تفصيل
- الصفحات : 340 صفحة،
- سنة الطباعة : 2029،
- الغلاف : مقوى،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 9789931728481.
شهدت الساحة النقدية تطورا كبيرا خاصة في أواخــر القرن العشرين للميلاد، وبداية القرن الحالي وبتطور التكنولوجيا بدأ الاهتمام بأنواع مختلفة من الخطابات التي باتت تحاول الكشف عن نتائج مغايرة بالاعتماد على ما تقدّمــه الأنماط الثقافية عبر تلاحق وتعالق طفراتها الفكرية والنسقية ضمن مقولات للنص الأدبي، وهو ما أصبح يعرف اليوم بالنقد الثقافي، الذي أحدث ما أفرزته الساحة النقدية الغربية في ميدان رصد النشاط الإنساني ووصفه ونقده فقد تناغمت أهازيجه مع التراتيب الثقافية المتشعبة والمضمرة في النص.
لقد انبثق النقــد الثقافي بوصفه خطابا نقديا قائما على جوهرية النسق المضمر الذي يفهرس المنظورات الفكرية مستبدلا البنيـة الأدبيـة المنغلقــة على نفسها في حالات الإبــداع المتباينــة الأشــكال والأنــواع بالبنيــــة المفتوحــة على ثقافتها المتفاعلـة معها، حيث تغيب سلطة النص، و لأن الثقافة وسيلة خطيرة وفعّالــة، فإنّها الأكثر من غيرها قدرة على تثبيت التصورات والقيم والرؤى، وترسيخ المرجعيّات الفكرية التي تصدر عنها المواقف وتتصالب التوجهات، بالإضافة على قدرتها على اختــراق الحواجــز واجتياز الموانــع.
فإلى أي مدى يمثّــل النقــد الثقافي إضافة لها قيمتها للـدرجة التي يمكننا عبـرها أن نجعله بديلا – إلى حد ما- أو منهجا نقديا له آلياته المغايرة عن الأنواع الأخرى المستقرة أو التي باتت كذلك في مجال الفكر الإنساني؟ و ما هي الإضافات التي يطرحها النقـــد الثقافــي بوصفه خطابا مغايرا؟ وهل تمثلت بحق استراتجياته في المعالجة النصية ؟
لا يثق النقد الثقافي في بريق البلاغة، لأنها مخاتلة ومخادعة ولأنها ليست الطريق الصحيح نحو العقلاني والفكري، فإذا كانت فلسفة الأخلاق لا تعتبر جميلا إلا ما كان حقا، فإن البلاغة تؤمن بغير ذلك فترى الجمال كامنا في غير الحقيقي وغير العقلي. وبهذا المعنى فإن النقد الثقافي يحذر من الانسياق وراء سحر البلاغة وفتنتها لأنها تركت تأثيرا سلبيا على مستويات الثقافة فكرست بذلك جملة من الأنساق الثقافية المضمرة التي تغلغلت في سلوكيات الأفراد و الجماعات.
ولهذا يسعى إلى محاولة اكتشاف أو توجيه النظر لاكتشاف جماليات جديدة سواء في النصوص الأدبية نفسها أو في الواقــع بصفته نصا أشمــل يطرح علاماتــه و يوجه النظر لما تحمله من دلالات وتطرحه من أنظمة لها قيمتها في سياق الفكـر الإنساني، إذن يهدف النقد الثقافي إلى تـذوّق النص بوصفه قيمة ثقافية لا مجرّد قيمة جمالية، وذلك من خلال عن الكشف عن الأنساق المضمرة في الخطاب الثقافي.
ولا ضير أن النّقد الثقافي يبين الأبعاد الاجتماعيــة والتاريخيــة لنص معين، ومدى تفاعلـه مع الثقافة، كما يربط بين البنية اللفظية والوضع الاجتماعي والفكري والثقافي فهو فرع من فروع النقد النصوصي العام، ومن ثم فهو أحد علوم اللغة وحقول الألسنية مَعْنِىٌ بنقد الأنساق المضمرة التي ينطوي عليها الخطاب الثقافي بكل تجلياته وأنماطه وصيغه، من أجل الكشف عن جماليات أخرى في النص لم يُلتفَت إليها من قبل .
لهذا يروم المشروع الدولي “رسالة الباحث” إشراف مختبر اللغة و التواصل بالمركز الجامعي أحمد زبانة غليزان، الجزائر بالتعاون مع مختبر التراث الثقافي واستراتيجيات التنمية، جامعة ابن طفيل، المغرب.وتكوين الدكتوراه السيميائيات وفلسفة الأدب و الفنون – المغرب – أن يكون كتاب ” النصوص والممارسة الثقافية -أبعاد نظرية وتطبيقية في النقد الثقافي-” في جزئه الثالث فرصة لاستنطاق النصوص الأدبية ثقافيا، و مجالا منفتحا على التأصيل و التحليل، ليكون بذلك شمعة أخرى من شموع المشروع الدولي ” رسالة الباحث” تضيء طريق الباحثين و الطلبة لتقدّم جديدًا في الطرح و المقاربة.
يبقى هدفنا من كل ذلك بناء أرضية معرفية للنقد الثقافي تأصيلا و تحليلا، جامعا في ذلك بين المنطلقات النظرية و الآليات الإجرائية ترسمها أنامل مجموعة من الباحثين الأكاديميين.
دمنا للعلم أوفياء و الله المستعان.
?- أ.سعيدة تومي
جامعة محمد البشير الإبراهيمي(برج بوعريريج)الجزائر.