تفصيل
- الصفحات : 233 صفحة،
- سنة الطباعة : 2019،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الاولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-691-24-2.
لقد أضحت البرهنة الابستمولوجية على محورية اللغة الإعلامية في عملية التلقي ،تقترب أكثر من البديهة المنطقية ،لدرجة صار من الصعوبة استبعاد عوامل اللغة الإعلامية من مسببات الظواهر الحادة التي تفرزها وسائل الاتصال الجماهيري على الوحدات المجتمعية ،بل حتى على ضوء الفوارق الفردية، كما تطرح أنظمة اللغة المختلفة التي تربطها بالرسالة الإعلامية، إشكالات متعددة ،في محاولة للبرهنة على الحضور الطاغي للنسق اللغوي في نظام الإعلام والعكس ،وذلك من خلال ثنائية القارئ والمقروئية وما تشكله العلاقات المتداخلة بينهما في أكثر من زاوية .
على هذا المنحى تقودنا مساهمة الدكتور الحاج عيسى سعيدات المعنونة بـ:”الخبر الصحفي ..مقروئيته وانقرائيته”.
من جهة أخرى، تتعاظم الحاجة في السنوات الأخيرة نحو تفسير النسق الاتصالي لوسيلة التلفزيون ،هاته الوسيلة الرائجة والمستقطبة للحواس و”الأحلام”،التي طالما شكلت النصيب الأكبر من الفعل والتفاعل في ثنايا بحوث ودراسات علوم الإعلام والاتصال طيلة قرن كامل بالتقريب ،وهاهي أمام تحديات الميديا الجديدة (المتداخلة والهجينة) تدعو لطرح السؤال وراء الآخر عن الوجود والجدوى ،وعن القدرة والإمكانية للبقاء والاستئناف مجددا أمام هذه السطوة الجديدة ،وما تفعله وسيلة بأخرى.
وهذا “الخطاب” التلفزيوني هو ما استدعى الدكتور أحمد بن دريس للبحث في مكوناته و زواياه،عبر مساهمة بعنوان: “اللغة الإعلامية وخطاب الصورة التلفزيونية”.
استمرارا للبحث في مضاعفات تأثير الوسيلة التلفزيونية على الفئات الاجتماعية الأكثر استخداما لمضامينه (فئة شباب المدن على وجه التحديد) ،وما تفرزه من مظاهر وظواهر انعكست بوضوح على السلوك العام و تمثلاته ،جاءت مساهمة الدكتور مصطفى مجاهدي المعنونة بـ: “مدخل لدراسة تأثير برامج الفضائيات في الشباب… التلقي و مقتضيات السياق السوسيو-ثقافي” ،من خلال معطيات الميدان الذي يضع أمامنا عينة مهمة من الشباب المتفاعل مع برامج الفضائيات المختلفة ،يستلهمون منها ما يعتبرونه مكونا أساسيا لاندماجهم الاجتماعي وآلية لفهم المحيط (الداخلي والخارجي) ،فضلا على مسايرة الزمن “الإعلامي” المعبر عن “روح العصر”الذي ترجمته الوسيلة التلفزيونية ،و أدت بجمهور المتفاعلين إلى فضاء ممارسات اجتماعية وثقافية غير مسبوقة وبعضها صادمة.
عطفا على روح العصر الحالي ،والمتميز بتنازع السيطرة النسقية والمادية للوسيلة ،مع فصل واضح بين البث والعرض ،مع تصاعد مضطرد لاتصال المتلقي بالآلية المدمجة للمحتوى على حساب “الفرز” الحسي أو الذهني وحتى الجمالي،أسهمت فقرة الدكتور عمار رابح ،المعنونة بـ: “نحو فنيات تحرير إلكترونية جديدة” ،في “توضيع” وتوضيح المنظومة الإعلامية لصحافة الانترنت ككل ،من خلال استعراض “ايستوغرافيي” لهذا التداخل الوظيفي بين الوعاء التقني الحديث من جهة ،والمهنة الصحفية “المحترفة” من جهة أخرى،وعلى نحو غزير ومتشعب عمد الباحث إلى تحليل الوظيفة الجديدة للصحافة وظروف ممارستها وفق التحديات التكنولوجية المتسارعة خلال العقدين الأخيرين .
من ناحية أخرى توجه بنا الدكتور محمد برقان بمساهمته المعنونة بـ: “قراءة في مفهوم الحجاج ، مقارباته وآلياته الاتصالية” ،إلى منتهج آخر تماما في البحث الإعلامي ،يتمثل في امتدادات المكونات التعبيرية للنص الصحفي ذات العلاقة بالمحاججة و الاقناع،وهي من أبرز مقاربات البحث في التحليل الأدبي والنصي التي تطورت و تدعمت بجهود علماء النظرية النسقية وفلسفة التعبير وحتى اللسانيات،كما أفضت تقاطعاتها إلى تشكيل وحدة منهجية خالصة في علوم الإعلام والصحافة ،وكان من نتائجها بحوث ممتازة ،عملت على استكشاف جوانب خفية في العلاقات الداخلية والخارجية التي يقيمها النص الصحفي ،وآليات إنتاجه المتفردة بالنتيجة عن النص الأدبي أو السردي على وجه العموم.
أما عن المساهمة الأخيرة ،فتركزت في قيمة وجودية عليا سعى الباحث إلى تحليل مكوناتها بالنظر إلى أهميتها المطلقة عبر آليات الاتصال والتواصل الجديدة ،ألا وهي الحرية ،التي تولى الدكتور إبراهيم بعزيز في مساهمته المعنونة بـ:” مواقع التواصل الاجتماعي كآلية لحرية التعبير”، التعرض لاستعمالاتها و مدلولاتها المتعددة ،حيال منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها.
ومضى سعي الباحث نحو مسائلة مفهوم الحرية ضمن الفضاءات الاتصالية الإعلامية الجديدة ،مع مدى تعامله وتفاعله مع المعايير الإنسانية والقانونية والمهنية العامة،ثم ما طبيعة ما تكرسه المواد الالكترونية داخل هذه الشبكات ،هل هو الاتصال أم التواصل الداعم لحرية الفرد في الطرح والمناقشة والتحاور دعما لهذه القيمة المثالية بالأساس؟…
ضمن كل هذه الحدود المعرفية وغيرها في سيرورة التراث العلمي والبحثي (في التجارب الغربية وغير الغربية)،جاءت الجهود البحثية في هذا الكتاب الجماعي لتعمل على محاصرة أكبر للمتغيرات والمفاهيم والمؤثرات المكونة لنظام العلاقات بين وسائل الاتصال الجماهيري، والمجتمع الذي تخاطبه أو تنتشر فيه.