تفصيل

  • الصفحات : 251 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2025،
  • الغلاف : مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • الأبعاد : 24*17،
  • ردمك : 978-9969-06-040-9.

تمهيد:

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمد الصادق الأمين، آتاه العلم والحكمة واليقين، أما بعد:

شهد العالم في السنوات الأخيرة العديد من التغيرات والاضطرابات، جعلت من المفاهيم، السياسات والاستراتيجيات تتغير وتأخذ مجرى جديد يتماشى مع المعطيات الجديدة، ومن بين أحد أهم هذه التغييرات هي النّظريات والممارسات التّنظيمية للمنظمات.

يقدم هذا العمل أبرز المفاهيم التّي تناولها مختلف الكُتّاب، الباحثين، والمهتمين بمنظمات الأعمال، ممثلة في المفاهيم الأساسية لنظريّة المنظّمة وأهدافها وأهميتها ودورها التّنموي، وتحليل مكونات ومداخل تصميمها، وأهم المبادئ التّي تقوم عليها، وبيئة المنظمة ومكوناتها وأنواعها وتطويرها وتقنيات البقاء، كذلك يحتوي العمل على النّماذج التّقليدية والحديثة في نظرية المنظمة كنظريات المدرسة الكلاسيكية، نظريات مدرسة العلاقات الإنسانية والمدرسة السّلوكية، إضافة للنظريات الحديثة في التّسيير وإدارة الأعمال والممارسات المتقدمة على مستوى منظمات الأعمال المواكبة للتطورات التّكنولوجية ومفاهيم العولمة.

يهدف العمل إلى تزويد القارئ بالمفاهيم الأساسية لنظرية المنظمة، معرفة أسباب دراسة المنظمات وعرض النّماذج التّقليدية والحديثة لنظرية المنظّمة ضمن تطور الفكر الاقتصادي، كذلك دراسة المنظمة داخليا وخارجيا والبيئة المحيطة ومكوناتها.

 وكلنا أمل أن الكتاب الذي بين أيديكم سيكون مفيدا، ومصدرا جديدا يثري المكتبة العربية ويعين الطلبة الباحثين.

المؤلفة                                                                                               

 

المقدمة:

احتلّت المنظّمات دورا مهمّا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فاهتم بدراستها الاقتصاديون والكُتاب بمختلف اتجاهاتهم، إذ تعد النّواة الأساسية للنشاط الاقتصادي، وتعبر عن العلاقات الاجتماعية ذلك لأن العمليات الإنتاجية يتم نشاطها ضمن مجموعة من العناصر البشرية المتفاعلة فيما بينها.

لقد كانت المنظمات موجودة منذ القدم بوجود الانسان، فالمنظّمة موجودة في كل أشكال حياتنا اليومية، فقد كانت في البداية في شكلها البسيط، أين كانت الملكية غير منفصلة عن التّسيير، لكن مع تطور الحاجات وازدياد الطّلب واشتداد المنافسة أصبح من الضروري الاستعانة بالمهارات والكفاءات البشرية، وهذا ما أدى إلى انفصال الملكية عن التّسيير، فأصبح هذا الأخير مجالا قائما بذاته، لكن تفويض السّلطة كمبدأ تقوم عليه هذه العلاقة يبقى نسبيا، حيث يخضع للرقابة وتنظيمات العقود.

مر الفكر الإداري بمحطات مختلفة من الآراء والاجتهادات والمدارس ولكل مدرسة نظرياتها وأفكارها  أملتها الظّروف الاقتصادية، الاجتماعية والبيئية، فمنذ نهاية القرن (19) وبداية القرن (20) ومع النّمو الاقتصادي والصّناعي الذي صاحب هذه الفترة وتزايد ظهور المنظّمات في العالم، حيث اجتهد عدة علماء وأساتذة بمختلف اختصاصاتهم وتوجهاتهم وثقافاتهم إلى التّفكير بجدية لتحسين عمل وأداء إدارة هذه المنظّمات في مختلف القطاعات، عن طريق دراسة هياكلها والأطر والوظائف والإنجازات، وكذا سلوكيات الجماعات والأفراد داخل المنظّمة، وعلى ضوء هذه الدّراسات توضع الفرضيات التّي تثبتها التّجارب قصد التّوصل إلى منهج علمي؛ متمثّل في مبادئ  قواعد تسير عليها المنظمة أو ما يسمى بالنّظرية أو الاتجاه الفكري، وهو ما أدى إلى وجود أكثر من نظرية في كل مدرسة من مدارس الفكر الإداري ابتداء من المدرسة الكلاسيكية التّي ركزت على عنصر العمل، وبعدها المدرسة السّلوكية التّي اهتمت بالعامل أكثر منه على العمل، ثم ظهرت عدة مدارس حديثة شهدها العالم في النّصف الثاني من القرن (20) حاولت تكميل نقائص وسلبيات نظريّات المدارس السّابقة.

تميزت النّظريات الكلاسيكية (التّقليدية) للمنظمة بتوكيدها على الجوانب الرّسمية في العلاقات التّنظيمية السّائدة في المنظمة، مثل: التّخصص، تقسيم العمل، السّلطة، نطاق الإشراف، وغيرها من الافتراضات الفكرية التّي أولتها اهتماما كبيرا لتفسير سعي المنظمة نحو تحقيق أهدافها.

أما النّظريات السّلوكية فقد اهتمت بالجوانب غير الرّسمية وأولت عناية خاصة للعنصر البشري، حيث أكّدت على ضرورة تكييف البنية التّنظيمية بما ينسجم ومتطلبات الفرد، وعلى الحوافز المعنوية، ودور جماعات العمل في المنظّمة في إطار الانفتاح على المؤثّرات البيئية.

إن انفتاح المنظمات وبالخصوص منظمات الأعمال على عناصر ومكونات البيئية الخارجية المحيطة فتح مسارا أوسع للنشاط والممارسات التسييرية، حيث أصبحت أكثر عرضة للمخاطر والمنافسة مما دفعها إلى الاهتمام والانفتاح على متطلبات بيئة الأعمال الجديدة ومواكبة نتاج التوجهات الحديثة للمنظمات المعاصرة كالاهتمام بالقرار وعملية اتخاذ القرارات على مستوى المنظمة وفق أسس علمية ومنطقية تحسن من أداء المنظمة وتعزز تنافسيتها السوقية، كذلك تبني المنظمات لمفهوم الإدارة بالأهداف وغيرها من المفاهيم التي تم إدراجها في فصول هذا العمل.

كان نتيجة انفتاح المنظمات على متغيرات البيئة الخارجية للأعمال تركيزها على هذه الأخيرة، حيث انتقل التحليل من المستوى التسييري داخل المنظمة إلى المستوى الاقتصادي بكل ما يمثله من منافسة وأسواق وتسويق وغيرها، أين أصبح التحليل ينصب على دور الفرد، دور الدولة، دور السوق ومدى تأثيرها على منظمات الأعمال، فظهرت نظرية الوكالة ونظرية تكاليف الصفقات، وتغير توجه منظمات الأعمال من منظمات كلاسيكية ذات نظام مغلق إلى منظمات أكثر انفتاحا وتعلما ومواكبة للمعطيات الجديدة. إن هذه التوجهات الجديدة وما أسفرت عنه من تفاعلات زاد من درجة الوعي التنظيمي وحدة الصراع وكذلك دور المورد البشري الذي أصبح أكثر مساهمة وتأثيرا، فبرز ما يسمى بإدارة الصراع التنظيمي ونظرية المفاوضات ونظرية الأجور وغيرها من المفاهيم، لتبقى منظمة الأعمال مجالا مفتوحا للدراسات والتجارب وتطوير المفاهيم والنظريات.