تفصيل
- الصفحات : 117 صفحة،
- سنة الطباعة : 2022،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-365-8.
في تلك الأوردة المنقطع بها دم النظير تسبح هواية الإنصات لجرس التّردد، يقترب المغاير يهمس همسا خفيفا في أذن العقل على تلك النّواصي حكاية إنسان يظل يبحث ويبحث بين زوايا المنسي… بين حرائق تلك الذكريات القليلة أو الكثيرة… يظل يُنهك سطور الإقناع والاقتناع فيه على مرمى بضع أميال ليصنع بيتا صغيرا لا يكاد يُشبه من تفاصيل هواياته أو حكاياته الحقيقية شيئا.
يغازل أوراق الخريف وهي تحاول أن تتمسك بآخر غصن من أيكة الرّبيع المخمل بتجارب تقص جناح العقل لغزا… تحملك إلى المنتهى ثم تُرجعك مشدوها وفاه روحك يملأها ضجيج الأضواء المنكسرة فيها يسرد أزهار حديقة عمر على ضفافه بقايا أحياء، عركتهم المسارات، شردتهم الوجهات في لافتات كان الغموض أو التردد سيّدها.
الشجون، الوهن، الخزي، الفرح، القرح، الجنون، المنطق الزائد… ألوان كثيرة تُزين شرفاتنا، تحرقنا سيقان جذوعها، تعطينا تارة أملا وتارة أخرى تحبسنا في ممرات ضيقة، تسافر بنا إلى الجنون الأحمر ثم تُعيدنا إلى مدينة التريث الصفراء وبيدنا زاد تلك الحكاية التي ظننا أننا عشنا تفاصيلها بكل ما أوتينا من حكمة وفطنة ونضج، واللهب البني يزكم أنف الباقي من الرّوح ليخبرنا أنّ أزهار حديقتنا فيها المذبل وفيها المنعش… نستلهم تفاصيل ماءها من ذلك النبع الذي لم نصل إليه بعد، من ذلك النهر الذي لم نستحم به بعد، من تلك الأيقونة التي لم نلمح تفاصيل ألوانها ومنمنماتها الصغيرة بعد، من تلك الأسطر التي انكسر فيها نبض الحرف فكاد يخار عزمه، من تلك الهمم التي لم تُشْحذ بعد…
لا نزال نحاول دهورا نفهم، نستفسر، ننوح وننعى اللحظات الوردية والقاتمة، نركب موجة من غير تمرسنا بعالم السِّباحة، نكابر على تلك الطعنات الكثيرة أو القليلة في مقولاتنا نرضع لبنها من نهد حديقة من حولنا، ونحن لازلنا بمقتبل عمر السّير أو تجاوزنا، ونحن لا زلنا نبحث عن طريقة أخرى للخلاص أو هلكنا، ونحن لازلنا بعاهة الانتظار نحمل عصانا المنكسرة، ونحن لازلنا ببيت الاحتراق نبحث عن عنوان للخلاص، نسمع تلك الأصوات الغريبة من القريب أو البعيد، التّمثيل، الكياسة، طيف الحضور، الطعن، الخوف، الانعكاس، احتراق النبض… نمضي وكل واحد منا بحقيبته زهرة مغايرة عن الآخر كان قد قطفها من نفس الحديقة أو الحديقة المجاورة، رائحتها تُبقي على النّفس أوتجعله يتلفظ آخره.
كريمة هرنــدي