مقدمة

تعد الأسرة البيئة الاجتماعية الأولى التي يؤسس فيها الفرد شخصيته ويعزز بها مكانته وذلك وفقا للتنشئة الاجتماعية التي تلقـاهـا، فكل فرد يسعى إلى رسم مستقبله بأهداف وغايات تعمل الأسرة على ترسيخها فيه، حيث لا تعتبر الأسرة المؤسسة الوحيدة المعنية بوظيفة التربية والتوجيه بحكم وجود مؤسسات أخرى من أهمها المدرسة بكل أطوارها وهي أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية على اعتبارها حقلا للتنافس، فهي تعمل على تأطير وتكوين التلاميذ  لأدوار ووظائف اجتماعية ومهنية متمايزة وكذا تنمية طموحات وأحلام  التلميذ  حتى يتمكن من مسايرة الواقع المعاش .

غير أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للأسرة له تأثير كبير في رسم مستقبل الأبناء، وبالتحديد زيادة طموحاتهم والتطلع للمستويات العليا؛ فالتعليم  يلعب دورا مهما في حياتهم وفي تحديد مصيرهم إذ أصبح الحديث عنه محط اهتمام المجتمعات، ذلك أن التحولات العميقة على  مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية  والثقافية التي  طرأت على المجتمع دفعت بالأفراد إلى التطلع أكثر للمستقبل كل حسب كفاءته العلمية ومواهبه الفكرية التي تعطي للثقافة أبعادها وتدفع بها نحو الإبداع

من هنا جاءت دراستنا للأصل الاجتماعي للأسرة بمختلف رؤوس أموالها وعلاقته بمختلف الطموحات المستقبلية للأبناء. تحت التساؤل الرئيسي التالي: هل يحتمل وجود علاقة ذات دلالة اجتماعية بين الأصل الاجتماعي للأسرة وبين مختلف الطموحات المستقبلية للأبناء؟

وجاءت فرضيات الدراسة على الشكل التالي :

1/ يحتمل وجود علاقة ذات دلالة إجتماعية بين الرأسمال الثقافي للأسرة والمحدد بـ: ( اللغة، المستوى التعليمي للوالدين، ما تحمله الأسرة من ممتلكات ثقافية، السلطة الرمزية التي تحظى بها الأسرة)

وبين منطلقات  الطموح الاجتماعي للأبناء  والمحدد بـ:( اختيار تخصص جيد، الإقتناع بالتخصص المدروس،النظرة المتفائلة للمستقبل،المطالعة كفعل لزيادة الوعي،الرغبة في الوصول إلى مكانة إجتماعية عالية )

2/ يحتمل وجود علاقة ذات دلالة اجتماعية بين الرأسمال الاقتصادي للأسرة والمحدد بـ: ( مداخيل الأسرة أي الرفاهية المادية وما يترتب عنها من نصيب الفرد من الدخل، الاستفادة من الممتلكات المادية والعقارات، التحاق الأبناء بدروس الدعم )

وبين منطلقات الطموح المهني للأبناء  والمحدد بـ: ( المهنة المرغوب بها مستقبلا، دوافع الأسرة من اختيار مهنة الأبناء، اختيار تخصص  قصير المدى، الأمل في المستقبل، الهدف من الدراسة هو الوصول إلى مهنة فقط )

3/ يحتمل وجود علاقة  ذات دلالة اجتماعية بين الرأسمال المجالي  والمحدد بـــــــ: ( طبيعة السكن من حيث الملكية وعدد الأفراد في الغرفة الواحدة، الاستقلالية في السكن من حيث نوع الأسرة نووية كانت أو ممتدة، مكان الإقامة بمجالها الحضري والشبه حضري والريفي،القرب الفيزيائي عن المدرسة، شبكة العلاقات الإجتماعية، مهن الآباء وما يترتب عنها من سلط رمزية )

وبين منطلقات الطموح الأسري للأبناء والمحدد بـ : ( عدم الاستقلالية في اتخاذ القرار،العمل على تحقيق طموحات الأسرة،رغبة العيش في وسط ممتد،الرجوع للأسرة في أي قرار )

أما هندسة الدراسة فكانت على الشكل الآتي :

فصل تمهيدي: عنوناه الإطار النظري للدراسة وتضمن أسباب اختيار الموضوع، أهمية الدراسة، أهداف الدراسة الدراسات السابقة، إشكالية الدراسة، تساؤلات الدراسة، فروض الدراسة، مفاهيم الدراسة، المقاربة النظرية للدراسة.

فصل ميداني: عنوناه الإجراءات الميدانية للدراسة  ونتائجها وتضمن المنهج، أدوات جمع البيانات، مجالات الدراسة، مجتمع البحث والعينة، عرض ووصف المتغير المستقل والتابع، الاستنتاج العام، الخاتمة.

ولقد استندنا في هذه الدراسة على مراجع رأينا أنها أساسية أهمها:

• جليل وديع شكور، تأثير الأهل على مستقبل البناء.
• بيار بورديو، جون كلود باسرون، إعادة الانتاج.
• Agnès van zanten , choisir son école , stratégies familiales et indications1 locale
• . Francisse Robay , Niveau D’aspiration Et Dexpection

وقد تمخضت عن هذه الدراسة نتائجا نراها مهمة، ندعو زملاءنا الباحثين إلى التدقيق فيها من خلال البحث  لإعطاء رؤية أكثر وضوحا لهذا المجال الدقيق من تخصصات علم الإجتماع