تفصيل
- الصفحات : 192 صفحة،
- سنة الطباعة : 2021،
- الغلاف : غلاف مقوى ،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-045-9.
معسكر أوالراشدية هذا الفضاء الممتد في الزمان والمكان، منطقة تعتبر من أهم الحواضر العلمية الجزائرية نظرا للأدوار الريادية التي لعبها أبناء هذه المنطقة وإسهامهم في كتابة تاريخ الجزائر، بحيث لا يمكن لأي باحث في هذا التاريخ وعبر مختلف المراحل والحقب التاريخية أن لا يعرج على هذه المنطقة.
معسكر قبل أن تكون عاصمة سياسية وإدارية للدولة الجزائرية التي أنشأها الأمير عبد القادر، فهي عاصمة سياسية ثقافية برز نجمها واكتمل بدرها في عهد الباي محمد الكبير، هذا الأخير الذي عرف باهتمامه بالعلم وتشييد المعاهد والمدارس الدينية، ولعل أشهرها المدرسة المحمدية التي ألحقها بمسجده مسجد عين البيضاء والذي صار يعرف اليوم بمسجد المبايعة، ففي عهد هذا الباي نشطت الحياة الثقافية بمعسكر وتوافد عليها العلماء وطلبة العلم من كل مكان.
ولعل من أشهر علماء معسكر بل من علماء الجزائر على الإطلاق حافظ زمانه ووحيد أوانه العلامة المحقق الشيخ المفسر أبي راس الناصر المعسكري المعروف لدى العام والخاص بسيدي بوراس.
لقد ترك الشيخ أبوراس الناصر تراثا علميا هوجدير بالدراسة والتحقيق والبحث والتنقيب، لما حواه من معارف أصيلة مبنية على أسس متينة تستمد جذورها من التراث الإسلامي الزاخر، ومن المرجعية الدينية التي تبناها الجزائريون على مر الزمان القائمة على أساس:
في عقد الأشعري وفقه مالك | وفي طريقة الجنيد السالك |
وإحياء هذا التراث صار اليوم لزاما وواجبا على أبناء هذا الوطن نظرا للظروف العصيبة التي تمر بها البلاد وتراطم أمواج الفتن علينا حتى صرنا نمشي كأننا صم بك وعميان، ولا سبيل للخروج من هذا المأزق إلا بالرجوع لما كان عليه سلفنا الصالح وصد من قال:
تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم | إن التشبه بالرجال فلاح |
تراث الشيخ أبي راس لا يزال الكثير منه إما في حكم المخطوط المدسوس هنا وهناك، فهوفي حكم المفقود ما لم ينشر أويحقق، وإما هوفي حكم المفقود أصلا لا نعلم عنه سوى اسمه، ومن بين مؤلفاته العديدة التي لا تزال مخطوطة لم تطبع بعد،كتابه في تفسير كتاب الله تعالي الإبريز والإكسير في تفسير القرآن الكريم، هذا المخطوط كان ليكون هوالأخر في حكم المفقود لولا عناية الله سبحانه وتعالي، ثم لولا فضل رجال مخلصين قيظهم الله لحفظه، فوصلنا اليوم بفضلهم بعضه لا كله.
نسعى من خلال هذا العمل إلى نفض التراب عن تراث هذا الرجل الذي ضيعه قومه، وبعث الروح في إرثه الفكري من خلال تحقيق تفسيره لسورة الفاتحة، وتسليط الضوء على منهجه التفسيري، الأمر الذي يعكس مكانته العلمية.
تكمن أهمية هذا العمل في إثراء المكتبة الجزائرية عموما والمعسكرية بشكل خاص بعنوان في حقل من حقول المعرفة التي قلما خاض فيها علماء جزائر، فالتأليف في علم التفسير لدي علماء الجزائر قليل بالمقارنة مع مشاركاتهم في باب الفقه مثلا، ومن هنا تكمن أهمية هذا العمل في الإخراج إلى النور تأليف من مؤلفات علماء الجزائر في فن عزيز وهوعلم التفسير.
لإنجاز هذا الكتاب توجب علينا إتباع المنهج التاريخي لما يقتضيه البحث من التقصي والتفتيش والتنقيب، محاولين الإجابة على الإشكالات التالية:
لا شك ولا ريب أن علماء معسكر على غرار باقي علماء الجزائر اشتغلوا بكتاب الله تعالي تدريسا وتأليفا، فما هي إسهامات علماء الراشدية في علم التفسير؟.
للخوض في هذا العلم يجب على المفسر أن يتبع خطوات منهجية تمكنه من الخوض في غماره وفهم كتاب الله عز وجل، فما هومنهج الشيخ أبي راس الناصر في تأليفه في علم التفسير وتفسيره لفاتحة كتاب الله؟.
للإجابة على هذه الإشكالات توجب علينا الاستعانة بجملة وافرة من المصادر حرصنا على أن تكون لعلماء معسكريين لا يزال أغلبها مخطوطا، على سبيل المثال مخطوط فتح الرحمن في شرح عقد الجمان للشيخ محمد الجوزي المزيلي الراشدي، هذا المخطوط مكننا من وضع تراجم مهمة لبعض علماء المعسكر الذين اشتغلوا بعلم التفسير ولعل أهمهم صاحب المخطوط الشيخ المزيلي الذي ضمن كتابه هذا فقرات طويلة من تفسيره لكثير من الآيات القرآنية.
كما تم الاعتماد على مصادر أخرى، كانت بمثابة أوعية علمية ضمنها أصحابها إسهاماتهم في علم التفسير، على سبيل المثال مخطوط حاشية الشيخ مصطفى الرماصي على السنوسية.
وتعتبر كتب التراجم والرحلات من أهم المصادر التي مكنتنا من معرفة أهم من اشتغل لعلم التفسير في المنطقة، على سبيل المثال كتاب الحقيقة والمجاز في الرحلة إلى الحجاز للشيخ سيدي العربي بن سيدي بن عبد الله المعسكري الغريسي، كما تم الاستعانة في غير ما موطن بأهم كتاب للشيخ أبي راس الناصر ألا وهو”فتح الإله ومنته بالتحدث بفضل ربي ونعمته” الذي يعتبر أهم مصدر أرخ لحياة الشيخ كيف وهوكاتبه.
قسم العلم إلى جزأين، الجزء الأول قسم إلى ثلاثة أقسام،أولها التعريف بهذا العالم الجليل حيث تم التطرق إلى نسبه ومولده ونشأته وتعلمه ومؤلفاته وتلامذته ووفاته وما قيل في حقه من أقرانه.
ثم القسم الثاني ولعله أهم قسم لما شمله من تراجم لعلماء الراشدية معسكر ممن اشتغلوا بعلم التفسير تدريسا أوتأليفا.
أما القسم الثالث فهوقسم دراسة المخطوط من حيث ضبط عنوانه، ونسبته للشيخ أبي راس، ومنهج الشيخ في تأليفه.
أماالجزء الثاني فخصص لإخراج نص الشيخ أبي راس كما أراده أوقريبا من ذلك، مع إثراء النص ببعض التعليقات والتعريف ببعض الأعلام، وشروح لبعض الكلمات الواردة فيه.
لا شك أن عملنا هذا اعتراه نقص كبير لكن حسبنا أننا سلطنا الضوء على عديد الشخصيات المعسكرية، وساهمنا في نفض الغبار عن تراث بعضها.
تقي الدين بوكعبر
محروسة معسكر