لقد تزايد الاهتمام بعلم الإحصاء بكافة فروعه وتوجهاته في وقتنا الحاضر وهذا راجع أساسا إلى البعد النظري والإجرائي الذي يؤطر أهداف ومحتوى هذا العلم، والذي تتجسد تطبيقاته العملية في أغلب منهجيات البحث العلمي التي تتناول دراسة الظواهر الاجتماعية والتربوية والإنسانية عامة، بحيث أصبح علم الإحصاء مطلبا أساسيا في عمليات البحث العلمي.

إن الإحصاء في البحوث هو العد الشامل لمعلومات رقمية يتم عرضها في جداول ورسوم بيانية لمعرفة تجمعها وتشتتها وارتباطها. والإحصاء هو أيضا العلم الذي يمثل مجموعة الطرق المستعملة في تحليل البيانات المتوفرة واتخاذ القرارات لمواجهة الظواهر المختلفة. وفي إطار هذه الأهمية أخذت الجامعات والكليات بكافة اختصاصاتها العلمية ومستوياتها الأكاديمية بالتوجه بشكل حاد نحو تدريس علم الإحصاء كمقرر دراسي على مستويات مختلفة، لتلبية حاجات الطلبة واستكمال نيتهم المعرفية والسلوكية التي ترتبط بعملية جمع المعلومات والبيانات ذات الصلة بالظاهرة المدروسة وتبويبها وتلخيصها وعرضها وتحليلها لغرض اتخاذ قرارات صائبة بصددها.

بناء على ما تقدم جاء هذا الكتاب بمثابة إثراء واستمرارية لمساهمة ذوي الاختصاصات العلمية في تطوير علم الإحصاء، بالإضافة إلى مساعدة الطلبة والباحثين والمهتمين بالاستخدامات الإحصائية للاستزادة والتعمق في معطيات الإحصاء الوصفي على الصعيدين النظري والتطبيقي.

إن هذا الكتاب هو ثمرة تدريس مقياس الإحصاء الوصفي لعدة سنوات، جاء للتعريف بالإحصاء الوصفي وأسلوب العمل الإحصائي وعرض لأهم المقاييس الإحصائية وفق أمثلة تطبيقية. وإلى جانب ذلك يتضمن الكتاب في آخر فصوله سلاسل تمارين تطبيقية محلولة، خاصة بمحاور الكتاب التالية: أسلوب العمل الإحصائي، طرق عرض البيانات، مقاييس النزعة المركزية، الربيعيات، العشيريات والمئينيات ومقاييس التشتت، وللتدريب ختم الكتاب في الملاحق بتمارين أخرى. بهذا يتمكن الطالب أو الباحث من كيفية تطبيق الأساليب الإحصائية الوصفية في مجال البحث العلمي من حيث الطريقة الإجرائية والاستفادة البحثية والعلمية.

في الأخير الحمد لله الذي وفقني في إنجاز هذا الكتاب، الذي أرجوا من العلي القدير أن يكون عونا لكل طالب علم ويحتسبه من العمل الصالح،  كما أنتهز هذه الفرصة لتقديم شكري وامتناني وفائق التقدير لجميع من شجعني في تدريس مقياس الإحصاء وتأليف الكتاب بكل من جامعتي البليدة وجامعة الأغواط، وأخص بالذكر لجنة قراءة وتحكيم الكتاب، متمنية للجميع دوام الصحة والنجاح والتوفيق. ونسأل الله تعالى أن يوفقنا في ما يسهم في تطوير البحث العلمي.