تفصيل
- الصفحات : 120 صفحة،
- سنة الطباعة : 2022،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
ترتبط فكرة القانون بقيام مجتمع إنساني، والحاجة إلى قواعد تحكم وتنظم العلاقات بين أفراده، وفي المقابل نشأ القانون الدولي العام بقيام علاقات وتبادلات بين أعضاء المجتمع الدولي، وعلى رأسها الدول.إن اصطلاح “قانون دولي عام” هو المقابل العربي للاصطلاح الانجليزيPublic International Law.، والاصطلاح الفرنسي Droit International Public . وترجع أصل تسمية القانون الدولي العام إلى سنة 1780م عندما استخدمها المفكر البريطاني جيرمي بنتام Jeremy BENTHAM في مؤلفه “المدخل لأساسيات الأخلاق والتشريع”، والجدير بالذكر أنه رغم أن هذا الاصطلاح هو الشائع في الوقت الحاضر فإن هذا لا ينفي وجود تسميات أخرى لهذا الفرع من القانون العام والتي لا تزال تستعمل في الفقه الانجليزي: The Law of Nations، وفي الفقه الفرنسي: Droit des gens، والمقابل العربي لهذه التسميات هو قانون الشعوب أو قانون الأمم.
ويمكن أن نعتبر أن القانون الدولي العام أخذ في التكوين منذ بداية القرن السادس عشر، فالعصور القديمة لم تعرف إلا علاقات متقطعة، ولم تكن هناك اتصالات بين الشعوب إلا في أحوال نادرة، بالرغم من أنه كان للحضارة اليونانية والرومانية أثر في مراحل نشوء قواعد القانون الدولي، كقاعدة تسليم المجرمين، وتسوية المنازعات عن طريق التحكيم، وقد انتشرت آنذاك معاهدات الصداقة والضيافة والتحالفات.
أما العصور الوسطى فقد تميزت بالصراع المستمر بين العالم المسيحي، فقد كان هذا الأخير مقسما إلى ممالك وإمارات تقوم بينها نزاعات، يتدخل لحلها البابا بسبب سلطته الروحية، والإمبراطور بصفته الرئيس الدنيوي لهذه المماليك.
ونتيجة لتفكك الإمبراطورية الرومانية واستقلال كثير من البلاد التي كانت تحت سيطرتها، ظهرت الدولة القومية في النصف الثاني من القرن السادس عشر، والنصف الأول من القرن السابع عشر، وعليه يمكن القول بأن أهم مبادئ القانون الدولي العام قد ظهرت في هذه الفترة، بعد معاهدة وستفاليا* سنة 1648م، التي وضعت نهاية لحرب بدأت سنة 1618م، ودامت ثلاثين سنة بسبب الصراع بين الإقطاعيين والملوك والإمبراطور، وقد تمثل الغرض في إبرامها ضمان السلم بين الدول المشتركة، وتفادي قيام الحروب ونزع السلاح عن بعض المناطق، وضمان حقوق الأقليات الكاثوليكية.
كذلك من الأحداث البارزة في تطور القانون الدولي في العصور الحديثة، انعقاد مؤتمرين ساهما في نشوء قواعد قانونية جديدة، وهما “مؤتمري لاهاي” في 1899م و1907م، أين دعا قيصر روسيا نيكولاي الثاني الدول لعقد هذا المؤتمر بقصد إقرار السلم في أوروبا ولتحديد السلاح، حيث أن سباق التسلح آنذاك هو ما يهدد السلام في العالم، فعقد المؤتمران في مدينة لاهاي، وكان من نتائجه إبرام اتفاقيات دولية عديدة، ساهمت في تنظيم العلاقات الدولية، وإقرار نظام خاص لحل المنازعات الدولية بالطرق السلمية، إلى جانب تدوين قواعد خاصة بالحرب والحياد الدولي، إضافة إلى إنشاء محكمة دولية باسم “محكمة التحكيم الدولية الدائمة” في لاهاي، للنظر في إيجاد حلول للنزاعات الدولية.
وكان من المتوقع أن تستمر سلسلة هذا النوع من المؤتمرات، إذ تم الاتفاق على عقد مؤتمر ثالث في 1915 إلا أن الحرب العالمية الأولى حالت دون ذلك، وتعتبر الفترة التي تلت انتهاء الحرب العالمية الأولى،وعقد معاهدة السلام المعروفة بعصبة الأمم* ( 1919) من خلال مؤتمر باريس للسلام (معاهدة الصلح)، من أهم المراحل التاريخية لتطور القانون الدولي العام، كذلك يعتبر إصدار ميثاق الأمم المتحدة وإنشاء هيئة الأمم المتحدة* سنة 1945 بعد نهاية الحرب العالمية الثانية حدثا له بالغ الأثر في تدوين وانتشار قواعد القانون الدولي المعروفة في الوقت الحاضر.
و تكتسي دراسة المدخل للقانون الدولي العام، أهمية معتبرة للباحثين والطلبة في الدراسات القانونية، حيث تمكنهم من الاطلاع وفهم موضوعات وميادين هذا الفرع من فروع القانون.
و سيتم دراسة القانون الدولي العام من خلال الخطة التالية:
الفصل الأول: مدخل إلى القانون الدولي العام
الفصل الثاني: مصادر القانون الدولي العام
*صلح وستفاليا (Peace of Westphalia) هو اسم عام يطلق على معاهدتي السلام اللتين دارت المفاوضات بشأنهما في مدينتيأسنابروك (Osnabrück) ومونستر (Münster) فيوستفالياوتم التوقيع عليهما في15 مايو 1648 و24 أكتوبر1648وكتبتا باللغة الفرنسية. وقد أنهت هذه المعاهداتحرب الثلاثين عاماًفيالإمبراطورية الرومانية المقدسة (معظم الأراضي فيألمانيااليوم) وحرب الثمانين عاماًبينإسبانياومملكة الأراضي المنخفضة المتحدة. ووقعها مندوبون عن إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسةفرديناند الثالث( هابسبورغ)، ممالكفرنسا، إسبانيا والسويد، وجمهورية هولنداوالإمارات البروتستانتية التابعة للإمبراطورية الرومانية المقدسة.
يعتبر صلح وستفاليا أول اتفاق دبلوماسي في العصور الحديثة وقد أرسى نظاما جديدا في أوروبا الوسطى مبنيا على مبدأ سيادة الدول. مقررات هذا الصلح أصبحت جزأ من القوانين الدستورية للإمبراطورية الرومانية المقدسة. وغالبا ما تعتبراتفاقية البرينيهالموقعة سنة 1659 بين فرنسا وإسبانيا جزءا من الاتفاق العام على صلح وستفاليا.
*عصبة الأمم: بالإنجليزية: League of Nations؛بالفرنسية: Société des Nations؛بالإسبانية: Sociedad de Nacionesهي إحدىالمنظمات الدوليةالسابقة التي تأسست عقبمؤتمر باريس للسلامعام1919، الذي أنهىالحرب العالمية الأولى التي دمّرت أنحاء كثيرة من العالموأوروباخصوصًا. كانت هذه المنظمة سلفًاللأمم المتحدة، وهي أوّل منظمة أمن دولية هدفت إلى الحفاظ علىالسلام العالمي. وصل عدد الدول المنتمية لهذه المنظمة إلى 58 دولة في أقصاه، وذلك خلال الفترة الممتدة من28 سبتمبرسنة1934إلى23 فبرايرسنة 1935. كانت أهداف العصبة الرئيسية تتمثل في منع قيام الحرب عبر ضمان الأمنالمشترك بين الدول، والحد من انتشار الأسلحة، وتسوية المنازعات الدولية عبرإجراء المفاوضاتوالتحكيم الدولي، كما ورد في ميثاقها.من الأهداف الأخرى التي كانت عصبة الأمم قد وضعتها نصب أعينها: تحسينأوضاع العمل بالنسبة للعمّال، معاملة سكّان الدول المنتدبة والمستعمرةبالمساواة مع السكّان والموظفين الحكوميين التابعين للدول المنتدبة، مقاومةالاتجار بالبشروالمخدرات والأسلحة، والعنايةبالصحة العالميةوأسرى الحرب، وحماية الأقليّات العرقية في أوروبا.
أثبتت العصبة عجزها عن حل المشكلات الدولية وفرض هيبتها على جميع الدول دون استثناء، عندما أخذت دولمعسكر المحورتستهزئ بقراراتها ولا تأخذها بعين الاعتبار، وتستخدم العنف تجاه جيرانها من الدول والأقليات العرقية قاطنة أراضيها، خلالعقد الثلاثينيات من القرن العشرين. فعلى سبيل المثال، رفع أحداليهود،واسمه فرانز برينهايم، شكوى إلى العصبة يتحدث فيها عن معاملة الإدارةالألمانية العنصرية له ولأبناء دينه وشعبه في سيليزيا العليا، فما كان منالألمان إلا أن أرجأوا تنفيذ القرارات المعادية لليهود وغير الآريين حتىسنة1937، عندما انتهت المدة التي تسمح بإشراف خبراء العصبة على وضع الأقليات فيألمانيا، فجددوا القوانين التي تنص على ملاحقة غير الآريين، ورفضوا تجديد إقامة الخبراء في البلادكانت حجةألمانياوغيرها من دول المحور للانسحاب من العصبة، أن بعض البنود الواردة في ميثاق الأخيرة تنتهك سيادتها، وكان نشوبالحرب العالمية الثانيةبمثابة الدليل القاطع على فشل العصبة في مهمتها الرئيسية، ألا وهي منعقيام الحروب المدمّرة، وما أن وضعت الحرب أوزارها حتى تمّ حل العصبة،وخلفتها هيئة جديدة هي هيئةالأمم المتحدة، التي ورثت عدد من منظمات ووكالات العصبة.
*هيئةالأمم المتحدة:منظمةعالمية تضم في عضويتها جميع دولالعالمالمستقلة تقريباً. تأسست منظمة الأمم المتحدة بتاريخ24 أكتوبر1945في مدينةسان فرانسيسكو،كاليفورنياالأمريكية، تبعاًلمؤتمر دومبارتون أوكسالذي عقد في العاصمة واشنطن.