تمهيد:

منذ انفصال الملكية عن التسيير بالمؤسسات الاقتصادية بدأت تظهر مشاكل الوكالة من خلال تعارض المصالح بين الملاك والمسير، حيث يسعى كل طرف لتحقيق مصلحته الخاصة، وفي هذا الصدد يحاول الملاك معالجة هذا التعارض بمنح حوافز مناسبة للمسير وطاقمه الإداري، وتصميم مجموعة من آليات الرقابة علي أداء الإدارة، أو ما عرف بآليات حوكمة الشركات، ومن بين هذه الآليات نجد التدقيق الخارجي الذي يسعى لإضفاء الثقة والشرعية على القوائم المالية، والتأكد من أن الإدارة تسعى إلي تعظيم ثروة المؤسسة واستمرارها.

انطلاقا من الدور الإيجابي الذي تلعبه حوكمة الشركات كنظام فعال للتسيير والرقابة على المؤسسة، فإنه أصبح لزاما على المؤسسات خاصة الجزائرية تهيئة البيئة الخاصة بها للتكيف مع هذا النمط الرقابي بتطبيق مختلف أساليب الرقابة على نشاط المؤسسة.

من أهم العوامل المؤدية إلي زيادة فعالية نظام حوكمة المؤسسات أساليب محاسبة التسيير، حيث تعتبر هذه الأخيرة أحد أساليب الرقابة على المؤسسة، تسمح بتتبع حركة التكاليف ومنع ارتفاعها[1]، كما أن الاعتماد على مخرجات أساليب محاسبة التسيير في اتخاذ القرارات يحقق الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة للمؤسسة ويعظم من قيمة المؤسسة بما يخدم أصحاب المصالح، وبالتالي تحسين مستوى الحوكمة.

الملاحظ على المؤسسات الجزائرية خلال العقدين الأخيرين أنها شهدت منافسة شديدة نتيجة التوجه نحو اقتصاد السوق، مـا أدى إلى تراجع حصتها السوقية بسبب ارتفاع التكاليف الناتج عن غياب تطبيق أساليب محاسبة التسيير، لما تمتاز به هذه الأخيرة من قدرتها على الموازنة بين خفض التكلفة من جهة والحفاظ على جودة المنتج من جهة أخرى، هذا ما يعني عدم التزام المؤسسة بمبادئ الحوكمة والذي أدي إلى عدم رضا أصحاب المصالح.

وفي هذا الصدد فإن أهمية هذه الدراسة تمكن في محاولة البحث عن سبل تفعيل حوكمة الشركات الجزائرية من خلال بحث سبل تطبيق أساليب محاسبة التسيير، وأثر ذلك في دعم وتفعيل الرقابة الداخلية.

[1]محمد شحاتة خطاب، التكامل بين أدوات إدارة التكلفة وحوكمة الشركات، إطار مقترح: دراسة نظرية وميدانية، ورقة بحثية مقدمة إلى الندوة الثانية عشر لسبل تطوير المحاسبة في المملكة، بعنوان مهنة المحاسبة في المملكة العربية السعودية وتحديات القرن الحادي والعشرين، جامعة الملك خالد، الرياض18-19 مايو2010.