تفصيل
- الصفحات : 195 صفحة،
- سنة الطباعة : 2023،
- الغلاف : غلاف مقوى ،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-524-9.
لا يتفق الكثيرون في العالم العربي على فهم ماهية السينما، ففكرة معنى السينما ومغزاها والهدف منها مازالت على الصعيد العام في ثقافة المجتمع أمرا غامضا وملتبسا، على الرغم من وجود العديد من المعاهد الأكاديمية التي تقوم بتدريس السينما، سواء كمنهج دراسي أساسي أو حتى فرعي.
ويرى بعض المتخصصين أن السينما فن أدنى عن غيره من الفنون كالمسرح والفن التشكيلي مثلا، بوصف الفيلم يعتمد، حسبهم، على المشاعر المباشرة أو على توليد شحنة عاطفية من خلال الدراما التي يعرضها والتي تدفع المشاهدين للنظر من زاوية محددة، خلافا للمسرح الذي يرون أنه يتيح الفرصة للتأمل. في حين يعتقد البعض الآخر أنه لا يمكن اعتبار السينما فنا قائما بذاته لاعتمادها على غيرها من الفنون واقتباسها المستمر من المسرح والأدب، وعلى الرسم والتصميم الفني والرقص والموسيقى والعمارة.
كما أن هناك من يتعالى على السينما أيضا باعتبار الفيلم يقوم على الترويج أو الدعاية الصحفية والإعلامية عموما، وليس على النقد بمعناه العلمي الراسخ. وتختلف فئة أخرى مع هذا الطرح حيث ترى أنه يتجاهل وجود نوع آخر من النقد المتعمق الرصين الذي يتعامل مع النص السينمائي كصور وعلاقات بصرية ودرامية، ولكن الصحف هي التي تميل عادة إلى الابتعاد عنه لكيلا تخسر الإعلانات التي قد تأتيها من وراء الكتابة عن الأفلام التجارية السائدة. (أمير العمري، موقع الجزيرة نت)
وتتناول هذه التظاهرة العلمية موضوع “فهم دراسات الأفلام” للبحث في جوهر السينما، ويحدث أن يلتقي عنوانها مع كتاب لوارن بكلاند Warren Buckland الموسوم ب”فهم دراسات الأفلام؛ من هيتشكوك إلى تارنتينو” الذي يقول فيه أن: “نقطة الانطلاق في دراسة الأفلام (بالمقارنة مع مجرد مشاهدتها) هي المضي إلى ما وراء “أعجبني/ لم يعجبني”. وإحدى الطرق هي تبطئة الفيلم لرؤية كيفية صنعه (…) ومعظم الأفلام ليست أفعالا تلقائية تصنع على الفور بكل بساطة. بدلا من ذلك، يتم التخطيط المسبق للأفلام التجارية قبل شهور (وأحيانا سنوات) من قبل جيش كامل من الحرفيين المهرة: منتجون وكتاب سيناريو ومخرجون ومصورون سينيمائيون وعاملون في المونتاج ومهندسو صوت وموسيقيون وفنيو إضاءة والقائمون بتزويد الطعام، وينبغي ألا ننسى الممثلين. وأعمال صُنعت بهذه البراعة العالية تستحق نظرة أقرب”. (وارن بكلاند، 2012، ص9، 10)
لكن ماذا بوسع هذه “النظرة الأقرب” أن تحقق، على ماذا ستفصح، عن الرسائل المتضمنة في فيلم ما، وماذا في ذلك، ما هي الجدوى من الوقوف على المعاني الكامنة لهذا الفيلم أو ذاك؟ لاسيما وأن مشاهدي نمط معين من الأفلام لابد وأن لهم الوعي الذي يؤهلهم لفهمها وإلا ما كانوا أصلا ليكونوا من المعجبين بها.
في السياق نفسه، نجد جيمس موناكو James Monacoيتساءل في مقدمة كتابه “كيف تقرأ فيلما؟”: “هل من حقنا أن نتعلم كيف نقرأ فيلما؟” من الواضح أن أي إنسان لديه الحد الأدنى من الذكاء، وعمره أكثر من عامين، يستطيع بشكل أو بآخر أن يفهم المضمون الأساسي لفيلم (…) دون الحاجة إلى أي تدريب خاص” (جيمس موناكو، 2016، ص19). ويجيب عن سؤاله بقوله: “ولكن لأن الوسائط تُحاكي الواقع بقدر كبير، فإننا نشعر بها بحواسنا على نحو أسهل كثيرا من إدراكنا وفهمنا إياها. قد غيرت السينما والوسائط الإلكترونية بشكل جذري الطريقة التي ندرك بها العالم -وندرك أنفسنا- خلال القرن الماضي، لكننا مع ذلك نقبل بشكل طبيعي تماما الكم الهائل من المعوماتالتي تعطيها لنا بجرعات كبيرة، دون أن نتساءل عن الطريقة التي تخبرنا بها ما تخبرنا به”. (جيمس موناكو، 2016، ص19)
وجاءت هذه التظاهرة العلمية للبحث في هذه الطريقة (المنهج والنظرية) وتزيد عليها بمحاولة الإجابة عن التساؤلات التالية:
ما هو جوهر السينما؟ ولماذا ندرس الأفلام؟ وما هي حدود وأبعاد الدراسات الفيلمية؟ وماذا تقول هذه الدراسات عن العلاقة القائمة بين الفيلم والواقع، وبين الفيلم والتكنولوجيا اليوم؟ وماذا تقول أيضا عن علاقة الأفلام بالمشاهدين من الأفراد وبالمجتمع كليا؟ وأية نظريات ومناهج أو أدوات هي الأنجع للوصول إلى نتائج أفضل فيما يتعلق بكل ذلك؟
ويورد هذا الكتاب بعضا من الأعمال المشاركة في الملتقى الوطني “فهم دراسات الأفلام؛ الحدود والأبعاد” التي سعت للإجابة عن التساؤلات السابقة، فلا يتضمن سوى المداخلات التي سمح أصحابها بنشرها، مرسلين إلى إدارة الملتقى إذنا نهائيا بذلك. حيث يُستهل فهرسه بمداخلةالطيب بودربالةالموسومة ب “حوار الرواية والسينما” التي يحاول فيها دراسة التحولات الكبرى التي عرفتها الرواية في ترحالها نحو الإبداع السينمائي وأيضا كيفية تأثير السينما في الجنس الروائي شكلا ومضمونا وتبيان إشكالية كتابة السيناريو وآفاق الرواية الرقمية وما يتصل بها من تفاعلات ثرية مع الثقافة السمعية البصرية وحضارة الصورة عموما، وتقدممنال كبور دراسة بعنوان ” جدوى دراسات الأفلام؛ من الشكل الدال إلى الفئة الدالة ” للبحث في أسباب عدم جلاء جدوى دراسات الأفلام واقتراح أسلوب لتحليل عينات فيلمية كبيرة الحجم تساعد في ربط العلمي بالمجتمعي، تليها دراسة هشام عبادةالمعنونة ب “جماليات السرد في بنية الفيلم السينمائي؛ مقاربة سيميولوجية” التي يعالج فيها تتالي الصور في الخطاب الفيلمي ضمن مسار الحكي وجماليات السرد البصري، مُظهرا أهمية الوظيفة الجمالية للفيلم التي تتشكل من خلال أسلوب السرد وطريقته لدى السارد، وتضع دراسة توفيق ذباح ونفيسة نايلي التحليل السيميولوجي للفيلم السينمائي تحت مجهر البحث في محاولة لفهم ما إذا كان منهجا أم مقاربة؛ حيث يضعان لها عنوانا موسوما ب “التحليل السيميولوجي للفيلم؛ منهج أم مقاربة؟”، أماسوهيلة بضياف وآسيا بريغتفتحللان عينة فيلمية للكشف عن أهم الدلالات التي تحملها فيما يخص الأيديولوجيا والمرأة والثقافة، وكيف يجري التعبير عن هذه المواضيع من خلال البناء الفيلمي (النص، الصورة، الصوت) في دراستهما المعنونة ب”المرأة، الأيديولوجيا والثقافة في أفلام آسيا جبار”. يلي ذلك دراسة لامية طالةوُسمت ب“السينما الوثائقية: متعة التاريخ المرئي” تتحدث فيها عن علاقة التداخل بين السينما والتاريخ وأهمية الفيلم الوثائقي التاريخي وجماليات التأريخ المرئي للأحداث. وتتوقف خولة بحريورمزي جاب اللهعند خاصية رصد الواقع وتوثيقه بالصوت والصورة في السينما الوثائقية ودور ذلك في الحفاظ على الذاكرة الاجتماعية؛ في مداخلتهما الموسومة ب”دور الأفلام الوثائقية في الحفاظ على الذاكرة الاجتماعية؛ دراسة تحليلية لفيلم معركة الجزائر”. ليختتم الكتاب بدراسةسمية بن زكة ونزهة حنون في تأثير الإيجابي لسينما الموبايل على الشباب وإشراكها إياهم في الإنتاج السينمائي، جاءت بعنوان”سينما الموبايل: مستقبل الشباب الهواة في البيئة الرقمية الجديدة”.
في الأخير؛ لا يسعنا إلا أن نتقدم بوافر الشكر لأعضاء اللجان العلمية والتنظيمية والتقنية على ما بذلوه من جهد في إخراج هذا الملتقى الوطني إلى النور والسهر على نجاح فعالياته.