يتعرض العالم لتغيرات وتقلبات عديدة وسريعة، هذه التغيرات والتحولات من شانها أن تعيد ترتيب سياسات واقتصاديات الدول التي تحولت معظمها من مرحلة الدولة الفردية إلى العيش في مرحلة العولمة، هذا التحول أدى إلى تباين احتياجات المستهلكين على اختلاف ثقافاتهم، تقارب أسواق دول العالم نتيجة إزالة الحواجز وتسهيل حركة السلع والخدمات بين كافة الأسواق العالمية، لكن من جهة أخرى زادها تعقيدا لوجود منافسة محلية وخارجية شديدة بالنسبة لكافة السلع والخدمات، نتيجة العمل على توفير منتجات تناسب خصوصية كل سوق أو شريحة سوقية خارجية.

فأصبحت الميزة التنافسية تقاس بمدى القدرة على الإبداع والابتكار والتجديد الذي يتماشى في نفس الوقت مع متطلبات الأسواق الخارجية، مما فتح مجالات واسعة للنمو أمام المؤسسات لدخول أسواق عديدة وهذا بفضل الأهمية البالغة للتسويق الدولي الذي يعنى  بالبحث عن أفضل السبل التي يمكن بها تلبية وإشباع حاجات المستهلكين التي تكون السوق، وذلك من خلال عملية تخطيط المنتجات واختيار منافذ التوزيع الملائمة( أسلوب التواجد)، هذا ما يوضح أهمية التعرف على الأسواق، تصميم مختلف البدائل التسويقية الملائمة لهذه الأسواق.

فالتسويق لم يعد يقتصر على البيع والدعاية فقط بل أصبح نشاطا متكاملا يتسم بالتعقيد ويحتاج إلى أصول ومبادئ علمية لوضع الإستراتيجيات الفعالة واتخاذ القرارات المبنية على الرؤية الثاقبة والتحليلية للفرص التسويقية المتاحة والقوى البيئية المؤثرة والموارد المتاحة وخاصة في هذه السنوات الأخيرة حيث أصبح التسويق عنصرًا حاكمًا وأساسيًا في نمو ونجاح مؤسسات الأعمال في ظل المنافسة الشديدة التي تتطلب الكفاءة والفعالية وتبني إستراتيجية تسويقية تنافسية والصمود أمام كافة المتحديات.

إن انفتاح الأسواق على بعضها وزيادة التقارب الثقافي وتنميط العادات والسلوكيات الاستهلاكية وتعزيز مكانتها يبرز أكثر الحاجة إلى فهم التسويق الدولي ومعرفة أهميته، فالمؤسسة تستطيع اتخاذ سياسات محلية مرنة في سوقها المحلي تضمن لها النجاح، لكنها قد تعجز بالمقابل في التحكم بأبسط القرارات دوليا لعدم فهم البيئة، ولا يقتصر فشل المؤسسة على المتغيرات البيئة بل على جميع العناصر الأخرى المتعلقة بالأسواق، لهذا يجب على المؤسسات التي تفكر وتعمل على مستوى دولي وترغب ضمان حصتها من البقاء في السوق الداخلي والتوسع دوليا اعتماد سلسلة من القرارات المتتابعة للوصول لأفضل صيغة تضمن للمؤسسات النجاح والاستمرار.