مقدمة:

يعد النقد الثقافي من أهم الفتوحات النقدية التي عملت على سد العجز الذي بلغه المنجز النقدي عموما، كونه نشاطا نقديا يعمل على الحفر في بواطن الخطابات الثقافية ويساءل أنساقها المضمرة، كما أنه يهتم بالبحث في جدلية الأنا والآخر ومشكل الصراع القائم بينهما، وما ينتج عنه من حديث عن أزمة الذات وأزمة الهويات المهمشة وما يقابلها من حديث عن الهويات المركزية، هذا ويبحث أيضا في مختلف المواضيع التي  تصنف في العرف الاجتماعي ضمن الطابوهات، من بين ذلك (الجنس، الشذوذ، الاغتصاب… وغيرها من المواضيع المسكوت عنها والتي لا ينبغي الكشف عن تفاصيلها).

تعتبر الخطابات الأدبية حالة ثقافية نسقية تستدعي منا اهتماما نقديا من نوع خاص، كونها تتميز بثراء متونها واتساع مواضيعها وكذا تعدد تمثيلاتها الثقافية وتداخل أنساقها. وإن أكثر ما يتميز به النقد الثقافي هو تجاوزه لعملية التنقيب عن البعد الجمالي للنصوص الأدبية إلى محاولة تفكيك بنية النص وتشريحها من أجل  الكشف عن الأبعاد الثقافية والتاريخية والفكرية والسياسية والإيديولوجية، ومن ثم هو بحث عما يكتنزه الخطاب الأدبي من أنساق مضمرة تتحكم في دلالاته والتي تتطلب قراءة تأويلية  تكشف عن المعاني الخفية للنص الأدبي، وهذا يعني أن الخطاب النقدي الثقافي في أساسه يتجاوز ما يسمى الوظيفة الجمالية إلى الوظيفة النسقية.