إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

﴿ $pkš‰r’¯»tƒ tûïÏ%©!$# (#qãYtB#uä (#qà)®?$# ©!$# ¨,ym ¾ÏmÏ?$s)è? Ÿwur ¨ûèòqèÿsC žwÎ) NçFRr&ur tbqßJÎ=ó¡•B ÇÊÉËÈ ﴾ سورة آل عمران:102) .

﴿ $pkš‰r’¯»tƒ â¨$¨Z9$# (#qà)®?$# ãNä3­/u‘ “Ï%©!$# /ä3s)n=s{ `ÏiB <§øÿ¯R ;oy‰Ïnºur t,n=yzur $pk÷]ÏB $ygy_÷ry— £]t/ur $uKåk÷]ÏB Zw%y`͑ #ZŽÏWx. [ä!$|¡ÎSur 4 (#qà)¨?$#ur ©!$# “Ï%©!$# tbqä9uä!$|¡s? ¾ÏmÎ/ tP%tnö‘F{$#ur 4 ¨bÎ) ©!$# tb%x. öNä3ø‹n=tæ $Y6ŠÏ%u‘ ﴾ سورة النساء: 1 ) .

﴿ $pkš‰r’¯»tƒ tûïÏ%©!$# (#qãZtB#uä (#qà)®?$# ©!$# (#qä9qè%ur Zwöqs% #Y‰ƒÏ‰y™ ÇÐÉÈ ôxÎ=óÁムöNä3s9 ö/ä3n=»yJôãr& öÏÿøótƒur öNä3s9 öNä3t/qçRèŒ 3 `tBur ÆìÏÜム©!$# ¼ã&s!qߙu‘ur ô‰s)sù y—$sù #·—öqsù $¸JŠÏàtã ÇÐÊÈ ﴾ سورة الأحزاب:70-71 ).

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

ثم أما بعد :                          

القرآن الكريم هو دستور الأمة الإسلامية كلها، وهو المصدر الأول لهدايتها، وتوجيه الأمة إلى حياة أساسها العدل والخير .

ولا شك أن أعرف الناس بالله تعالى أعرفهم بمضامين كلامه، وأهل المعرفة بالله- سبحانه وتعالى- هم أهل القرآن، وهم أهل لمحبة الله تعالى والتقرب إليه، والقرب منه بما فهموه من كلام الله– عز وجل- وأيقنته قلوبهم من الحق .

فقد جاء عن ابن مسعود- رضي الله عنه- أنه كان يقول: “ من كان يحب أن يعلم أنه يحب الله- عز وجل- فليعرض نفسه على القرآن، فإنما القرآن كلام الله تعالى، فمن أحب القرآن فهو يحب الله- عز وجل- لا يسأل أحدكم عن نفسه إلا القرآن، فإن كان يحب القرآن ويعجبه فهو يحب الله سبحانه ورسوله، وإن كان يبغض القرآن فهو يبغض الله سبحانه ورسوله “ (2) .

وبهذا يتبين أن أهم شيء في حياة المسلم أن يعرض نفسه على شرع الله تعالى، ويجعل القرآن حكما على أقواله وأفعاله .

وأهل القرآن هم أهل المعرفة، وهم أولى الناس بالتسليم والرضا عنه .

يقول الفضيل ابن عياض- رحمه الله تعالى- “ أحق الناس بالرضا عن الله أهل المعرفة بالله- عز وجل “ (3) .

ويقول أبو بكر الحسين بن علي ابن يزدانيار- رحمه الله تعالى- لبيانه لمعنى هذه المعرفة “ المعرفة صحة العلم بالله- عز وجل- واليقين بالنظر بعين القلب إلى ما عند الله تعالى مما وعده وادَّخره… المعرفة تحقق القلب  بوحدانية الله “ (4) .

ويقول أبو الحسين محمد بن سعد الوراق النيسابوري- رحمه الله تعالى- “ أنفع العلم العلم بأمر الله تعالى ونهيه، ووعده ووعيده، وثوابه وعقابه، وأعلى العلوم العلم بالله وصفاته وأسمائه “ .

ولا شك أن كتاب الله- عز وجل- فيه جوامع هذه العلوم، وأن الوقوف على معانيه وفهم حكمته من الأعمال التي تنتهي إلى أرقى الفهوم، وأن كل علم متعلق به من حيث التوضيح والبيان، وكان مرجع ثمرته القرآن الكريم .

والملاحظ من سير الأولين- رضوان الله تبارك وتعالى عليهم- يرى أنهم جعلوا انطلاقهم في طريق معرفة الله- تبارك وتعالى- هو المعرفة بأصول الدين، فتعاملوا مع القرآن منهجا للحياة، منه العلم وإليه المحتكم في القول والعمل، وبه السمو وفيه الرقي .

يقول أبو عبد الرحمن السلمي- رحمه الله تعالى- “ إن أخذنا القرآن عن قوم كعثمان وعلي وابن مسعود- رضي الله عنهم أجمعين- أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخرى حتى يعلموا ما فيهن، فكنا نتعلم القرآن والعمل به، وإنه سيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم، بل لا يُجاوز هاهنا ورضع يده على حلقه “ .

فمن الإشراقات الربانية في تعامل الأمة مع القرآن، وسعي أهلها في أثره ومعايشة آثاره، والاستنارة بأنواره ما جاء في سيرة الإمام مجاهد بن جبر المفسر المقرئ- رحمه الله تعالى- أنه قرأ القرآن على ابن عباس- رضي الله عنهما- ثلاثين مرة وما صح عنه أنه قال: عرضتُ القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات، أقفه عند كل آية أسأله فيما نزلت؟ وكيف كانت “ (5) .

فالالتزام بكتاب الله تعالى والحث على التمسك به هو منهج السابقين من هذه الأمة.

يقول أبو الحسن علي بن هند- رحمه الله تعالى- “ المتمسك بكتاب الله- عز وجل- هو الملاحظ للحق على دوام الأوقات، والمتمسك بكتاب الله تعالى لا يخفي عليه شيء من أمور دينه ودنياه، بل يجري في أوقاته على المشاهدة لا على الغفلة، يأخذ الأشياء من معدنها ويضعها في معدنها… “ .

وقال: “ استرح مع الله ولا تسترح عن الله فإن من استراح مع الله نجا ومن استراح عنه هلك، والاستراحة مع الله شروح القلب بذكره، والاستراحة عن الله مداومة الغفلة“(6) .

فهكذا عاش السلف في تعاملهم مع القرآن الكريم وأصول شريعته، وحرصهم على التعلم ثم انطلاقهم نحو تطبيق ما تعلموه، وبذل الجهد في الأداء المتميز على بصيرة ليكون ذلك أصدق في حالهم وأنفع في واقعهم ومن حولهم .

قال أبو إسحاق إبراهيم بن شيبان القرميسيني لابنه إسحاق- رحمهما الله تعالى- “ يا بني تعلم العلم لآداب الظاهر، واستعمل الورع لآداب الباطن، وإياك أن يشغلك عن الله شاغل فقل من أرض عنه فأقبل عليه “ (7) .

والأمة الآن بحاجة إلى من يأخذ بيدها إلى الطريق الصحيح، طريق العلم والعمل والأخلاق، طريق الأمل والعمل المبني على اليقين بموعود الله- تبارك وتعالى- .

وعلماء الأمة المصلحون جاءت حياتهم في رحاب القرآن نعمة ترفع العمر، وتباركه وتزكيه، وتقوي الإيمان وتنميه، فعاشوا حياتهم في رحاب القرآن ينفخون في الأمة هذه الروح ويذكرونها بالقرآن الكريم، ومن علماء هذه الأمة ومصلحيها الشيخ العلامة أحمد حماني- رحمة الله عليه- تشف عن وجدان الشيخ بالقرآن، وتكشف الكثير من ملامح إيمانه الحي الوطيد .

أهمية الكتاب:

والكتاب الذي بين يديك أخي القارئ نظرات قرآنية صائبة تفيد المسلم في ملء القلوب إيمانا، وهداية للتي هي أقوم، إنه كلام الله ووحيه وتنزيله وسبيله لعز الدنيا وصفو الحياة وجميل العقبى، لا يستغني عنه أحد لما يحويه من لآلئ وذرر.

وعلى أثر الفهم الصحيح لكتاب الله تعالى والمنهج السليم في التعامل معه، جاءت هذه الرسالة من عالم من علماء هذه الأمة ألا وهو الشيخ أحمد حماني- رحمة الله عليه- لتذلل على هذا المعنى الصحيح لفهم كتاب الله- عز وجل- بفهم سلف هذه الأمة .

وقد جاءت هذه الرسالة على النحو التالي:

مقدمة لتوضيح الغرض من وضعها .

ثم ترجمة لحياة الشيخ أحمد حماني- رحمه الله تعالى- .

التذكير بالقرآن .

هدية القرآن .

السنة والقرآن.. الحديث القدسي .

من هدي القرآن وتربيته .

منهج القرآن في إثبات العقيدة الإسلامية .

موقف القرآن من المشكلات المتعلقة بالإنسان الوجود والمصير .

تفسير ابن باديس ومناهجه في التأويل .

إبراهيم بيوض وختمه للقرآن الكريم .

أسأل الله- تبارك وتعالى- أن يوفقنا جميعا للسداد، وأن يثبتنا على الصواب والرشاد، والحمد لله رب العالمين .

كتبه حامدا ومصليــــــا

أبو أسامة عمر خلفة

غفر الله له ولوالديه أجمعين

كتبت المقدمة بالجزائر العاصمة

صبيحة الخميس 10 جمادي الثانية 1438هـالموافق لـ 9 مارس 2017م.