الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد :   تضم المكتبة العربية كنوزا من المخطوطات التي هي نتاج الفكر العربي وهي وإرث حضاري للأجيال، بما حوته من علم غزير  الذي كان انعكاسا للواقع الفكري الذي كان يعيشه العصر آنذاك .

لقد كان حظ العربية كبير جدا، إذ كثر التأليف في علوم العربية الى حد لم ينافسها في ذلك علم اخر وكان للنحوالعربي في ذلك النصيب الأوفر، فكثرت كتب النحووظهرت التصانيف والشروح والحواشي وصار التنافس على التألف واضحاً ليس في البلاد العربية فحسب، بل انتشر فشمل بلدان كثيرة، ومنها شبه القارة الهندية، إذ ظهر العلماء الذين اوقفوا انفسهم لخدمة العربية فأخذوا يألفون في هذا العلم التصانيف ويضعون الشروح .

ومن بين  هؤلاء العلماء ملك العلماء قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن عمر الدولة آبادي الزاولي المتوفى 849 هجرية، فقد ألف هذا العالم الجليل العديد من التصانيف التي حظيت بشهرة واسعة ولمع اسمه في عصره .

وفي اطار اعتناء هذا العالم بالعربية الف في النحوشرحا قيما على كافية ابن الحاجب سماه المعافية في شرح الكافية  أوما يعرف «بشرح الهندي»، الذي حاز مكانة كبيرة بين علماء  عصره وألفت فيه الشروح .

لقد ضل هذا الشرح حبيس المكتبات ردحا من الزمن، فدعانا ذلك إلى البحث عن مخطوطة الشرح من اجل تحقيقه واخراجه وجعله في متناول طلبة العلم.

وبعد التوكل على الله اجريت اتصال مع عدد من خزائن المخطوطات في الشرق والغرب، وتمكنت من الحصول على أربعة نسخ من المخطوط وكان ذلك صيف 2016،فتعاهدت هذه النسخ بالقراءة والتدقيق واطالة النظر، وسارت الايام حتى خرج هذا الشرح الذي هوحصيلة التفكر والصبر .

قسمت العمل الى قسمين هما :

قسم الدراسة : والذي خصص للحديث عن المصنِّف والشارح،قسم الى تمهيد وفصلين.

تحدثنا في التمهيد عن المصنِّف ( ابن الحاجب) وآثاره العلمية، ثم انتقلنا إلى التعريف بالشارح، إذ قسم ذلك إلى فصلين، تضمن الفصل الأول التعريف بالشارح فتناولنا بحث (اسمه ونسبه، شيوخه، تلاميذه، مكانته العلمية، تصانيفه، ومن ثم الحديث عن خبرته ودربته في الشعر )، أمّا الفصل الثاني فخصص للتعريف بالكتاب، فتناولنا المواضيع الآتية (اسم الكتاب وصحة نسبته إلى مؤلفه، أهمية الكتاب وقيمته العلمية، علاقته بغيره من شروح الكافية السابقة واللاحقة له، وصف نسخ التحقيق، ثم بيان عملي في التحقيق ).

أمّا القسم الثاني فهو قسم التحقيق، وقد قسم على وفق تقسيم المخطوط الأصل، الذي ألتزم فيه الشارح بترتيب ابواب النحو على وفق ترتيب المصنف لها .

لقد كان عملنا هذا بمثابة إخراج كنزاً من الركام، أو كشف اللثام عما اخفاه الزمان وعفت عليه السنون، وهذا واجبنا اتجاه التراث العربي الذي ينتظر من يخرجه من غيابات الجب ويجعله في متناول الأجيال .

والله من وراء القصد

أ.م.د هدى صلاح رشيد