تفصيل
- الصفحات : 372 صفحة،
- سنة الطباعة : 2022،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-354-2.
مع الأشهر الأخيرة لهذا العام 2021 تكون تجربة البنوك الإسلامية في الجزائر قد أتمت عامها الثلاثين، وذلك من خلال تجربة بنك البركة الجزائري الذي فتح أبوابه كأول بنك إسلامي في الجزائر خلال شهر سبتمبر 1991، قبل أن ينضم إلى هذه التجربة مصرف السلام الجزائر سنة 2008، ثم فتح شبابيك للصيرفة الإسلامية من طرف بعض البنوك التقليدية الأجنبية خلال ذلك العام وعلى امتداد السنوات الأخيرة، لتصل التجربة أيضاً إلى البنوك العمومية (المملوكة للدولة) بداية من البنك الوطني الجزائري BNA في شهر أوت/أغسطس من سنة 2020 ولتمتد إلى بقية تلك البنوك.
هذه التجربة -في اعتقادنا- تتطلب تقييماً شاملاً خاصة بالنسبة للبنوك الإسلامية التي بدأت عملها في وقت متقدم نسبياً، على أساس أن تجربة الشبابيك الإسلامية في البنوك العمومية مثلاً لا يمكن تقييمها بموضوعية في الوقت الحالي نظراً لقِصَر المدة وبالتالي صِغَر التجربة. وهذا للوقوف على أهم الأخطاء ومن ثم معالجتها في القادم من الزمن، ولمعرفة نقاط القوة والضعف في عمل هذه البنوك أو الشبابيك وبالتالي تقويتها أو تفاديها.
يجب أن أعترف هنا وبكل تواضع، بأنني بذلت جهداً كبيراً في الحصول على أرقام أنشطة البنوك والشبابيك التي قمت بدراستها، فكنتُ أفلح أحياناً وأخفق أحياناً أخرى، وهنا تذكّرت مقولة الروائي والسيناريست المصري “صالح مرسي” الذي كتب رواية “رأفت الهجان” الشهيرة والتي تحوّلت بعد ذلك إلى مسلسل تلفزيوني، حيث قال بأنه كان عليه أن يحفر بأظافره في الصخر ليحصل على المعلومات المطلوبة على أساس أن الرواية هي أحداث واقعية، والأدهى أنها كانت ذات طابع استخباراتي سري يمس بأمن الدول والمجتمعات.
لكن المفارقة هنا، أن المعلومات التي كنت أطلبها من البنوك (محل هذه الدراسة) هي أرقام وإحصائيات علمية، تنشرها كل البنوك في العالم على مواقعها بل وتفتخر بذلك على أساس عرض إنجازاتها للجمهور، عكس الأمر عندنا حيث لا زالت أغلبية البنوك تعتبر أن أرقامها هي من الأسرار الخاصة الداخلية، منها ما تنشره على موقعها ومنها ما تتحفظ عليه للأسف.
لذلك وبهذه المناسبة، أشكر كل من ساعدني على إنجاز على هذا الكتاب وبالأخص من مدّ لي يد العون بإعطاء الأرقام والمعلومات المطلوبة، وأخص بالذكر هنا أخي وصديقي “ناصر حيدر” المدير العام لمصرف السلام الجزائر والذي لم يبخل عليّ بأي مساعدة، بل وكان له الفضل في التدخل لدى بنوك أخرى لتسهيل الأمور. كما أشكر من ساعدني في البنوك الأخرى والشبابيك الإسلامية (بنك البركة الجزائري، بنك الخليج الجزائر، تراست بانك الجزائر، بنك الإسكان للتجارة والتمويل الجزائر)، دون أن أنسى تقديم جزيل الشكر والامتنان إلى زميلتي في الكلية الدكتورة “ربيعة بن زيد” على المساعدة الكبيرة التي قدمتها لي في الإخراج التقني والفني للكتاب.
ولعل القارئ الكريم لهذا الكتاب يلاحظ أنني قمت بدراسة نماذج عقود التمويل وبالتفصيل في مصرف السلام الجزائر لأن إدارة البنك وفّرتها لي مشكورة، حيث ركّزتُ على مدى ملاءمة مضمونها وبنودها للمعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية AAOIFI بالبحرين، بينما لا يجد ذلك في دراستي لبنك البركة الجزائري، والسبب أن إدارة البنك رفضت تسليمي تلك النماذج بدعوى أنها من الأمور الداخلية له، مع أن زبائنه يرونها ويقرأونها ويوقّعون عليها هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن دراسة نماذج تلك العقود على ضوء المعايير الشرعية المعروفة للآيوفي فيها تقوية لسمعة البنك (إذا كانت ملائمة لها ولا نخال غير ذلك في ظل وجود هيئة شرعية محترمة للبنك)، وبالتالي هي إشهار مجاني له، ونرجو من إدارة البنك أن تستدرك ذلك خلال الطبعة القادمة لهذا الكتاب إن شاء الله.
هذه الدراسة التقييمية تناولت: التعريف بالبنكين البركة والسلام الجزائريين، أهم الأرقام والمؤشرات لتطور نشاطهما، دراسة نماذج العقود التمويلية بالتفصيل (لمصرف السلام فقط كما أشرنا)، ممارسة المسؤولية الاجتماعية لكلا البنكين، دراسة ملفات طلبات التمويل لكل منهما، ثم قراءة عامة للنصوص القانونية والتنظيمية لعمل الصيرفة الإسلامية في الجزائر والتعليق عليها، ثم دراسة مختصرة عن الشبابيك الإسلامية في البنوك التقليدية وأخذنا منها ثلاثة نماذج (حسب توفر الأرقام والمعلومات) وهي المذكورة سابقاً: بنك الخليج الجزائر، تراست بانك الجزائر، بنك الإسكان للتجارة والتمويل الجزائر، ثم أخيراً تناولنا أهم الأخطاء التي شابت تطبيق الصيرفة الإسلامية في الجزائر بشكل عام.
نرجو أن تكون هذه الدراسة المتواضعة مرجعاً للإخوة الباحثين، وإضاءة للمسؤولين على الجهاز المصرفي في الجزائر فيما يخص تصحيح الأخطاء المذكورة في آخر الكتاب، وأيضاً لمسؤولي البنوك التي قمنا بدراستها من خلال بعض الملاحظات التي أبديناها، والله نسأل أن يعيننا على المساهمة في ترشيد وتقويم هذه التجربة المهمة في بلادنا (تجربة الصيرفة الإسلامية في الجزائر) للوصول بها إلى وضع أفضل بإذن الله، ولتقوم بدورها كاملاً في تمويل وبناء الاقتصاد الوطني إن شاء الله.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل
أ.د/ سليمان ناصر
ورقلة – الجزائر: 17/09/2021