم الراشد.

وأخيرا تجدر الإشارة إنه من ضمن الإصلاحات التي أدخلها القانون رقم 22_13 المؤرخ في 12 يوليو 2022 المعدل والمتمم للقانون 08-09 المؤرخ في25 فبراير 2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، إن هو إنشاء المحاكم الإدارية الاستئنافية تختص هذه المحاكم بالفصل في استئناف الأحكام والأوامر الصادرة عن المحاكم الإدارية، إذ كان توكيل محام أمام المحكمة الإدارية للاستئناف إلزاميا تحت طائلة عدم قبول الدعوى تطبيقا لأحكام المادة 400 مكرر 2 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، فإنه أمام المحاكم الإدارية الابتدائية توكيل محامي غير الزامي إذا أصبح اختياريا فقط وذلك تطبيقا الصفة الجديدة للمادة 815 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية التي وردت في القانون المؤرخ في 12 يوليو 2022، يجوز إذا للمدعي تقديم عريضته أمام المحكمة الإدارية بنفسه دون الاستعانة بمحامي.

محافظة الدولة:

تنص المادة 5 من القانون 028 السابق، على أن:

” يتولى محافظ الدولة النيابة العامة بمساعدة محافظي دولة مساعدين”.

  • التعيين: لم يحدد لا شروط خاصة ولا كيفيات تعيينه، ذلك انه قاض يعين بمرسوم رئاسي شأنه شأن جميع قضاة الهيئات القضائية العادية أو الإدارية.
  • الاختصاص: لقد حدد القانون اختصاص محافظ الدولة – بصورة عامة – حينما ولاه دور النيابة العامة، كما هو الحال بالنسبة لمحافظ الدولة بمجلس الدولة رغم ما يكتنف ذلك من قصور.

إن قصر مهمة محافظة الدولة على مهام النيابة العامة، دليل واضح على مدى تأثر المشرع بالنظام السابق للغرفة الإدارية بالمحكمة العليا في ظل نظام مغاير لنظام الازدواجية القضائية الذي تسعى الجزائر إلى إقامته وهو ما يقتضي – بالضرورة – تكييف اختصاصاته مع طبيعة القضاء الإداري، وذلك بتخويل محافظي الدولة دورا أكثر فعالية ومساهمة في حل المنازعات الإدارية على غرار ما هو سائد أنظمة القضاء المزدوج بالنسبة لهذه الهيئة، التي تتمتع بصلاحيات معتبرة في فض النزاع والفصل فيه (التحقيق، الوساطة بين الأطراف، والتقريب بين وجهات النظر).

 

 

المستشارون:

تضم المحكمة الإدارية مجموعة من تضم المستشارين لهم صفة القضاة يقومون بالتشكيلات القضائية للفصل في القضايا المطروحة أمامهم، ولم تحدد النصوص أحكاما خاصة لتعيينهم ولا اختصاصات متميزة عما هو سائد بالنسبة لقضاة ومستشاري القضاء العادي.

خلافا للموضع بمجلس الدولة، فإن المحاكم الإدارية لا يوجد بها مستشارون في مهمة غير عادية، نظرا لاقتصار اختصاصها على المجال القضائي دون الاستشاري، عكس ما هو في فرنسا حيث تخول النصوص المحاكم الإدارية ممارسة اختصاصات في شكل تقديم آراء Avis بطلب من بعض الجهات الإدارية.

رئاسة المحكمة الإدارية:

لا يتمتع رئيس المحكمة الإدارية بمركز قانوني مغاير لمركز رئيس المحكمة العادية، سواء من حيث التعيين أو الاختصاص:

لم ينص القانون رقم 98-02، ولا المرسوم التنفيذي رقم 98-356، المشار إليهما أعلاه، على شروط وإجراءات خاصة لتعيين رئيس المحكمة الإدارية باعتباره قاضيا، فهو يعين بمرسوم رئاسي، تطبيقا للمادة 85 من الدستور. ولم يتطرق النصان السابقان إلى اختصاصات رئيس المحكمة الإدارية إلا فيما يتعلق بكتاب الضبط من حيث توزيعهم على الغرف أو الأقسام ومراقبتهم، وذلك بالاشتراك مع محافظ الدولة بالمحكمة الإدارية وهو الأمر الذي يستدعي تحديد المسؤوليات بهذا الشأن، درءا للتنازع.

وعليه، فإن تطبيق القواعد العامة بهذا الصدد تسمح بتخويل رئيس المحكمة الإدارية، إضافة إلى مساهمته في العمل القضائي برئاسته للتشكيلات القضائية (الغرف)، القيام بأعمال إدارية تتعلق بالتسيير والاشراف الإداري على المحكمة الإدارية، كما هو الحال في المحاكم العادية، حيث يقوم بالتنسيق بين القضاة والسهر على مداومتهم وانضباطهم، كما يصدر العديد من الاعمال الإدارية والولائية في شكل أوامر أو رخص إدارية.

أخيرا تجدر الإشارة إلى أن المحاكم الإدارية تتكون من:

  • رئيس المحكمة
  • محافظ الدولة ومساعديه
  • المستشارين، وهم جميعا يخضعون للقانون الأساسي للقضاء رقم 89-21 السابق، والساري على جميع الجهات القضائية القائمة بالقضاء العادي والقضاء الإداري.
  • كتابة ضبط.

أسباب اختيار موضوع البحث:

تتلخص أسباب اختيارنا لهذا الموضوع فيما يلي:

  • الرغبة في الزيادة العلمية في مجال إجراءات التقاضي امام المحاكم الإدارية
  • فتح نافذة على الإجراءات الإدارية المتبعة أمام الجهات القضائية في ظل نظام ازدواجية القضاء الحالي في الجزائر.
  • الوقوف بالتحليل والتقييم لكل الإجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية الإدارية منذ نشر الدعوى الإدارية إلى غاية صدور الحكم النهائي.
  • تثمين جملة التعديلات الجديدة الواردة في قانون 08-09 والتطرق إلى بعض المآخذ والنقائص المثارة حوله من الباحثين والفقهاء وما أبرزته التطبيقات القضائية علميا
  • من بين الصعوبات التي تتميز بها المنازعات الإدارية والتي كثيرا ما يواجهها لا فقط المتقاضي العادي، ولكن حتى المحامي المتعود على هذا النوع من المنازعات القضائية، هو تفادي تصريح القاضي الإداري بعدم قبول الدعوى لاقترانها بعيب من عيوب تقديم العريضة ما تظهره العديد من الأحكام التي تقضي بعدم قبول الدعوى لخرقها اجراء من الإجراءات أو لعدم صحة الإجراءات وهكذا فإن القضايا التي يقضي بعدم قبولها يزداد بشكل كبير، أمام المحاكم الإدارية الابتدائية خاصة الدعاوى التي يباشرها المتقاضين بأنفسهم دون توكيل محامي
  • قلة أو ندرة الأبحاث العلمية بالنسبة لإجراءات الدعوى الإدارية أو بالمقارنة مع الدعوى العادية.

أهمية البحث:

إن أهمية هذا الموضوع تكمن في معرفة الإجراءات المتبعة أمام المحاكم الإدارية منذ رفع الدعوى إلى غاية صدور الحكم هذا ما يتطلب الالمام بمختلف القوانين الإجرائية والموضوعية في هذا المجال إضافة إلى معرفة الإجراءات المشتركة بين القضاء العادي والإداري.

  • الأهمية النظرية الموضوع الدراسة:

تكمن الأهمية النظرية لهذا البحث في انه يهدف إلى تحديد الإطار العام التي جاء به قانون الإجراءات المدنية والإدارية في مواجهة الإدارة وذلك من خلال مختلف المفاهيم التي تطرقت لها.