تفصيل
- الصفحات : 190 صفحة،
- سنة الطباعة : 2024،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى ،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-746-5.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما إلى يوم الدين، وبعد؛
فقد ألّف المعجميّون العرب العشرات من المعاجم اللغوية، ولا يكاد يخلو قرن من القرون من ظهور معجم أو أكثر، وتختلف هذه المعاجم فيما بينها حجما ومنهجا ومادّة، وهذا الغنى في المعاجم العربيّة قد جعل المستشرقين يقرّون بتفوّق العرب في مجال صناعة المعاجم.
ويشهد العصر الحديث تزايدا في التّنظير المعجميّ كمّا وكيفا، فما أكثر المعاجم التي ظهرت حديثا لتساير الصناعة المعجمية الحديثة، وتستدرك العيوب على المعاجم القديمة، وما أكثر المقالات والكتب التي تنظّر للعمل المعجمي، وتدرس التّراث المعجمي العربي في ضوء النّظرية المعجمية الحديثة.
ويسعى المعجميون العرب في الوقت الراهن إلى تأسيس معجمية عربية دولية، يكون التراث اللّغوي العربي في صلب اهتماماتها، إيمانا منها بأنّ العمل المعجمي القديم لم ينل حظّه من الدراسة، وأنّ أي تنظير معجمي لا يلتفت إلى التراث المعجمي فهو تنظير منقوص، ولن يصل إلى نتائج مفيدة.
وعندما نتحدّث عن التراث المعجمي العربي فلا نقصد به المعاجم العربية المعروفة وحسب، كمعجم العين والجمهرة والتّهذيب والمحكم والصحاح واللسان وغيرها؛ بل إنّ الصناعة المعجمية تتجلّى حتّى في الكتب اللغوية وكتب التّفسير اللغويّ للقرآن الكريم وكتب شرح الشعر وغيرها، ففي هذا التراث اللّغوي الكثير ممّا يفيد في صياغة مقاربة معجمية عربية.
ويُعَدّ «ابن جني»(392هـ)، العالم اللّغوي الكبير، رائدا حقيقيا في دراسة المفردات دراسة علميّة وعميقة في جلّ مصنّفاته، فقد أسهم في كلّ العلوم اللّغويّة، ونبغ فيها، وأجاد وأضاف لكلّ علم من ذكاءه وفطنته، ونجد في كتبه لشرح الشّعر شروحا للمئات من الألفاظ، وإنّ المتأمّل فيها ليجد ملامح الصّناعة المعجمية، والّتي تصلح أن تكون دراسة جادة في ضوء المعجميّة الحديثة.
وإذا كان كتاب «الفسر» لابن جني مصنّفا لشرح ديوان المتنبّي وفسر معانيه، فإنّه يتميز عن غيره من كتب شرح الشعر بمنهجية لغويّة خاصة، مما جعله يحوي بين دفتيه المئات من النّصوص المعجميّة، الّتي تتطرّق لقضايا المفردات من كلّ جوانبها، وهذا ما قد يجعل الكتاب صالحا لأن يكون مدوّنة حقيقيّة لدراسة المفردات، ومظنّة لعمل معجميّ في ضوء الصناعة المعجميّة الحديثة.
إنّ هذه الدراسة تسعى لتطبيق المقاربة المعجمية التي تنهل من العطاء المعرفي اللغوي للسانيات للباحثين العرب والغربيين والتعمق في التراث المعجمي لابن جني في واحد من أهم مؤلفاته.
إنّ لهذا االكتاب أهميّة يستمدّها من كونه يحاول التوفيق بين التراث اللّغويّ العربيّ والدرس المعجميّ الحديث، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإنّ تراث «ابن جني» المعجميّ لم يحظ بدراسة تتوافق مع الجهود التي بذلها في دراسة المفردات، فمثل هذه البحوث تعد مساهمة في إرساء النظرية المعجمية العربية التي من مقوماتها ومقاربتها التوفيق قدر الإمكان بين التراث اللغوي العربي، وما أفرزته اللسانيات الحديثة في دراسة المفردات، فالمدونة في هذه الدراسة المطبق عليه مقومات الصناعة المعجمية، والتي يعتقد الكثيرون أنه كتاب لشرح معاني شعر المتنبي وحسب، فإنّه في الحقيقة كتاب زاخر بدراسة المفردات، وهو مدوّنة معجميّة حقيقيّة.
الدكتورة: حنان غياط.
مغنية في: 21/09/2022م.