تفصيل
- الصفحات : 439 صفحة،
- سنة الطباعة : 2022،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-285-9.
يعد موضوع الأولياء والكرامات من المواضيع المتجذرة في العالم العربي والإسلامي بشكل عام، والجزائر بشكل خاص وتعد هاته الدراسة التي سميناها معجم الاولياء والكرامات في الجزائر من بين الدراسات الأنثروبولوجية المسحية لظاهرة إنسانية، ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ تحمل العديد من الأبعاد الدينية، الاجتماعية، الاقتصادية، النفسية، وكذا السلطة والثورة وكل ما تحمله كلمة ولي أو كرامة بالمفهوم الواسع والشامل، وكذا بكونها دراسة رائدة نسعى من خلالها الى جمع وتوثيق التوزيع الجغرافي للأولياء وكرامتهم في الأنحاء المختلفة للجزائر شمالا، جنوبا، شرقا، وغربا من جهة، ومن جهة أخرى تسليط الضوء على الوظائف التي تؤديها هاته الفئة المسماة بالأولياء وللإجابة عن بعض التساؤلات التي حيرت الساحة العلمية والفكرية في ميدان السوسيولوجيا والإنسانيات، ومن بينها توضيح حقيقة الإقبال على الأولياء من قبل مختلف الشرائح الاجتماعية ولجميع الأطياف التي يتصورها العقل البشري، فهل هذا السلوك يعد بمثابة تلبية لجملة من الحاجات الضرورية لأفراد المجتمع؟
وعليه فقد جاء هذا العمل كي نقدم من خلاله معطيات دقيقة حول التوزيع الجغرافي للأولياء وأصحاب الكرامات والخوارق، ومحاولة جمع ما يمكن جمعه من البيانات والمعطيات الإثنوغرافية، وكذا المواد العلمية التي يمكن أن تشكل لبنة لدراسة هذا الموضوع مستقبلا من ناحية، ومن ناحية أخرى تحليل وتفسير المخيال الاجتماعي، الثقافي، الديني الذي يسيطر على الذهنية الجزائرية بمختلف توجهاتها ومشاربها الفكرية. وبعد البحث والتنقيب بين صفحات الكتب والمرجعيات العلمية، شد انتباهنا ان الكثير من الرحالة والكتاب الغربيين اهتموا بمواضيع الأولياء والكرامات في الجزائر، خصوصا في الفترة التي شهدت ازدهار هاته الظاهرة وهي الفترة العثمانية، ومن بينهم دونوفو(de Neveux) ديسبارميه (Désparmet) ولويس تريملي (Louis Trumelet) هذا الأخير الذي كتب كتابين هامين حول الأولياء والكرامات في البليدة وبوفاريك، وهي كتابات جادة وهامة على الرغم من ما فيها من نقائص وتشويه للحقائق وتزييفها، تزييفا يضر بصورة المجتمع الجزائري الذي تم وصفه بأبشع الأوصاف وأقبح النعوت، وهذا من منطلق نزعة اثنومركزية أساسها الاستعلاء، علما أن المجتمعات الأوروبية التي تفوقت اليوم تكنولوجيا وعلميا كانت ولازالت مجتمعات تقدس الأولياء، منذ فجر التاريخ إلى اليوم ودليل ذلك إطلاق تسمية saint على مختلف الأماكن المقدسة لديهم مثل الكنائس والتي تعني كلمة القديس ومقابلها في المجتمعات العربية والإسلامية الولي.
كما يمكن من خلال هاته الدراسة محاولة التأسيس للسوسيولوجيا الدينية أو الأنثروبولوجيا الدينية الجزائرية. وتجدر الاشارة أن هذا العمل جاء لسد الفراغ الحاصل في مجال الإناسة الدينية في بلادنا وكذا نقص الدراسات المتخصصة في شتى المجالات حول هذا الموضوع وعدم توفر مرجعية خاصة به، وهو الملاحظ من خلال نقص الدراسات والمعاجم الخاصة بالأولياء.
تضمن هذا العمل ثلاثة فصول كانت مقسمة كما يلي، الفصل الأول مدخل إلى الزوايا والتصوف عالجنا من خلاله المفاهيم الخاصة بموضوع الولي، الزاوية، التصوف، الكرامة، القبة، الضريح، أنواع الأولياء ومميزاتهم، أهم الزوايا في الجزائر وكذا أهم الطرق المنتشرة في ربوع الوطن.
الفصل الثاني كان موسوما بعنوان ظاهرة الولي في المخيال الشعبي تضمن هذا الجزء مفهوم المخيال والمخيال الشعبي، وظائف المخيال العلاقة بين المخيال والتدين، ظاهرة النبوة لدى مختلف العلماء كونها الممهد لظاهرة الولاية، ظاهرة الولي في المتخيل الشعبي، المقدس والمدنس واتصالهما بالكرامة والولي، الولي في مختلف الديانات السماوية والوضعية، الولي والكرامة في الإسلام والجزائر.
الفصل الثالث الذي تضمن الشق الميداني من العمل، وتم عنونته بالتوزيع الجغرافي للأولياء في الجزائر، حاولنا من خلاله القيام بعملية حصر شامل للأولياء وأصحاب الكرامات، على مستوى التراب الجزائري، سعيا منا إلى جمع مادة علمية موثوقة من خلال ما توفر من مصادر كتابية كالكتب والمخطوطات وأعمال المستشرقين، تاريخية بما اتى به علماء التاريخ في الجزائر عن هاته الظاهرة، شفوية بما تناقلته الألسن والأجيال وما تواتر من روايات يغلب عليها الطابع الأسطوري، وفي حدود إمكانياتنا التي تتيح في بعض الأحيان زيارة أماكن الأضرحة وقباب الأولياء وأصحاب الكرامات، أو نقل ما كتب عنهم أو تم روايته شفاهة كما ذكرنا آنفا، ولا يخفى على احد أننا لم نحط بجميع الأولياء جغرافيا وأهملنا بعضهم قهريا، من جهة ومن جهة أخرى وجدنا بعض المواد المجموعة عن الموضوع لا ترقى للتدوين، نظرا للتضارب الكبير فيما بينها، وإعادة تكرارها ونسبها إلى مناطق قريبة من بعضها البعض، وكذا التداخل الكبير بينها وبين الروايات الخاصة بالكرامات لبعض الأولياء… أما عن التصنيف فقد تضمن تقريبا جميع ولايات الوطن وكان مقسما إلى توزيع الأولياء في الشرق، الغرب، الوسط ثم الصحراء الجزائرية.
وعليه تأتي هذه الدراسة لتغطية هذا الفراغ الحاصل في المجال الديني كون الدين جزء لا يتجزأ من الهوية والخصوصية البشرية، وظاهرة الأولياء التي كان يعتقد أنها اندثرت لفترة من الزمن عادت بقوة، وانتشرت انتشارا ملفتا للانتباه في مختلف ربوع الوطن، وتتطلب من الباحثين الاهتمام بهذا الموضوع وتسليط الضوء على الظاهرة وتشخيصها ومعرفة حقيقتها ووظائفها، وقد حاولنا في هاته الدراسة الالتزام بمبدأ الحيادية ونقل المادة العلمية كما وجدناها دون تحريف حتى تشكل جهدا متميزا يمكن للباحثين الاعتماد عليه في تسليط الضوء على ظاهرة الكرامات والأولياء.