يعتبر علم الدلالة من بين أهم فروع اللسانيات النظرية ، كونه يبحث في أهم جانب من جوانب اللغة البشرية ، و هو جانب المعنى و التصورات الحادثة عن السلوك اللغوي ، و ما يرتبط بذلك من قضايا شتى بدأت تعرف أهمية بالغة منذ تأسيس الدرس اللساني الحديث في بداية القرن العشرين على يد فرديناند دي سوسير .

و لقد كان لمباحث الدلالة اللغوية نصيب وافر من النقاش و التنظير منذ عهود طويلة ترجع إلى غاية عهود الفلسفة القديمة اليونانية عند الغرب ، و القرن الثاني الهجري عند العرب مع بداية حركة التأليف المعجمي ، ثم تطورت في كنف علوم عديدة كالفلسفة و الفكر و الآداب ، حتى ترسمت كعلم لساني محض ، و حصل الوعي بأهميته في القرن العشرين .

و هو كما نلاحظ الآن و نشهد ، أحد المقاييس المهمة التي تدرس لطلابنا في الجامعة ، ضمن المواد اللغوية التي تكتمل بها المعرفة اللغوية ، و تنجز فيها مختلف البحوث العلمية عند الطلبة و الباحثين و الأساتذة على السواء .

و في نفس المناسبة نلاحظ قلة المراجع التي تعين طلبتنا الأعزاء على الاطلاع في مختلف هذه المقاييس ، خصوصا و ان الموجود منها لا يخرج عن كونه مترجما بلغة تقترب من الجدل الفلسفي أو التعقيد المصطلحي ، أو كونه مفصلا يتيه بالطالب في مسائل لا نخال أنفسنا مغالطين إذا قلنا أنها تتجاوزه على الأقل في مرحلة التحصيل

و لذلك فإننا نقدم هذا الكتاب كمعين على فهم علم الدلالة و أهم مباحثه القاعدية ، قصد التسهيل و التبسيط على القراء ، و كمرجع يحيلهم على بحوث أخرى أكثر تعمقا و تخصصا ، و هي محاضرات جمعتها سابقا ثم صففتها و أقدمها للطلبة الجامعيين  أملا في أن يكون من زملاءنا الكرام منجزات تثري المكتبــــــــــــــــــــة اللغوية في الجزائر ، و نأمل أن تكون فيه الفائدة للجميع ، و الله من وراء القصد و هو يهدي السبيل