تفصيل
- الصفحات : 237 صفحة،
- سنة الطباعة : 2022،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-348-1.
تيارت، تحريف أعجمي لكلمة تيهرت التي أصلُها بربري، وتعني اللبؤة. وتيهرت مدينة كانت تقع بالهضاب العليا الغربية بالجزائر، وهي اسم لمدينتين؛ تيهرت القديمة أو العليا وتوجد على ربوة يحيط بها سور، بنيت قبل الإسلام وافتتحها عقبة بن نافع، وهي التي أُسست مكانها مدينةُ تيارت الحالية. وتيهرت الحديثة أو السفلى التي عرفت بعراق المغرب أو بَلـْـخ[1] المغرب[2]، وقد أسسها عبد الرحمن ابن رستم عام 144هـ – 761م[3] غربي تيهرت القديمة على بعد 5 أميال منها، وهي محاذية لتاقدمت[4] وليست ذاتها[5].
وتقع تيهرت في منطقة اقتصادية غنية، فهي تشتهر بمراعيها الواسعة وثرواتها الزراعية المتنوعة، ويرجع ذلك إلى كثرة مصادر المياه وتنوعها في المنطقة[6]. وقد أكد الأولون[7] وقوع تيهرت بأرض معطاء، يجري بالقرب منها وادي مينا[8] وتنبت بها الثمار، وسفرجلها يفوق سفرجل الآفاق حسنا وطعما، لكنها في المقابل شديدة البرد كثيرة الغيوم والثلج، وافرة الأنداء والأمطار والضباب حتى قيل في جوها[9]:
ما أخشن البرد وريعانه | وأطرف الشمس بتاهرت |
نفرح بالشمس إذا ما بدت | كفرحة الذمي بالسبت |
كما تقع تيهرت ضمن سهل السرسو الذي يمثل المنطقة الوحيدة داخل السهول العليا الداخلية التي تتلقى تساقطا كافيا لزراعة الحبوب المنتظمة[10] وذلك رغم فقرها من حيث الثروة الخشبية.
ورغم أن السرسو يقع في نطاق الوسط الجزائري فإن علاقاته مع الغرب أكبر، ذلك أن تيهرت أقرب إلى وهران منها إلى مدينة الجزائر. وقد اكتسب السرسو تفرده – كواحد من السهول العليا – من ارتفاعه ونوع التربة السائدة فيه، ومناخه شبه القاري، وجريان نهر واصل فيه، ولذلك صار أشبه بهضاب قسنطينة العليا منه إلى المناطق السهبية، بل وصار أكثر ارتباطا بالزراعة[11].
كما أن تيهرت غنية تاريخيا بكونها عرفت إنسان كولومناتا وخط الليمس الروماني ومقابر لجدار[12] واحتضنت عاصمة الرستميين ومغارات ابن خلدون وقلعة بني سلامة وزوايا كثيرة ومساجد ومدارس قرآنية متعددة.
وحين غزا الفرنسيون غرب الجزائر وضاق الأمر على الأمير عبد القادر توجه نحو الجنوب الشرقي واتخذ من تاقدمت عاصمة لدولته، وهي واقعة ضمن أراضي تيارت، ثم اتخذ عاصمة متنقلة حطت رحالها بطاقين، غير أن العدو الفرنسي هاجمها فسقطت بيده عام 1843م.
وكان لساكنة تيارت دور بارز في مقاومة الاستعمار، سواء في إطار المقاومة الشعبية أو ضمن الحركة الوطنية والثورة التحريرية، وهذا بعضٌ مما ستعالجه الدراسات المنشورة ضمن هذا الكتاب الذي أشرفنا عليه وقدمنا له وساهمنا فيه بموضوع حول تاريخ تيارت مثلما ساهم زملاء لنا ملبّين الدعوة إلى الكتابة في بعض جوانب تاريخ المنطقة، وكلُّهم أملٌ أن تكون مادة هذا الكتاب أرضية لدراسات أخرى في المستقبل.
د. كمال بن صحراوي
جامعة ابن خلدون. تيارت
[1] – من أجَـلّ مدن خراسان وأكثرها خيرا وأوسعها غلة، كانت غلالها تُحمل إلى جميع خراسان وإلى خوارزم. يراجع: ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج 1، بيروت: دار صادر، د.ط، 1977، ص 479.
[2] – مولاي بلحميسي، الجزائر من خلال رحلات المغاربة في العهد العثماني، الجزائر: الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، ط2، 1981، ص 170.
[3] – هناك اختلاف بين المؤرخين حول تاريخ بناء تيهرت، ولكن المتفق عليه هو أنها بنيت بين 144هـ و161هـ (761م – 778م). يراجع: جازية هرباس، “تاهرت بين الازدهار والانهيار”، الخلدونية، عدد خاص، 2009، ص 162.
[4] – اختلف في معناها فقيل إنها كلمة بربرية معناها الدف، وقيل إن أصلها عربي بالجذر الثلاثي “ق د م”، لكن بحرف تا الأمازيغي في أوله وت في آخره، وهكذا يكون معناها “القديمة”. يراجع: أبو عبيد البكري، المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب، القاهرة: دار الكتاب الإسلامي، د.ت، د.ط، ص 68.
محمد حاج صادق، مليانة ووليها سيدي أحمد بن يوسف، الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، ط 1، د.ت، ص 154.
[5] – مبارك الميلي، تاريخ الجزائر في القديم والحديث، ج2، تقديم وتصحيح محمد الميلي، الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، د.ط، د.ت، ص 88.
[6] – محمد عيسى الحريري، الدولة الرستمية بالمغرب الإسلامي؛ حضارتها وعلاقتها الخارجية بالمغرب والأندلس، الكويت: دار القلم للنشر والتوزيع، ط3، 1987، ص 96.
[7] – للتعرف أكثر على صورة تيهرت في الكتابات التاريخية يراجع: التالية سعدو، “مدينة تيهرت من خلال المصادر التاريخية”، الخلدونية، عدد خاص، أكتوبر 2009، ص 34 وما بعدها
[8] – أحد الروافد اليسرى لوادي الشلف في مجراه الأدنى، يأخذ منابعه العليا من الهضبة الواقعة على الحافة الغربية لجبال الناظور. يراجع: نور الدين حاروش، “إستراتيجية إدارة المياه في الجزائر”، دفاتر السياسة والقانون، ع 07، جوان 2012، ص 63
[9] – ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج 2، بيروت: دار صادر، د.ط، 1977، ص ص 7- 8
[10] – Richard Lawless, “L’évolution du peuplement, de l’habitat et des paysages agraires du Maghreb”, Annales de Géographie, N°446, T81, 1972, p 459
[11] – Marc Cote, l’Algérie, espace et société, Constantine, Edition Media Plus, 2005, p 203.
[12]– للتعرف على تاريخ تيهرت القديم والحديث تراجع المقالات المنشورة في مجلة الخلدونية أكتوبر2009 وهو العدد الخاص بالملتقى الوطني المنعقد بجامعة ابن خلدون – تيارت حول تاريخ المنطقة.