يعدُّ الإعلام الدولي أحد فروع الدراسات الإعلامية السريعة التطور والشديدة التعقيد، لأنه يتداخل بمساحات واسعة في كثير من فروع المعرفة العلمية الأخرى، مثل العلوم السياسية والعلاقات الدولية والقانون الدولي والإستراتيجية والأنثروبولوجيا الثقافية والمعلوماتية والتكنولوجيا وغيرها، وينجم عن أي تطور في هذه المعارف الإنسانية تطور في الإعلام الدولي ذاته، وتعقد في مجالاته البحثية والمعرفية، إذ يشتمل على قضايا الثقافة وتحويل الناتج الثقافي إلى سلع، وانتشار الأنباء والمعلومات التي تبثها إمبراطوريات وائل الإعلام عبر العالم، والتحديات التي تواجهها دول العالم الثالث نتيجة لهذه العمليات.

كما يعد نظام الاتصال والإعلام الدولي مكوناً أساسياً من مكونات النظام الدولي في عصر العولمة، وتمثل السيطرة عليه أحد الأهداف الإستراتيجية للقوى الكبرى، باعتبار أن السيطرة عليه تمثل السيطرة على احد أدوات الصراع الدولي، فضلاً عن أن تطورات نظام الاتصال والإعلام الدولي تعكس التفاعلات والصراعات الدولية في جوانبها المادية وغير المادية.

ويدرس الإعلام الدولي قضايا توزيع القوة في البيئة الدولية، وقضايا التكنولوجيا والرقابة، وحقوق الإنسان. وبالنسبة للتكنولوجيا ذاتها، يدرس الإعلام الدولي قضايا البث التلفزيوني المباشر عبر الأقمار الصناعية، ودور الدولة القومية، وحرية الإعلام، ويدرس علاوة على ذلك دور المنظمات الدولية في قضايا الإعلام الدولي.

كما واكب الفضاء الإعلامي المعاصر ووسائله الكونية الحديثة كالصحافة والإذاعة والتلفزيون والانترنت والهاتف المحمول، الثورة الصناعية وثورة ديمقراطية المجتمع والتغير في ميزان القوى الدولية، وبروز النظام العالمي الجديد.

وهكذا، فإن الإعلام لم يعد أداة تابعة للعمل السياسي فحسب، وإنما أصبح يدخل في صميم العمليات السياسية على المستوى الداخلي والخارجي، منذ بدايتها وحتى نهايتها.

بعبارة أخرى أصبح الإعلام جزءاً متكاملاً في نسيج العمل السياسي والدولي بمستوياته وأشكاله المختلفة، وأصبحت وسائل الإعلام الدولية فاعلاً أساسياً في المشهد السياسي والدولي، إذ أنها تمتلك قوة سياسية مؤثرة تتركز في قدرتها على تشكيل رؤيتنا للعالم الذي يحيط بنا وفي تشكيل تفكيرنا عن هذا العالم.

هذا الكتاب يمثل إضافة جديدة ومطلوبة في مجال الإعلام والاتصال الدولي، حيث تناول المؤلف في فصول الكتاب الأربعة عشر  عدد من الموضوعات كما هو مبين في فهرسة الكتاب، كما يتسم هذا الكتاب بالمنهجية العلمية خاصة أن المؤلف وضع فيه خلاصة تجربته البحثية.

وبهذا العمل المتواضع أسأل الله أن أكون وفقت في تقديم هذا الكتاب ليكون بمثابة نبراساً يضيء الطريق إلى كل محبي المعرفة والعلم .

المؤلف

د.مصطفى يوسف كافي

2021