أدت الأزمات المالية في دول جنوب شرق آسيا سنة (1997)وانهيار بعض كبرى الشركات الأمريكية والأوربية، إلى ظهور صعوبة كبيرة في جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال الكافية للقيام بالنشاطات وقد تم إرجاع تلك الأزمات والانهيارات إلى سوء الإدارة والفساد المالي وعدم كفاءة الإدارة في استغلال الموارد المتاحة، وافتقار التقارير والقوائم المحاسبية إلى الشفافية والافصاح الكافي والعادل بفعل فشل النظم الرقابية الخاصة بالشركات، والفجوة الكبيرة بين مرتبات ومكافآت المدرين التنفيذيين في المؤسسات وبين أدائها المالي والممارسات الغير أخلاقية التي انغمست فيها تلك المؤسسات.

نتج عما سبقإحجام المستثمرين عن استثمار أموالهم بعد تكبدهم لخسائر مالية فادحة، دفعتهم للإعلان بوضوح أنهم ليسوا على استعداد لتحمل نتائج الفساد وسوء الإدارة، كما أصبح المستثمرون وقبل قيامهم بالاستثمار يطلبون الأدلة والبراهين على أن المؤسسات التي ترغب في جذب رؤوس أموالهم تتبنى الممارسات السليمة العلمية والرشيدة في الإدارة والتسيير.

هذا ما دفع بالعديد من الدول والمنظمات الدولية إلى البحث عن آليات تمكن من الوصول إلى تلك الممارسات السليمة بحيث يتم من خلالها حماية المستثمرين وأصحاب المصالح الآخرين من أخطاء مجلس الإدارة، وأصبح يطلق على تلك الممارسات أو الآليات والتي يراد من خلالها إدارة وتسير المؤسسات بممارسات أو آليات حوكمة الشركات.

وارتبطمفهوم هذه الممارسة بمجموعة من المفاهيم والأطر العامة التي تنظم العلاقة بين مختلف الأطراف الفاعلة ذات العلاقة بالمؤسسة، من إدارة ومساهمين وأصحاب المصالح الآخرين (العملاء، الموردين، العمال، شركات المحاسبة والتدقيق…)، بحيث (يعني الحوكمة، الإطار، المفاهيم) تضمن في الأخير سلامة إدارة المؤسسة وضمان تحقيق أهدافها، وضمان الالتزام بالمعايير الأخلاقية، والتوافق مع القوانين والتشريعات.

وقد دفعت تلك التحديات التي تواجهها المؤسسات إلى تزايد الاهتمام بموضوع حوكمة الشركات أكثر من أي وقت مضى، سواء من قبل المهنيين أو الباحثين، كما أصبح موضوع حوكمة الشركات يشكل حقلا أساسيا من حقول تكوين طلبة العلم على مستوى الجامعات، وذلك من خلال بروزه كمساق حيوي وضروري للطلبة. لذا يأتي هذا الكتاب المتواضع في هذا السياق لتحقيق مسعى علمي معرفي، يقدم من خلاله مادة علمية تستهدف تغطية التخصصات التي يندرج موضوع حوكمة الشركات ضمن موادها.

وفيما يلي نشرح الأهداف التعليمية والمكتسبات المعرفية المطلوبة.

الأهداف التعليمية

بعد قراءة الطالب لهذاالكتاب سيتمكن من اكتساب المعارف والمهارات التالية:

• التعرف على مختلف المفاهيم المتعلقة بحوكمة الشركات ومقارباتها.
• التعرف على مختلف النظريات المفسرة لحوكمة الشركات ومختلف توجهاتها والتفريق بينها
• إدراك الفوارق والاختلافات في الممارسات الحوكمية بين مختلف النظم والنماذج المنتشرة في العالم.
• التحكم في إجراءات وخطوات الوصول إلى الممارسة السليمة لحوكمة الشركات.
• التمكن من قياس وتقييم وتقويم ممارسة الحوكمة في المؤسسات الاقتصادية والمالية.

المكتسبات المعرفية المطلوبة

يتطلب استيعاب وفهم محاور هذا الكتاب أن يكون للطالب معارف مسبقة في المواضيع التالية:

• إدارة الأعمال.
• المحاسبة المالية.
• التسيير المالي.
• الأسواق المالية.

الدكتور شرشافة إلياس

        جامعة سطيف1 -الجزائر