تفصيل
- الصفحات : 122 صفحة،
- سنة الطباعة : 2025،
- الغلاف : مقوى،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- الأبعاد : 24*17،
- ردمك : 978-9969-06-042-3.
نشأت الصحافة الاستقصائية كنتيجة لحاجة المجتمعات إلى الكشف عن الفساد والظلم والتجاوزات، وتطورت عبر التاريخ لتصبح جزءاً أساسياً من الصحافة الحديثة. وفي القرن العشرين شهدت الصحافة الاستقصائية نمواً كبيراً بفضل التكنولوجيا والرغبة في كشف الفساد والممارسات غير الأخلاقية. وهي تعتمد على البحث العميق وجمع الأدلة والوثائق لكشف القضايا الهامة التي تؤثر على المجتمعات والحكومات. كما تعتبر الصحافة الاستقصائية فرع من الصحافة يهدف إلى كشف الفساد، والتجاوزات، والممارسات غير الأخلاقية في المؤسسات العامة والخاصة. وتتميز هذا النوع من الصحافة بالتركيز على البحث العميق وجمع الأدلة والوثائق من أجل إلقاء الضوء على قضايا هامة قد تكون مخفية عن الرأي العام. كما تطورت الصحافة الاستقصائية نتيجة للحاجة المتزايدة للشفافية والحكم الصالح في المجتمعات، حيث تعمل على استخدام مختلف الأساليب والتقنيات للوصول إلى المعلومات التي قد تكون محظورة أو صعبة الوصول، ويمكن أن تتضمن هذه الأساليب التحقيق الميداني المكثف، واستخدام مصادر سرية، وتحليل البيانات الكبيرة، وغيرها من الوسائل الفعالة لجمع الأدلة.
في حين يجسد التحقيق الاستقصائي الصحفي بشكل عملي وواقعي دور السلطة الرابعة الرقابية التي تمارسها وسائل الإعلام في رصد الانتهاكات والخروقات التي تحصل في شتى المجالات عبر انتهاج طرق للبحث والتقصي عن الحقيقة فيها عن طريق تحقيقات تتنوع بين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية وقضايا حقوق الإنسان في مختلف أنحاء الوطن العربي والعالم، عن طريق أدلة ووثائق وحقائق وبيانات ومصادر معلومات متنوعة، والتي شرعت معظم الصحف العمل بها وتوظيفها في الكشف عن الحقائق والمعلومات المظللة أو الخفية، من خلال استخدام أسلوب التصوير السري وغيرها من الأساليب التي يختلف فيها الكثير حول مشروعية استخدامها وتعارضها مع أخلاقيات العمل الصحفي والصحافة الاستقصائية، وعلى هذا الأساس أصبح للتحقيقات الصحفية الاستقصائية دوراً مهماً في فتح ملفات شابها الغموض والكتمان تعمل هذه القنوات على كشفها للجمهور.
وعلى هذا الأساس تلعب الصحافة الاستقصائية دوراً حيوياً في دعم الديمقراطية ومكافحة الفساد، حيث تساهم في تعزيز الشفافية والمساءلة، وتحفيز التغييرات الاجتماعية والسياسية الإيجابية. ومع تقدم التكنولوجيا والتواصل، أصبح بإمكان الصحفيين الاستقصائيين الوصول إلى معلومات أكثر بسهولة وفعالية، مما يعزز دورهم في تشكيل الرأي العام وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ويتجسد هذا الدور الرقابي بضوابطه المعيارية في نموذج الصحافة الاستقصائية التي تتسع دوائرها في الإعلام التقليدي، بل يتعاظم الاهتمام بها أيضا في شبكات التواصل الاجتماعي التي أصبحت منصات للأخبار جَاعِلَة وسائل الإعلام أكثر تفاعلية وثراء معلوماتيا؛ إذ عززت العمل الاستقصائي عبر الحصول على المعلومات والوصول إلى جمهور واسع.
إذ يعتبر بعض الصحفيين أن كل صحافة استقصاء، وإن كان الأمر صحيح نسبيا على اعتبار أن المراسلين الصحفيين يوظفون أساليب استقصائية سواء في تغطيتهم للأخبار أو في إنجاز قصص صحفية معمقة، غير أنه لا يمكن اختزال الصحافة الاستقصائية ههنا فقط لأنها أوسع وأشمل من هذا التحديد الضيق ، فهي تقوم على منهجية متينة دقيقة، اعتماد كثيف على المصادر الأصلية ، على وضع فرضية واختبارها، وعلى استخدام نظام محكم للتحقق ، كما تتطلب مراسا و إتقانا قد يمتد لسنوات طوال ، ولا أدل على ذلك من التقارير الاستقصائية التي افتكت جوائز بالنظر إلى عمق الاستقصاء البحثي والصحفي في تناولها لمختلف قضايا الفساد و غيرها.
من جهة أخرى، يشير الباحثين إلى الدور المركزي للصحافة الاستقصائية في ابتكار أساليب عمل جديدة، كما حدث في التسعينيات مع استخدام الحواسيب في تحليل البيانات وعرضها. “صحافة التحقيقات مهمة لأنها تقودنا إلى وسائل وطرق جديدة في عمل الأشياء”، وفق ملاحظة برانتهيوستون، أستاذ الصحافة في جامعة إلينويز بعد سنوات في إدارة فرق من صحافي ومحرري التحقيقات مضيفا: “هذه الأساليب والتقنيات المهنية سرعان ما تنتقل إلى العمل الصحفي اليومي، وبذلك ترفع من سوية الأداء في المهنة كلها”.