تفصيل
- الصفحات : 240 صفحة،
- سنة الطباعة : 2022،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-369-6.
لطالما كانت للإنسان علاقة وطيدة بالتقنية منذ الأزل؛ فقد استخدم أدوات الصيد لكي يقتات، وأدوات الحرب ليهاجم أو ليدافع عن نفسه، وأدوات لبناء مأوى يؤويه من حر الصيف وبرد الشتاء، وأدوات تستخدم للأكل وأخرى للحياكة، وأخرى للزينة…، محاولة منه التكيف مع الطبيعة والتصدي لها باكتشاف تقنيات تساعده على البقاء، بحثا منه عن حاجات يود تلبيتها عن طريق هذه التقنيات، والتي هي حاجات أولية والمتمثلة في المأكل والملبس والمأوى.
وهذا التاريخ طويل ويعود إلى مرحلة ما قبل التاريخ، حيث قُسم الأخير إلى مراحل حسب الأدوات والمواد المستخدمة في كل مرحلة منه.
ومفهوم التقنية ليس بالمفهوم الحديث، فقد استخدم اليونان مصطلح Techne الذي كان يعني “الحرفة اليدوية والفن”[1] في آن واحد.
بيد أن هنالك اختلاف جوهري بين اللفظين الاثنين. بينما “التقنية هي لخدمة حاجات الممارسة، الفن مجرد وليست له أهداف نفعية”.[2]
فالفنان في العصور القديمة كان يرسم على الجدران، وينقش على العاج أو الخشب بدون هدف نفعي، بينما كان التقني يستخدم أدواته لغايات نفعية. فالإنسان بداية كان فنانا قبل أن يكون صانعا. والدليل على ذلك هو قدم النقوش الموجودة والتي كانت تستخدم موادا، كالحجر والعاج.
والفن موجود من أجل الفن، كتعبير عن خلجات النفس، هو صادق ولا تهدف الأعمال الفنية في الأصل إلى تحقيق غايات نفعية. وحينما بدأ الإنسان بالتفكير “في التصدي للطبيعة والتكيف معها، ظهرت فكرة صناعة أشياء وأدوات وتقنيات تمكنه من تحقيق هذا الهدف”.[3]
والتكيف مع المحيط خاص بالإنسان، فنجده “يتكيف معه بتحويله، بالعمل، بالتقنية (…) الأداة هي مصنوعة أو على الأقل محوَّلَة، مشكَّلَة، مكيَّفَة لهدف محدد من أجل استخدام عام”.[4]
وهذا التكيف يستدعي تغيير ملامح الطبيعة، وتحويلها بطريقة عنيفة أحيانا.
والتصور المتعارف عليه هو البعد الأنتروبولوجي للتقنية “كوسيلة وفعالية للإنسان”.[5] يضع هذا التصور الإنسان في تناغم مع التقنية، حيث يتبنى Marx هذا التصور معتقدا بأن التقنية محايدة وأنها هي التي ستقوم بتحرير الإنسان، لأنها ستؤدي إلى تخلي التفكير الإنساني عن التفسيرات غير العلمية.
أما التصور الجديد ل Heidegger عن التقنية الحديثة، فهو الذي يرى فيها ذلك البعد الميتافيزيقي كأداة مسيطرة على الإنسان إذ أضحت تنفلت من مراقبته، كما حدث مع الطاقة النووية التي تُستخدَم لصالح البشرية، ولكن أيضا لغايات عدوانية تدميرية.
وقد ارتبطت التقنية بالعلم تاريخيا. ولكن هل هي سابقة له؟
بالتأكيد أنها كذلك. فالإنسان البدائي كان عمليا، كان Homo faber، صانعا للأدوات التي يستخدمها في حياته اليومية ليتصدى للصعوبات التي يواجهها في الطبيعة.
ثم، أصبح يفكر في تنظيم معارفه وتحويل التقنيات التي كان يتقنها إلى معارف علمية، إلى قوانين. وهكذا، “ظهر العلم يوم احتاج الإنسان للمعرفة من أجل المعرفة.”[6]
وأضحى التطور العلمي في العصر الحديث مقرونا بتطور الوسائل التقنية، والعكس صحيح، بالرغم من أن العلوم في بدايتها وعلى وجه الخصوص الرياضيات تطورت بدون اهتمام تقني، كان الهدف منها المعرفة من أجل المعرفة، بدون غاية نفعية أو أخلاقية.
وقد أكد العديد من المفكرين على دور التجديدات التي تدرجها التقنية في تغيير الحياة العامة للبشر.
ويعتبر الهاتف النقال الذكي* من أحدث الاختراعات التقنية في الألفية الثالثة، لتعدد الوظائف التي يؤديها.
فلا يجب أن ننسى بأن هذا الاختراع قد غير ملامح الحياة اليومية؛ فقد أدى استخدامه إلى ظهور ظواهر لغوية تخص اللغة المكتوبة التي تحولت إلى منظومة رمزية لوحدها، ومن خلال اللغة الموظفة في المعيش اليومي باستحداث قاموس لفظي جديد، بإفراز ظواهر تخص مجال اللغة الشفاهية. كما أدى استخدامه أيضا إلى خلق لغة موازية من حركات عند استخدامه وطريقة حمله، ونبرات صوت متباينة توظف في كل مكالمة، وأكسسوارات تخصه من أشكال حافظات للهواتف وألوان وأحجام مختلفة، تعكس اتجاهات وأذواق مستخدميه. كما يقوم المستخدم عن طريقه بتصفح حسابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبتبادل وثائق مختلفة الأشكال والمحتويات، والاستماع إلى مقاطع موسيقية، ومشاهدة محتويات سمعية-بصرية، والتقاط الصور … كلها مجالات بحث جديرة بالتقصي في الميدان، يمكن معالجتها بالاستناد إلى بعض المتغيرات، كالنوع والسن والمستوى الدراسي والمستوى الاقتصادي.
ولا أحد يمكنه التغافل عن التراث العلمي الكبير الذي يعنى بدراسة تأثير تقنية ما في سلوك مستخدميها، وكيفية تفاعلهم عن طريقها. ولا يعد البحث عن تمثلات الشباب للصورة ودلالتها في الهاتف النقال الذكي استثناء.
بيد أن أهمية هذه الدراسة تكمن في أنها تبحث عن العلاقة التي يقيمها المستخدمون مع التقنية الحديثة، وتحديدا لرصد تمثلاتهم حول الصورة التي تلتقط عبر الهاتف النقال الذكي، من خلال مقاربة في أنتروبولوجية الاتصال، علما بأن الأنتروبولوجيا لا تهتم بالتقنيات التقليدية فحسب، بل أيضا بالتقنيات الحديثة وكل التمثلات التي تتشكل حولها. يتطلب الأمر إدراك المعاني التي يوليها مستخدموها لتمثلاتهم حولها وممارساتهم واستخداماتهم إياها وإدراك نسق التفاعلات الذي ينجر عنها، مما سيعكس طبيعة الثقافة (أو الثقافات) السائدة في المجتمع والتي ستحدد هوية مستخدميها.
في هذه المقاربة، سيأخذ الباحث بالحسبان خصوصية التجارب الشخصية، إذ سيتبين بأن الأفراد لا يتصرفون بنفس الشكل: فلكل فرد خصوصية عندما يستخدم التقنية وحتى عندما لا يستخدمها، عندما تكون متطورة أو حتى بدائية، للخروج بتصور كلي عن الظاهرة المدروسة.
وعكس ما يعتقده بعضهم، فإن الجوارية الاجتماعية مهمة في هذه المقاربة، إذ يتعين على الباحث هنا أن يكون في تفاعل مع المخبرين، وأن يقترب منهم قدر الإمكان لاستخلاص طبيعة التفاعلات الناجمة عن التعايش في هذه الفضاءات المتعددة، التي تنشأ فيها أشكال متعددة للاتصالات وثقافة خاصة لمستخدميها، تنشأ وتتطور في هذا السياق المميز.
فلا يجب أن ننسى بأنه عند تبني مقاربة أنتروبولوجيا الاتصال يصبح الباحث جزءا من التجربة، بفعل انغراسه في حياة المستخدمين، باستخدامه اليوم الإمكانيات التي يوفرها الاتصال الرقمي، وبفعل انغراسه كفاعل في هذا الفضاء التفاعلي.
وبعدما كان Fieldيعني الميدان البعيد عن المكان الأصلي للباحث حيث كان يجري دراساته، وHome هو الذي يمثل بالذات موطن الباحث حيث كان يقوم فيه بتأويل المعطيات المجمعة من الميدان، تحول اليوم Field إلىHome وHome إلىField.
فقد تحول “الآخر” الذي كان يوما ما غريبا وبعيدا عن الباحث إلى “الأنا”، لأن العالم الحديث قد محى من خلال التمثلات التي نحملها عن العالم الرقمي بكل تجلياته كل المرجعيات الهوياتية التي تحدد انتماءنا وتاريخنا ووجودنا، مما غير على المستوى الإبستمولوجي تمثلنا للغيرية.
وقد لوحظ توسع وتكثف فضاء العلاقات الاجتماعية، وتغير طبيعتها وأشكالها بعد الانتشار الموسع للتكنولوجيا الحديثة واكتساحها الحياة اليومية، مما ترتب عن ذلك من تغير في العلاقة التي يقيمها الأفراد مع بعضهم البعض.
هذه الممارسات لا تحدث استثنائيا؛ فهي تحدث في كل يوم، معيدة تشكيل مفهومي: الزمن والمكان، المحلي والعالمي، الخاص والعام.
وهكذا، رفعت الأنتروبولوجيا تحدي دراسة المجتمعات الحديثة، بتواجد ثقافة ليست جاهزة –كما كان حال دراسة ثقافة المجتمعات التقليدية- بل ثقافة في قيد التشكل، إلى ما لا نهاية.
هذا من جهة. ومن جهة أخرى، يتعين دراسة السياق الخاص للمستخدم، باعتباره ذلك المحيط الخاص بالمتلقي والمتمثل في ظروف التعرض والتجارب القبلية وهويته وثقافته والمنظومة القيمية التي يتبناها والتي ستؤثر حتما في كيفية التلقي، وفي عملية التذوق والتجربة الجمالية المرتبطة باستخدامات هذه الفضاءات، خصوصا مع المكانة التي تحتلها الصورة في الألفية الثالثة، التي أضحت تلازم الإنسان حيثما وجد، في كل مكان، سواء أكانت ثابتة أو متحركة..
فبالرغم من المكانة التي احتلتها الصورة في التاريخ البشري، بيد أن هذا التأثير زاد حدة مع الثورة التكنولوجية على المستوى المعلوماتي، إذ “زادت التحولات السريعة من سلطة الصورة التي شهدها مجال الاتصال الإعلامي والناتجة خصوصا عن تطور تقنيات التلفزيون التي فرضت مفهوم “الخبر المباشر” وتاليها سرعة البث وسرعة التلقي“[7].
فللصورة سلطة لا تضاهيها سلطة أخرى، هي مجال بسط الهيمنة، التحكم في المعلومة، في إنتاجها وتوزيعها وحتى تلقيها. ويظهر هذا الأمر جليا مع وظيفة التصوير عبر الهاتف النقال الذكي، والذي يأخذ حيزا مهما من الحياة اليومية للبشر.
ويستدعي التحليل الأنتروبولوجي لتمثلات الصورة في الهاتف النقال الذكي طرح أسئلة تفسر العلاقة الجدلية بين المستخدم (الإنسان) والتقنية (التصوير عبر الهاتف النقال)، والمحيط الذي تتم فيه مجموع الاستخدامات التي تتمخض عن الممارسات اليومية الناتجة عن التمثلات التي يقيمها المتلقي حول هذه العملية.
تترتب عن هذه الاستخدامات ظواهر جديدة تؤدي إلى استحداث تغيرات في ملامح الحياة اليومية، لها علاقة بالتواصل الثقافي والتفاعل الذي ينجر عنه بين الأفراد، من خلال ممارسات جديدة والتي تفرز بشكل مستمر ظواهر جديدة ومتسارعة.
وتكمن أهمية دراسة “اليومي” (daily) في النظر وإعادة النظر في بعض التفاصيل التي يمكن أن يتغافل عنها الباحث. فيتعين عليه التقرب من اليومي حتى يتم تحيينه، باستكشاف ما يفرزه من علاقات الجوار ومن تفاعلات بين الأفراد، إذ طرحت هذه الثورة التقنية أسئلة لها علاقة وطيدة بالمعيش اليومي للأفراد، بعلاقتهم بالمحيط التكنولوجي الذي هو في تجدد مستمر من خلال خلق نسيج علائقي جديد، مفرزة علاقات جديدة.
وبالتالي، سنبحث عن العلاقة التي يقيمها الإنسان مع التكنولوجيا، باعتبار الهاتف النقال الذكي ظاهرة سوسيو-ثقافية تعبر عن طبيعة تعددية استخداماته وما ينجر عنها من ممارسات يومية جديدة، عبر القيام بملاحظة تصرفات مستخدميه والقيام بمقابلات معهم، وتأويل هذه الظواهر التي يقيمها الفاعلون الاجتماعيون وما ينجر عنها من تغيرات في ملامح الحياة اليومية، ووجود رهانات جديدة أعادت قولبة النسيج الاجتماعي برمته.
فالثقافات الحديثة هي في إعادة التشكل بشكل مستمر، في سياق جديد هو بدوره يعيد التشكل بشكل مستمر ومتسارع.
لذلك، يتعين على الباحث في حقل أنتروبولوجيا الاتصال إدراك المتغيرات المتعددة التي تنتج هذه الظواهر والتي غالبا ما تكون متداخلة… كما سيبحث عن المعاني التي يوليها الأفراد للاستخدامات المتعددة للتكنولوجيا الجديدة، وأيضا كيف أنها تغير علاقة الإنسان بالإنسان، ما الذي يختفي وما الذي يظهر… في عالم معولم، لا مكان فيه للمحلي والخاص، لأنماط الوجود والعيش المحلية.
وبما أن الأنتروبولوجيا تهتم بالتقنيات المستخدمة في الحياة اليومية، يتعين اليوم تسليط الضوء على الظواهر التي ما فتئت تظهر بين الحين والآخر، في عالم متغير بشكل مستمر، تغزو فيه التكنولوجيا الرقمية الحياة اليومية بكل تمظهراتها، مما يولد ظواهر اتصالية وثقافية تكاد لا تكشف، وتبدو عادية وبدون معنى.
وحتى وإن كانت هذه الدراسة أنتروبولوجية في الأساس، بيد أن ذلك لم يمنع بأن تعتمد على تخصصات أخرى لتفسير بعض المسائل، باعتمادها على علم الاجتماع وعلم النفس وحتى السيميولوجيا، مما يمنحها تلك الصبغة المتداخلة التخصصات، معتمدة على تفسيرات متقاطعة بين تخصصات متباينة، بغية القيام بدراسة شاملة، تأخذ بالحسبان الزوايا المختلفة للظاهرة.
ففي الوقت الراهن، تحبذ بعض المقاربات التي تدرس ظواهر مرتبطة بالعولمة وما أفرزته من تمظهرات على المستوى العالمي، متخصصين في تخصصين فما أكثر، لإضفاء نظرة شمولية على الظواهر المدروسة والتي تمس أساسا التحولات التي تعرفها المجتمعات على المستوى المحلي بفعل تأثير مسارات العولمة، كرهانات جديدة للأخيرة، والتي يتعين على الأنتروبولوجيا دراستها، بمقاربات متداخلة التخصصات.
فنظرا لتعقد الظواهر وتشعب زوايا البحث في العديد منها، ظهرت الحاجة الملحة إلى دراسات متداخلة التخصصات وحتى عابرة التخصصات، ليتبين الدور الذي يلعبه الحوار بين التخصصات المتعددة في دفع وتيرة التطور العلمي، حيث ستنهل التخصصات المختلفة في العلوم الإنسانية من بعضها البعض المناهج والتقنيات والمفاهيم والتصورات، بغية الوصول إلى إدراك العالم الاجتماعي.
وتستدعي هذه البحوث “نوعا من التعاون والذي يكون بالضرورة متغيرا، بين مجالات علمية وفي وضعيات مختلفة للبحث”[8]، عبر جملة من التبادلات والتفاعلات التي تمكنها من الاستفادة مما توصلت إليه الساحة العلمية من تقنيات وطرق تفكير ونسق مفاهيمي، في تخصصين فأكثر، سعيا منها إلى “التعاون بين مختصين من تخصصات مختلفة ومتكاملة، وحتى إلى إدماج هذه التخصصات”[9].
وهي بذلك ليس مجرد تجاور بين تخصصات متعددة؛ تتطلب هذه العملية التعاون والتكامل والمشاركة في المناهج والأهداف والتصورات والمفاهيم التي تتجلى عبر لغة خاصة متفاهم عليها.
ويسعى هذا النوع من البحوث إلى “الوصول إلى حل للمشكلة بواسطة شروحات متقاطعة، روابط بين مظاهر سيكولوجية وسوسيولوجية وسياسية وغيرها”.[10]
وبالتالي، هي دراسة تسلط الضوء على علاقة الإنسان بالتقنية، بل بالتكنولوجيا. من هذا المنطلق، أضحى الهاتف النقال الذكي ظاهرة تخص المعيش اليومي للأفراد في علاقتهم به وفي علاقاتهم ببعضهم البعض، بين من يستخدمه وكيف يستخدمه ومن يتلقاه وكيف يتلقاه، في علاقة تأثير وتأثر متبادل.
وكان إدراج وظيفة التصوير في الهاتف النقال من بين أحدث وأهم الوظائف التي غيرت ملامح الحياة اليومية، كجزء لا يتجزأ من حياة مستخدميها، لتلتقط صور لأحداث مهمة وغير مهمة، من خلال صور ثابتة وأخرى متحركة، لتتحول إلى شواهد عن تلك اللحظات التي ألتقطت فيها، كصور حديثة عن الإنسان والوجود، الحاضر والمستقبل، الديمومة والشمولية.
ويندرج موضوع هذا الكتاب ضمن مشروع البحث التكويني الجامعي (PRFU) بعنوان: تمثلات الشباب للصورة ودلالتها في الهاتف النقال الذكي، التابع لجامعة عبد الحميد بن باديس بمستغانم، يمثله فريق بحث يضم أربعة أعضاء:
وقد أسهم كل واحد منهم في هذا المشروع، تبعا للمهام المنوطة به؛ فقد قامت د.آمال فاطمة الزهراء صفاح بإعداد الجزء الأكبر من الإطار النظري للدراسة، وأيضا بالدراسة السيميولوجية للصورة التي تم تحليلها.
أما كل من سعيد مويسي ومحمد أمين ياحي، فقد قاما بالنزول إلى الميدان للقيام بالمقابلات مع المبحوثين، وأيضا من خلال إجرائها عبر الهاتف، وحتى من خلال إرسال دليل المقابلة لبعض المبحوثين عبر بريدهم الإلكتروني، لأن الدراسة الميدانية قد امتدت من مارس إلى غاية أوت 2021 حيث كانت جائحة كوفيد 19 لا تزال قائمة، مما عرقل عملية التواجد الجسدي مع المبحوثين.
وعليه، ينقسم هذا الكتاب إلى قسمين اثنين. خصص القسم الأول للإطار النظري للدراسة الذي ضم ثلاثة فصول.
خصص الفصل الأول لمسألة الصورة في حياة البشر، عبر ثلاثة محاور. ركز المحور الأول على أهمية الصورة في حياة البشر. أما المحور الثاني فتناول مراحل تطور الصورة. وفي الأخير، كان المحور الثالث عبارة عن عجالة عن ظهور السمعي-البصري، كثورة في مجال الصورة.
أما الفصل الثاني، فتعرض إلى كيفية ظهور الهاتف النقال وتطوره، من خلال ثلاثة محاور، حيث تطرق المحور الأول إلى وظائف الهاتف النقال. أما المحور الثاني، فكان عبارة عن تأملات في أجيال الهاتف النقال. وفي الأخير، عرضت في المحور الثالث إيجابيات وسلبيات الهاتف النقال.
وفي الأخير، خصص الفصل الثالث إلى مسألة الاتصالات اللاسلكية وتكنولوجيا الهاتف النقال في الجزائر، من خلال محورين اثنين. تطرق المحور الأول إلى بدايات الهاتف النقال في الجزائر. أما المحور الثاني فتعرض إلى تطور الهاتف النقال في الجزائر.
كان ذلك عن الدراسة النظرية. أما الدراسة الميدانية فقد تفرعت إلى قسم منهجي، تم فيه توضيح كل الإجراءات المنهجية المتبناة للقيام بهذه الدراسة، بداية بالدراسة الاستطلاعية ونتائجها، فعرض لبعض الدراسات السابقة، فصياغة الإشكالية، فتحديد الإطار المفاهيمي فنوعية الدراسة، وصولا إلى عرض المنهجين المستخدمين، ألا وهما المنهج الإتنوغرافي والمنهج السيميولوجي، ليأتي دور تحديد أداتي جمع البيانات المتمثلتين في كل من الملاحظة والمقابلة، لنصل إلى تحديد خصائص مجتمع البحث فالمعاينة المتبناة التي مكنت من المرور إلى تحديد عينة الدراسة. وفي الأخير، وكإطار تفسيري لدراستنا، فقد قمنا بعرض منطلقات المقاربتين النظريتين المتبنتين، المتمثلة في النموذج السوسيو-تطوري ل Serge Moscovicci وتيار الاستخدامات والإشباعات.
أما تحليل المقابلات في حد ذاته، فقد تم تصنيفه عبر ثلاثة فصول. تعرض الفصل الأول إلى أنماط التصوير عبر الهاتف النقال الذكي، من خلال سبعة محاور. أما الفصل الثاني فقد خصص للتعرف على أسباب التصوير عبر الهاتف النقال الذكي، من خلال أربعة محاور.
أما الفصل الثالث، فقد خصص للتعرف على كيفية تفاعل المستخدم مع الصور الملتقطة عبر الهاتف النقال الذكي، من خلال ستة محاور.
وبدلا من خاتمة، فقد وضعت مكانها نقاط للتركيب، لأن الموضوع المعالج كظاهرة تندرج ضمن حقل أنتروبولوجيا الاتصال لا زال يتشكل، ولم يقل عنه إلا القليل.
وفي الأخير، تم عرض قائمة المراجع المعتمدة في الدراسة.
وأشير بشكر خاص إلى الذين أسهموا في إخراج هذا الكتاب، بداية بطلبة علوم الإعلام والاتصال بجامعة مستغانم الذين كلما احتجنا إليهم إلا ولبوا النداء، وذلك من خلال ترك مشاغلهم اليومية وأخذ عناء الإجابة عن دليل المقابلة، بدون أن أنسى أيضا أساتذة علوم الإعلام والاتصال الذين قبلوا دعوتنا للقيام بمقابلات معهم، بدون نسيان أعضاء المشروع التكويني الجامعي.
د.لمياء مرتاض-نفوسي
[1] مارتن هايدجر، كتابات أساسية، منبع الأثر الفني، ترجمة: إسماعيل المصدق، المجلس الأعلى للثقافة، 2003، ص.108
[2]Armand Cuvillier, Cours de Philosophie, Tome 1, France, Librairie Armand Colin, 1954, p.04
[3] لمياء مرتاض-نفوسي، تشريح العولمة، الأردن، دار الإعصار للنشر والتوزيع، 2018، ص.207
[4]Armand Cuvillier, op.cit., p.159
[5] مارتن هايدجر، التقنية، الحقيقة، الوجود، ترجمة: محمد سبيلا، عبد الهادي مفتاح، الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، 1995، ص.44
[6] Armand Cuvillier, op.cit., p.05
* يعرف أيضا بالهاتف المحمول أو الخلوي أو الجوال أو المتحرك
[7] مخلوف حميدة، سلطة الصورة، تونس، دار سحر للنشر، 2004، ص.55
[8] Odina Benoist, L’interdisciplinarité comme pratique et comme discours, in : Sous la direction de: Benoist Odina, Chérot Jean-Yves, Isar Hervé, Concepts en dialogue, Une voie pour l’interdisciplinarité, France, Université d’Aix-Marseille, 2016, p.17
[9] Frédéric Darbellay, Vers une théorie de l’interdisciplinarité? Entre unité et diversité, Nouvelles perspectives en sciences sociales, Revue internationale de systémique complexe et d’études relationnelles, vol. 7, n° 1, 2011, p.p 65-87
[10] موريس أنجرس، منهجية البحث العلمي في العلوم الإنسانية، ترجمة صحراوي بوزيد وآخرون، الجزائر، دار القصبة، 2004، ص.77