تفصيل
- الصفحات : 133 صفحة،
- سنة الطباعة : 2024،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى ،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-888-2.
نشأ القانون التجاري تحت ضغط الحاجة إلى قانون ينظم المعاملات الاقتصادية والضرورات العملية التي اقتضت وجود قانون مستقل لإخضاع فئة من المعاملات( المعاملات التجارية) وفئة من الأشخاص ( التجار) إلى تنظيم خاص يتفق ومقتضيات العمل التجاري ، ومن ثم كانت تلك هي بدايات ظهور القانون التجاري[1].
حيث كان القانون المدني هو المنظم لعلاقات الأفراد باعتباره الشريعة العامة و ذلك دون تمييز بين صفاتهم و لا طبيعة تصرفاتهم ، تقريبا حتى أواخر القرن الثامن عشر ، فالقانون التجاري إذا لم يتم تقنينه ، إلا في عهد الإمبراطور الفرنسي ” نابليون بونابرت ” سنة 1807 ، رغم أن الكثير من الشعوب القديمة عرفت بعض قواعد التجارة ، فقد عرف البابليون مثلا القانون التجاري ووضعوا بعض أحكامه ( عقد القرض البحري) و كذلك الفينقيين الذين وضعوا (نظام الرمي في البحر) ، أو الإغريق الذين كانت مساهمتهم بارزة في مجال (عقد القرض الجزافي) ، أما الرومان كانت مساهمتهم في إثراء القانون التجاري ضعيفة و ذلك بسبب اعتقادهم أن مهنة التجارة هي مهنة العبيد و لا تليق بالإشراف، ما جعلهم يرغبون عنها و يتركونها للأجانب[2].
وقد كانت بداية نشأة القانون التجاري المستقل بواسطة أنظمة متفرقة استلزامها تيسير الائتمان بين التجارة و تسهيل الإجراءات القانونية من أجل سرعة تنفيذ العمليات التجارية بما يلائم طبيعة التجارة ذاتها.
و بينما يطبق القانون المدني على كافة الروابط بين مختلف أفراد ، يقتصر تطبيق أحكام القانون التجاري على الروابط الناشئة عن أعمال التجارية و على تنظيم نشاط أفراد محددين هم فئة التجار في علاقاتهم التجارية ، لأن هذا النوع من الروابط يتم بالسرعة في التعامل و بالثقة و الائتمان فيما بين المتعاملين في مجاله ، وهذه الخصائص هي التي جعلت منه قانونا مستقلا عن القانون المدني ويقدمون لذلك أسانيد أكثر إقناعا. وأيا كان الرأي المرجح ، فإن الأمر يتطلب التعريف بالقانون التجاري، و القول بانه ذلك الفرع من فروع القانون الخاص الذي يحكم أساسا الأعمال التجارية و نشاط التجار في ممارستهم للتجارة وهو ما سنتناوله لاحقا.
وتعبيـر قانون التجاري مشتق في الأصل من كلمة تجارة إلا أن لهذه الكلمة في المفهوم القانوني معنى يختلف عن معناها في المفهوم الاقتصادي، إذ هي لا تشتمل في هذا المفهوم الأخير سوى عمليات المتعلقة بتداول الثروات وتوزيعها في حين أنها تشمل في المفهوم الأول زيادة على ذلك العمليات المتعلقة بالصناعة، ومفاد ذلك أن للتجارة في مفهوم القانون معنى أوسع وأشمل من معناها لدى علماء الاقتصاد إذ أنه لا يفرق على عكس هؤلاء بين التجارة والصناعة فكل رب صناعة هو تاجر قانونا[3].
إن القانون التجاري نشأ في بدايته من مجموع العادات والأعراف التي سادت بين التجار في تعاملاتهم التي اقتضتها طبيعة المعاملات التجارية ومن المعروف أن النشاط التجاري يقوم على ركيزتين أساسيتين هما السرعة والائتمان، ولأن طبيعة المعاملات التجارية
تستلزم السرعة في إبرام العقود وإتمام الصفاقات، لذلك أقر المشرع التجاري [4]مبدأ حرية الإثبات في المواد التجارية ، فالتاجر يجوز له إثبات كافة التصرفات بأية وسيلة وسائل الإثبات (القرائن/ شهادة الشهود) دون التقيد بمبدأ الكتابة أيا كانت قيمة الصفقة, كما تقتضي طبيعة المعاملات التجارية ضمان حسن تنفيذ الالتزامات التجارية في مواعيدها.
وإذا سلمنا بان القانون المدني هو شريعة العامة التي تنطبق على جميع الأفراد في المجتمع بغض النظر عن كونهم تجارا أم غير تجارا، فإن القانون التجاري يتمتع بذاتيته واستقلالية أحكامه ، بحيث يستمد القانون التجاري استقلالية ذاتيته من ذلك النشاط التجاري الذي يحكمه.
ومن جهة أخرى، إذا قارنا القانون التجاري بالقانون المدني الذي يعد الشريعة العامة في حكم العلاقات القانونية، نجده حديث النشأة إذ لم يظهر كقانون مستقل يتميز بقواعد خاصة إلا في عهد القريب[5] تحت تأثير الضرورات العملية والحاجة الاقتصادية الملحة التي اتسمت بها الحياة العصرية، الأمر الذي أدى إلى إخضاع فئة معينة من الأعمال والأشخاص لهذا القانون[6].
إذن نلاحظ مدى اتساع مفهوم القانون التجاري في العصر الحاضر, لذا يفضل البعض أن نطلق عليه اصطلاح قانون الأعمال بدلا من القانون التجاري ، وهذا للتطور السريع والمستمر الذي تتسم به الحياة التجاري[7].
هذا ما سوف أحاول دراسته في هذا المؤلف البيداغوجي كمحاولة متواضعة وجدٌية تتضمن سلسلة محاضرات موٌجهة لطلبة السنة الثانية ليسانس الحقوق نظام ـ ل م د ـ في مقياس القانون التجاري ، لتمكينهم من تحصيل رصيد معلوماتي لفهم وشرح مبادئ القانون التجاري بكل ما يتعلق بالأعمال التجارية ، التاجر والالتزامات القانونية التي تقع على عاتقه وما يتعلق بالمحل التجاري كوحدة معنوية مستقلة بأحكامها وقواعدها الخاصة.
وصفوة القول أن الكتاب موضوع التقديم، يعزٌز دون ريٌب ما نشر من كتابات ، حيث تم الإلٌمام بزخم من المراجع المتعلقة بالمبادئ العامة للقانون التجاري منها القديمة للتأصيل النظري، والحديثة نسبٌيا للتفصيل أكثر في هذه الدراسة .
بناء على ما تقدم ، سوف أتعرض لهذه المواضيع كلٌ في فصل مستقل، يمكن تقسم هذه الدراسة كالاتي:
الفصل الأول : الإطار النظري للقانون التجاري
المبحث الأول : مفهوم القانون التجاري و تحديد نطاقه
المبحث الثاني: مصادر القانون التجاري وعلاقته بالقوانين الأخرى
الفصل الثاني : نظرية الأعمال التجارية والتاجر
المبحث الأول : الأعمال التجارية وأنواعها
المبحث الثاني: التاجر والالتزامات القانونية
الفصل الثالث: المحـل التجـاري
المبحث الأول: مفهوم المحل التجاري
المبحث الثاني : الخصائص للمحل التجاري
المبحث الثالث: التصرفات الواردة على المحل التجاري
والله ولي التوفيق
[1] – بندر بن حمدان العتيبي، مبادئ القانون التجاري – الأعمال التجارية- التاجر- المحل التجاري، ط01، مكتبة القانون والاقتصاد، الرياض، 2016، ص 07.
[2] -سميحة القيلوبي، الوسيط في شرح القانون التجاري المصري، دار النهضة العربية ، القاهرة،، 2005،الجزء الأول، ص 11.
[3] ـ الشواربي عبد الحميد, القانون التجاري, الأعمال التجارية, منشأة المعارف, الإسكندرية, 1994,ص 32.
[4] مصطفى كمال طه. النظرية العامة للقانون التجاري, دار المطبوعات الجامعية , الإسكندرية,2006,ص22.
[5] -هذه الصلة الوثيقة بين القانون التجاري والقانون المدني هي التي دفعت ببعض الفقهاء القانونيين إلى المناداة بوحدة القانون الخاص وعدم إفراد قواعد قانونية تحكم المعاملات التجارية، أبرز تاك المحاولات الفقيه الإيطالي الذي فضل تطبيق قانون التجاري موٌحد على أنشطة الأفراد بغض النظر عن كونهم تجار أم غير تجار ،أكثر تفصيل أنظر، محمود مختار بربري، قانون المعاملات التجارية، دار النهضة العربية، 2000،ص05.
[6] ـ نادية فضيل, القانون التجاري الجزائري, ( الأعمال التجارية, التاجر, المحل التجاري), دار المطبوعات الجامعية, الجزائر,2006,ص17,
[7] نادية فضيل، المرجع نفسه، ص 04.