تفصيل
- الصفحات : 68 صفحة،
- سنة الطباعة : 2023،
- الغلاف : غلاف مقوى ،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-615-4.
عندما نتحدث عن الأستاذ الفضيل بن حسنين الورتلاني، فإنّنا نستحضر قول الشاعر محمد العيد آل خليفة: (إنّ الجزائر لم تزل في نسلها…أُمًا ولودًا خصبة الأرحام )، فهو شخصية علمية ذائعة الصيت، وشخصية قيادية من الدّرجة الأولى في مجال العمل السياسي والدعوة الإسلامية في العصر الحديث، حقيقةٌ يعلمها كلّ باحث في تاريخه، فنضاله السياسي داخل وخارج وطنه ينبض بمكانته الرفيعة في الوطن العربي، ومع ذلك أدركته عزلة مقصودة لكونه إسلامي النّزعة، فلم تشفع له تضحيته بحياته وأسرته، وتشرده من أجل بلده الذي نافح عنه في مقالاته الكثيرة التي هاجم فيها سياسية المستعمر الفرنسي.
ما يميز المجاهد الفضيل الورتلاني عن بقية أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كونه صاحب أفق سياسي واسع، ورؤية قومية تخطّت حدود وطنه، فلا يقارن في نشاطه إلّا بجمال الدّين الأفغاني ومحمد عبده ومحمد عبد الكريم الخطابي، هاته القامات العلمية التي دافعت عن قضايا البلاد الإسلامية، فكان عطاؤها يثمر حيث حلّت.
قيمة المجاهد الكبير الفضيل الورتلاني الفذّة، وتجربته في المشرق العربي النادرة، عرفها من خالطه في هذه المرحلة التي شهد فيها العالم الإسلامي انبعاثا سياسيا وتحوّلات كبيرة للخلاص من الاستعمار، وحسب شهادة العارفين بجهاده، فإنّه كان ثورة على الاستعمار والاستبداد والفساد
إن المرحوم الفضيل الورتلاني يعتبر بحق من رواد النهضة الفكرية في العصر الحديث فعظمته تتجلى في أنه صاحب رسالة آمن بها وضحى من أجلها منذ نعومة أظافره بكل غال ونفيس فقد هيأته الظروف وتكوينه الثقافي المتين لكي يتحدى الصعاب والعراقيل، وظل كالطود الشامخ لا يهاب الأعاصير ولا النكبات ولا الدسائس والمؤامرات التي تكاد له من طرف الاستعمار وأذنابه، فعاش مجاهدا بالقلم واللسان وناضل طوال حياته بدون ملل أو توقف .
لقد كان الفضيل الورتلاني أول رجل أخرج الجزائر من محيط النسيان والتجاهل إلى عالم الظهور والبروز في العالم العربي الإسلامي، هذا الرجل الذي لم يقتصر على القول وهو الذي لا يؤمن إلا بالواقع بل كان يتبع القول بالعمل الإيجابي مجندا كل الإمكانات ومواهبه في إيجاد منظمات وهيئات آلت على نفسها أن تعضد الجزائر في كفاحها المرير إلى جانب مناصرته لكفاح أقطار المغرب العربي بالإضافة إلى ما كان يكتبه بقلمه حول كبريات الأحداث التي تجري في هذه الأقطار وقد كان على صلات قوية بكثير من أعلام الإصلاح الإسلامي في المشرق والمغرب والساسة والوطنيين الأحرار هدفه من وراء ذلك توثيق عرى الأخوة بين أبناء الوطن العربي والإسلامي وربط الجزائريين بتيارات الفكر العربي المعاصر بعد أن ظلت الأبواب موصدة في وجوههم منذ ابتلائهم بالاستعمار، إن هذا الرجل الذي نذر حياته كلها منذ نعومة أظافره وسخر نفسه لخدمة قضية وطنية دفاعا عن مبادئه المقدسة وحفاظا على ذوبان شخصيته الغالية .
ـ إن هذا الرجل لا جدال بأنه أهل لأن تكتب عنه مؤلفات تغوص في عمق تاريخ هذا الرجل وتبين لنا بوضوح مدى عظمة ما قدمه الورتلاني في خدمة القضية الجزائرية والمغرب العربي والإسلامي وما أريد أن أتحدث عنه هنا في هذا الموضوع الذي لا يفي بمقام الرجل ـ هو فترة اندلاع حرب التحرير الجزائرية، وهل ساهم الورتلاني في الثورة خلال مدة أربع سنوات عاشها أثناء الثورة ؟ وإن كان هناك عمل يستحق الذكر ففي ما يتمثل ؟ وإن لم يكن هناك عمل فما هو السبب الذي جعل رجلا في عظمة الورتلاني لا يساهم في الثورة ؟ أم أن هناك أطراف أخرى كان لا يرضيها أن يكون الفضيل الورتلاني في خدمة الثورة وفي قيادتها بالخارج بالقاهرة أين كان يوجد الفضيل الورتلاني لخدمة القضية الجزائرية لما له من ثقافة واسعة وعلاقات كثيرة وحنكة وتجربة .
ـ غير أن البحث في هذا الموضوع فيه نوع من المخاطرة لأنه يكتنفه كثير من الغموض ولأنه متشابك الأطراف فيما يخص علاقة الفضيل الورتلاني بكثير من الزعماء وتيارات إسلامية ووطنية مثل جماعة الإخوان المسلمين، وجماعة الشبان المسلمين، وجماعة عباد الرحمان بلبنان وحركة الانقلاب باليمن التي كان مشاركا فيها وكذا علاقته بجمال عبد الناصر وبالطلبة الجزائريين المتواجدين بمصر وبقيادة وفد جبهة التحرير بالقاهرة .إننا هنا نكتفي بتقديم جملة من الحقائق والتساؤلات لتكون مفاتيح لبحث معمق من أجل إستقصاء الحقائق ومن أجل إعادة الإعتبار لمثل هاته الشخصيات التي طمست في تاريخ الجزائر والعمل على إنصافها وإبراز ما لها وما عليها علما أنه توجد هناك مذكرات من إنجاز بعض الطلبة كمذكرات تخرج وبعض الكتب ككتاب الدكتور عويمر وكلها تحتاج إلى إعادة جمع وتمحيص ومقابلة وإخراج منها كتاب شامل وافي يجيب على الكثير من التساؤلات حول تاريخ هاته الشخصية الفذة .