تفصيل

  • الصفحات : 263 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2018،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-484-93-6.

أن التطور الحاصل في البنية الاتصالية لوسائل الإعلام الجديد فرض طابعا جديدا على الرسالة الإعلامية واتجاهات التعامل معها، في إطار متغيرات العلاقة الاتصالية، إستنادا على إفرازات هذا التطور الذي نشهده يوميا، فقد شهد العصر الحالي سرعة فائقة في صناعة وسائل الإتصال وتطويرها في مجال تكنولوجيا الإعلام والمعلومات الإلكترونية، وتجسدت ثورة الإتصال من خلال إندماج وتزاوج ظاهرة تفجر المعلومات وتعدد أساليبها، بمعنى أنه تم المزج بين أكثر من تكنولوجيا إتصالية تمتلكها أكثر من وسيلة لتحقيق الهدف النهائي وهو توصيل الرسالة الإتصالية، وهي ما أطلق عليها التكنولوجيا التفاعلية (1).

ولعل جوانب هذه التكنولوجيا التفاعلية هي ما يمثل السمات الإتصالية لشبكة الإنترنت التي باتت تعد أبرز ما تمخضت عنه تطورات تكنولوجيا الإتصال الحديثة، والبيئة التي تتسارع إليها وسائل الإعلام التقليدية لإيجاد حضور لها مستفيدة من ميزاتها وسرعتها في نقل المعلومة.

ففي ظل الثورة الإتصالية التي يشهدها العالم الآن أصبحت ظاهرة الإنترنت واسعة الانتشار، وتطرح مداخل جديدة في فاعلية الجمهور، وطبيعة المضمون، ورجع الصدى، حيث لم يعد الإتصال عملية أحادية الإتجاه بل عملية تفاعلية، ولم يعد المستقبل متلقيا سلبيا، بل يلعب دورا إيجابيا ومؤثرا في الفعل الاتصالي(2).

كما أن إتاحة الخدمات الإخبارية خاصة من قبل المواقع الإخبارية في إطار متغيرات البيئة الإلكترونية الجديدة وتحدياتها، وبشكل مباشر، غير إلى حد ما من اعتبارها وفق المفهوم التقليدي بأنها وسيلة إعلامية غير مباشرة لا تملك حضورا ونسخة ورقية وبالتالي لا تعد من وسائل الإعلام الأكثر جماهيرية.

وتعد الصحف من أبرز وسائل الإعلام تأثيرا على الصعيدين الداخلي والخارجي لدى أي مجتمع، وهي المصدر الرئيس الذي تعتمد عليه وسائل الإعلام الجماهيرية على إختلاف أنواعها وسياساتها وأشكالها، ومع تطور تكنولوجيا الإتصال وظهور الإنترنت كوسيط إعلامي فاعل، اتجهت كما ذكرناه سابقا، إلى نشر أخبارها على مواقع خاصة بها، أو من خلال مواقع البحث العالمية مستفيدة من مزايا البيئة الإتصالية والتقنيات الحديثة، حيث لم يعد دورها قائما على العلاقة مع الحيز الجغرافي أو المشتركين الذين تزودهم بالأعداد، إنما تعدى ذلك إلى توفير خدمات للقارئ في إطار ما وفرته الإنترنت من عناصر التفاعلية التي تعد أبرز سماتها.

ولا يخفى أن الجزائر في ظل هذه العولمة التكنولوجية والإعلامية شهدت منذ عام 1996 تحرير شبكة الإنترنت(3) بعد نضال طويل من طرف وسائل الإعلام خلال صيف 1997 بأحدث ما يمكن أن نسميه بثورة الناشرين أين أصبح امتلاك موقع إلكتروني على الإنترنت ضرورة تسمح بضمان حضور الجريدة على المستوى العالمي عن طريق الواب، ويسمح أيضا بتفادي أي رقابة وحذف من شأنها منع نشر مقال أو توقيف إصدار الجريدة وهذا كذلك غذته تعددية وسائل الإعلام وانتشارها إرتباطا بالتعددية الحزبية أنذاك فقبل وقت مضى لم تكن هناك تعددية على مستوى المصادر الإعلامية وكان الإنترنت غير متاح للجميع إلا بحدود، حيث عرفت الجزائر دخول الإنترنت في مارس 1994 بالربط مع مركز البحث في الإعلام العلمي والتقني CERIST وتوالي الربط مع هيئات أخرى بقدرات وطاقات عالية وكذا المصادقة في الحكومة على مرسوم تنفيذي رقم 25-98 والذي حدد شروط الإستثمار في ميدان الإنترنت سمح بإنشاء موزعين وسطاء خواص على غرار مركز البحث في الإعلام العلمي والتقني وبهذا تم رفع احتكار الدولة، لذلك أوجد هذا النمو في بيئة الإنترنت مجالا رحبا وخصبا لإنطلاق أنواع متعددة من الوسائل الإعلامية أبرزها الصحف الورقية التي أنشأت موقعا إلكترونيا لها أكسبها حضورا أكثر في هذه البيئة الرقمية، وتتنوع طرق الإستفادة من خصائص البيئة الإتصالية الرقمية الجديدة هذه وتكنولوجيا الإتصال الحديثة من وسيلة لأخرى، بفعل عوامل مختلفة تقف في مقدمتها مدى توفر إمكانات التعامل مع التقنيات الحديثة، والتنوع في طرق عرض ونشر المادة الإعلامية، ليس في نطاق الخصائص الإتصالية لشبكة الإنترنت فحسب، إنما يتعدى التنوع إلى توفير الخدمة الإخبارية عبر تقنيات وتطبيقات حديثة تسعى هذه المواقع والصحف الإلكترونية إلى توفيرها للمشتركين والقراء.

وهنا تتجسد أهمية التطبيقات الإعلامية الحديثة في ضوء التطورات الحديثة لتكنولوجيا الإتصال والمعلومات الإلكترونية، لاسيما على شبكة الإنترنت، وتبرز في هذا السياق خيارات متعددة في العلاقة بين المستخدم والوسيلة الإعلامية تتجلى في السمة الأكثر إستخداما الآن لتعزيز هذه العلاقة وهي خيار التفاعلية الذي باتت وسائل الإعلام تتبناه في تعاملها مع مستخدمي شبكة الإنترنت في العالم بأسره.

ولذلك فإن خصوصية هذه الوسيلة الإعلامية التفاعلية، هي السياق العام الذي تتم فيه العملية بين المرسل والمستقبل والمستقبل كمرسل كذلك إرتباطا بما سبق الإشارة إليه في أن العملية الإعلامية هي مسار لا خطي متعددة الإتجاهات، وهي أيضا السياق الذي يوجه المشهد والواقع الإعلامي الجديد ليس في الجزائر فحسب بل العالم أجمع.

لهذا فقد قامت هذه الدراسة بالبحث في الصحافة   الرقمية الجزائرية التي تعيش اليوم مشهدا إعلاميا متفتحا تكنولوجيا، قائما على اللاأحادية و اللاخطية ذاتها مستفيدا من مزايا التحرير إلى منبر للتعاليق وحرية التعبير من الطرفين القائم بالإتصال والقارئ والإستفتاءات وإستطلاعات الرأي، والمنتديات، والمواضيع المنشورة تولي أولويات اهتمامات الجمهور بقضايا لم نعهدها في النشر والطرح في نسخها الورقية إضافة إلى أنها أفكار مستحدثة تنشر بهدف التغيير الإجتماعي تتبناها الصحف بادئ الأمر، وكما يقول روجرز فإن عملية تبني المستحدث يعتبر أساس التغير الإجتماعي سواء كان ذلك في قبول تبني المستحدث أم رفضه، وهو يمر بمراحل ثلاث تتمحور حول خلق أو إنتاج شيء ما يمكن إعتباره جديدا أو مختلفا ومرحلة نشر أو إتصال هذا الشيء الجديد لأفراد النظام الإجتماعي وبعدها مرحلة النتائج الفردية أو الجماعية التي تظهر إما من قبول المستحدث أو رفضه وهو ما يحدد حدوث التغيير الإجتماعي، ولقد تبنت الباحثة هذا المدخل في الدراسة بإعتباره المدخل المنهجي الأنسب لدراسة واقع الإعلام الجديد اليوم والمشهد الإعلامي الذي نشهده بالمبتكرات الحديثة والتي غيرت فعلا من أنماط عدة في قراءاتنا وتفاعلاتنا مع القضايا المنشورة على صفحات الصحف الإلكترونية عامة والجزائرية بخاصة والعالم يلحظ هذا القبول الكبير للمستحدث الجديد بنسبة متزايدة في إقتناء هذه التكنولوجيات ذات الوسائط المتعددة.